بما عند الله، بحيث يحبسها عما شُرِع له صَرْفها فيه، من التقتير على نفسِه وعيالِه، وعدم إظهارِ نعمة الله ﷿ ولا يُنفقها في وجوه الباطل التي لم تشرع، ولا يُبذّر، يكون ذلك زيادةً له في الخير.
وكم من غنيٍّ مُتَّصفٍ بذلك وأزيد منه، مثل: داود، وسليمان، ويوسف، وطوائف من الأنبياء -عليهم الصلاةُ والسلام-، وعثمان بن عفّان، وعبد الرحمن ابن عوف، وطلحة الفياض (١)
أحد العشرةِ ﵃، وسعد بن الربيع الذي قال: «أنا من أكثر الأنصار مالًا» (٢)، وقال له عبد الرحمن بن عوف: «بارك الله لك في أهلك ومالِك» (٣) ﵄، وغيرهم من الأولياء (٤) .
_________
(١) الفياض: الجواد الواسع العطاء. قال زهير في «ديوانه» (١٣٩):
وأبيض فيَّاض يداه غمامةٌ ... على مُعتفَيه ما تَغِبُّ نوافِلُه
وأصله من قولك: فاض الماء، إذا سال، وحديث مستفيض، أي: شائع منتشر، قاله الخطابي في «غريب الحديث» (٢/٢١٨-٢١٩)، وأسند خبرًا يدلل على كرمه، كنت قد خرجته بتطويل في تعليقي على «المستجاد» للتنوخي (رقم ٨) .
وفي خبر عند أبي عبيد في «الغريب» (٤/١٦٤)، وابن قتيبة في «إصلاح غلط أبي عبيد» (ص ١٢٨- ١٢٩)، بيان أنه ﵁ ترك مئة حمل مال مقدار الحمل منها ثلاثة قناطير، والقنطار مئة رطل.
(٢) قطعة من حديث فيه طول، أخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب البيوع (باب ما جاء في قول الله -تعالى-: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُواْ فِي الأَرْضِ ...﴾) (رقم ٢٠٤٨) من حديث عبد الرحمن بن عوف، ورقم (٢٠٤٩) من حديث أنس، وفيه قول عبد الرحمن بن عوف الآتي.
وطرف الحديث الأول عند البخاري برقم (٣٧٨٠)، وطرف الثاني بالأرقام: (٢٢٩٣، ٣٧٨١، ٣٩٣٧، ٥٠٧٢، ٥١٤٨، ٥١٥٣، ٥١٥٥، ٥١٦٧، ٦٠٨٢، ٦٣٨٦) .
وانظر عن (غنى) المذكورين وسخائهم: «الجواهر المجموعة» للسخاوي، و«المستجاد» للتنوخي، و«المستجاد» للدارقطني، و«مراقي الجنان» ليوسف بن عبد الهادي (فهرس الأعلام) فيها جميعًا، والتدليل على ذلك لا طائل تحته، لشهرته، ولأنه يطيل الهوامش، وفيما فعلنا كفاية إن شاء الله -تعالى-.
(٣) انظر الهامش السابق.
(٤) أذكر هنا مثالًا على كثرة ثروة الصحابة -رضوان الله عليهم جميعًا-، حتى يتبين لنا مبلغ =
1 / 89