الفصل الثاني من أقوى ما يقال لهم بعث الأنبياء لتأتي بما أراده الله منها أو لا
فإن قالوا بما أراد قلنا أرادوا إيمان الكافر فيكون الله تعالى مريدا لإيمان الكافر وهو خلاف قولكم وإن قالوا بعثوا ليأتوا بما لا يريد قلنا هذا كفر وإلا لكان مسيلمة الكذاب أتى بموافق إرادة الله تعالى وخالفها النبي الصادق ويقال لهم إذا جوزتم أن يفعل الله ما هو قبيح في الشاهد ولا يقبح منه لزمكم جواز أن يخبر عن الشيء بخلاف ما هو عليه ولا يقبح منه وقد التزمه العطوي وقال إنه ليس بأعظم من القبائح غيره.
والأشاعرة قالوا إنما لم يقل الكذب لأنه صادق لذاته ولو كان الكلام فعلا لما قبح منه ذلك قلنا قد ألزمناكم أن لا يكون صادقا فبينوا الآن أنه صادق لذاته على أن الكلام المسموع فعل عندكم فما يؤمنكم أن يكون كذبا وأن الكلام النفساني أخبر بخلاف ما أخبر المسموع بأن يكون فيه النار دار الأبرار والجنة دار الكفار إلزام آخر يقال لهم إذا صح أن يفعل الظلم صح أن يأمر به وكلما تجيبون في المنع من الأمر به قائم في المنع من فعله قالوا أمر بالصلاة وغيرها ولا يفعل قلنا هذا عكس إلزامنا لأنا قلنا إذا صح أن يفعل صح أن يأمر وأنتم قلتم إذا صح أن يأمر صح أن يفعل إلزام آخر إذا صح أن يفعل القبائح ولا يقبح منه صح أن ينصب الأدلة على الباطل ولا يقبح منه إذ ليس بأعظم من الإضلال عن الدين وخلق تكذيب النبيين وتجويز ذلك يرفع الثقة بحقية مذهب المسلمين لجواز أن يخرج المعاجز على يد الكاذبين ويمنع منها النبيين الصادقين وناهيك بذلك فسادا في الدين إلزام آخر إذا جاز أن يخلق التكذيب والكفر في الضلال جاز بالأولى أن يبعث الأنبياء يدعون إلى الضلال فيمتنع القطع بدعوى الأنبياء إلى الحق وذلك من أعظم المحال حيث لم يبق لأحد مجال عن سبيل الوبال.
صفحہ 35