• ما وقع بينه وبين عصريه السيوطي:
كان بين المصنّف الحافظ السَّخاوي من جهة، والبرهان البقاعي؛ والجلال السيوطي؛ والدِّيمي من جهة أخرى، ما بين الأقران، حتى اشتهر أن السيوطيَّ قال فيه مُضمِّنًا:
قل للسَّخاوي إِنْ تَعْروك نائبةٌ ... عِلْمي كبحر من الأمواج مُلْتَطمِ
والحافظ الدِّيَميُّ (١) غَيثُ السحاب فَخُذْ ... غَرْفًا من البحر أو رشفًا من الدِّيَمِ
وقال السيوطي في «نظم العقيان» (ص ١٥٢) أثناء ترجمة السَّخاوي:
«وسمع الكثير جدًّا على المسندين بمصر والشام والحجاز، وانتقى، وخرَّج لنفسه وغيره، مع كثرة لحنه، وعُريِّه من كل علم، بحيث إنه لا يحسن من غير الفنّ الحديثيّ شيئًا أصلًا، ثم أكبَّ على التاريخ، فأفنى فيه عمره، وأغرق فيه عمله، وسلَق فيه أعراض الناس (٢)،
وملأه بمساوىء الخلق، وكل ما رموه به إن
_________
(١) ترجمته في «الضوء اللامع» (٥/١٤٠)، وفيها انتقاد السَّخاوي له.
(٢) وتجد هذا عند السيوطي في أكثر من كتاب، ولا سيما «مقاماته»، انظر منها -على سبيل
المثال-: «الدوران الفلكي» (١/٣٩٤- «شرح المقامات»)، و«طرز العمامة» (٢/٧٦٦- «شرح المقامات») .
وكذلك فعل ابن إياس في «بدائع الزهور» (٢/٦١٦)، والشوكاني في غير ترجمة من «البدر الطالع» مثل ترجمة (الرملي) (٢/١٦٩)، وترجمة (سبط ابن حجر) (٢/٣٥٥)، فضلًا عن ترجمة السيوطي نفسه (١/٣٣٣)، فإنهم جميعًا ذكروا أن السخاوي بالغ في «الضوء اللامع» من الانتقاص من معاصريه!
وأورد عبد الحي اللكنوي في «تذكرة الراشد برد تبصرة الناقد» (ص ١٥٩- ضمن «مجموعة رسائله») (المجلد السادس)، نماذج كثيرةً من ذلك.
وكذلك فعل عنان في «مصر الإسلامية» (ص ٢٦٣-٢٧٥)، وتجاوز في عباراته إلى حدِّ التطاول عليه، وسيأتيك قريبًا -إن شاء الله تعالى- نتف من كلامه، وكأني بالسخاوي يدفع عن نفسه هذه التهمة، لما قال في «الجواهر والدرر» (٢/٦٨٥-٦٨٦) -وقد ذكر من كتب ابن حجر: «معجم شيوخه»، و«قضاة مصر» - قال:
«وقد نزه كثير من الناس صاحب الترجمة عن هذا الكتاب، وكذا عن «معجم شيوخه» و«قضاة =
1 / 53