سر الفصاحة
سر الفصاحة
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م
لأن تلك يدركها الضعيف البصر ويتعذر عليه إدراك هذه ولو اعتبرنا هذا في الكلام وفهم البليد له لاعتبرنا ذلك في النقوش وإدراك الضعيف البصر لهًا وهذا فاسد. ويلزم من ذهب إلى اختيار العبارة عن المعنى بالألفاظ الكثيرة من حيث كان ذلك سببًا لفهم عوام الناس ومن لا يسبق ذهنه إلى تصور المعنى أن يختار الألفاظ العامية المبتذلة على الألفاظ الفصيحة التي لم تكثر استعمالها العامة ولا ابتذلوهًا لأن علته في اختيار الطويل لأجل فهمهم له قائمة في الألفاظ المتبذلة ولا خلاف أنهم إلى فهمها أقرب من فهم ما يقل ابتذالهم له وهذا مما لا يذهب إليه أحد ولا التزامه ملتزم.
وقد قسموا دلالة الألفاظ على المعاني ثلاثة أقسام أحدها المساواة وهو أن يكون المعنى وفاضلًا عنه والثالث الإشارة وهو أن يكون المعنى زائدًا على اللفظ. أي أنه لفظ موجز يدل على معنى طويل على وجه الإشارة واللمحة.
وقالوا: إن التذبيل يصلح للمواقف الجامعة وبحيث يكون الكلام مخاطبًا به عامة الناس ومن لايسبق ذهنه إلى تصور المعاني والإشارة تصلح لمخاطبة الخلفاء والملوك ومن يقتضى حسن الأدب عنده التخفيف في خطابه وتجنب الإطالة فيما يتكلف سماعه والمساواة إلي هي الوسط بني هذين الطرفين من الإشارة والتذبيل تصلح للوسط بين الطرفين اللذين هما الملوك وعوام الناس. والذي عندي في هذا ما ذكرته وهو أن المختار في الفصاحة والدال على البلاغة هو أن يكون المعنى مساويًا للفظ أو زائدًا عليه وأعنى بقولي زائدًا عليه أن يكون اللفظ القليل يدل على المعنى الكثير دلالة واضحة ظاهرة لا أن تكون الألفاظ لفرط إيجازها قد ألبست المعنى وأغمضته حتى يحتاج في استنباطه إلى
1 / 207