سيرة الملوك التباعنة
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
اصناف
فالتبع الغائب عن كل وعي وإدراك، أصبح لا حلم له على طول ملكه المترامي سوى انتظار تلك الليلة التي ستأتيه بالجليلة بنت مرة.
وهنا يكون قد حقق هدفين بحجر واحد، أولهما استحواذه على الجليلة بنت مرة بجمالها ومواهبها ومدى الشعبية الجارفة التي تتمتع بها على طول هذه البلاد التي جاءها غازيا فاتحا.
ثانيهما هو نجاحه في ضرب وفرط عقد ذلك التحالف بين «بني مرة» وبين «بني ربيعة» التغلبيين الفلسطينيين. - وهو ما لم يدركه الجميع.
هكذا أسر الملك حسان لنفسه، مبررا مدى انكبابه على استعدادات التحضير لعرسه وزواجه من ابنة آل مرة.
بل وبهذا المنطق المتعقل نفسه واجه التبع حسان وزيره المقرب «حنظلة» في محاولة لتبصيره بأهدافه من إنجاح خطوات ومراحل هذا الزواج بالشكل اللائق، واعدا ومتعهدا بالتفرغ لحل كل ما استجد من مشاكل، وعلى رأسها بالطبع تشتيت فلول «بني ربيعة» وأميرهم المتمرد في شعاب الجبال المحيطة. - كليب بن ربيعة، وشقيقه الأصغر الملقب بسالم أو الزير سالم.
فكيف للملك حسان، أن يغفل لحظة عن كليب، وذلك الانتقام المبيت له، خاصة وهو الذي - أي حسان - سبق له صلب والده ربيعة على بوابات دمشق.
بل إن التبع أرسل فعلا بقواده وعيونه من كل حدب وصوب لترصد أخبار كليب وتصيده أينما كان، في لبنان أو وادي الأردن وفلسطين أو شمال الجزيرة العربية.
لكن الغريب هو انقطاع أخبار كليب وكل أثر له من كل تلك البقاع والوهاد، خاصة عقب إعلان التبع الزواج من الجليلة - خطيبة كليب السابقة - وموافقة أهلها وموافقتها هي ذاتها على ذلك.
وهكذا فشلت كل محاولات التبع حسان للإيقاع بكليب، أو حتى مجرد معرفة ما حل به، سواء عقب مقتل والده، أو عقب تخلي الجليلة بنت مرة عنه، مفضلة الارتباط والزواج بالملك الغازي المنتصر. - فلعله الآن، نهبا لأحقاده ينهشه الندم.
لكن كيف للتبع حسان أن يهدأ بالا، ما دام كليب بن ربيعة حرا طليقا، هو ورجاله من بني ربيعة.
نامعلوم صفحہ