سيرة الملوك التباعنة
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
اصناف
هنا عجزت الذراع المشهرة الضاربة فتراجعت كمن شلت للحظة عن كل حركة، ونزلت قمرية من فورها مسرعة فزعة عن حصانها متفرسة في وجهه، وبالتحديد على شامة التباعنة الخضراء على جبينه، بينما خلع هو أقنعة تنكره وأزال الأصباغ عن وجهه وصدره العاري مسرعا: هو ... سيف!
وللحظة سريعة كمثل برق خاطف اقتنصت نظرات - الأم قمرية - المدققة ملامح ذو اليزن - والده - السمحة الفائقة النبل، منكبة عليه محتضنة إياه في حنو: هيكل ... سيف ... ولدي.
استدارت كمن تعلن لحرسها في انبهار لا يصدق أبعاد وحقيقة ما حدث. - سيف بن ذي يزن ... حذار.
وقبل أن تمتد يد لتخلصه من فخاخه كان هو قد اندفع نافضا عنه قيوده قائما منتصبا على قدميه في حيوية مصافحا أمه، متطلعا في وجوه فرسانها وكأنما يحيي بابتسامته الصافية أصدقاء أعزاء قدامى. - عدنا ... مرحبا ... أمي الحبيبة.
استدار مستطلعا من فوره سير المعارك الطاحنة الضارية الدائرة على طوال الساحات الواسعة في شوارع - أحمرا - المتقاطعة والجانبية عبر شرفات القصر الشاهق المرتفع البنيان، بما يسمح بجلاء ووضوح رؤية كل شيء على طول السهول والوديان، وعلى طول النهر الفضي العريض المتدفق جاريا إلى الشمال.
وبدا واضحا للعيان هدف الأحباش وحلفائهم المستهدف لقصر ذو اليزن ذاته حيث الملكة: أفعى أحمرا.
إلى درجة دفعت بقمرية إلى التخلي عن ابنها - سيف - مشيرة صارخة: انتبهوا ... غربا ... غربا.
إلا أن تراخي ابنها منفلتا من بين أحضانها مستبشرا ضاحكا، أعاد إليها من جديد تنهدها مشيرة للخطر المرتقب: تقدموا.
لحظتها تزايدت أكثر ضحكات سيف وهو ينفض عنه غبار معاركه مقهقها في عنف، وهو يقارب قمرية مجددا محاولا إعادة إنزالها من فوق صهوة جوادها، مما ضاعف من سخطها عليه، إلى أن قال سيف بن ذي يزن؛ موضحا: إنهم جنودي، جنودك أيتها الملكة الأم، المنتصرة، «ضاحكها» انتبهي.
تردد بصر قمرية بين حشود الجند المسرعة العدو باتجاه المدخل الغربي لقصر القلعة، وبين ضحكات سيف واستبشاره ممتطيا من فوره ظهر حصانه مشيرا لفيالق الجنود المقتربة، مهللة بالنصر، محيطة به من كل جانب في تعال. - المجد لتبع حمير المنتظر.
نامعلوم صفحہ