وحكي أنه كان يسير في طريق كلار فطلب ممطرا له من بندار صاحبه، فقال: هو على بغل لبيت المال، فأنكر عليه. وقال: متى عهدتني أستجيز حمل ملبوسي على دواب بيت المال، وأمر بإخراجه وتوفير الكرى من ماله على بيت المال.
وكان يصرف من خاص ماله إلى بيت المال مايكون عوضا عما ترسله الكتاب في أول الكتب وتفرجه(1) بين السطور إلى الكبار.
وحكى القاضي يوسف أن شيئا من المقشر حمل إلى داره لصرفه في مصالح المسلمين فالتقط منه حبات بعض الدجج التي تقتنى لأكله خاصة، فغرم من ماله أضعاف ذلك. وأظنني سمعته يقول: صرف الدجاج إلى بيت المال.
وحكي أنه لما ماتت ابنته أمر بنزع الأوتاد من الحائط، وتفريغ المملحة عما فيها من ملح، والنفط الذي في المسرجة إلى غير ذلك من المحقرات، وأمر بتقويمها إلى أن يدرك أولادها.
وكان إذا أراد دخول الحمام بهوسم استأجر يوما بثمن معلوم، واستأجر الحمامي لحفظ ثيابه.
وشكا إليه ابنه الأمير أبو القاسم ضيق يده، وقلة نصيبه من بيت المال، واستأذنه في الانصراف فأطلق له ذلك، فقال له أصحابه: إن أبا القاسم فارس فاره ولاغنى عن مثله، فلو أطلق له مايكفيه. فقال: إني أدر عليه مايصيبه ولايمكن الزيادة عليه، فإن الله سبحانه أمر بالتسوية بين الأولاد والأجانب.
وحكى القاضي يوسف أن بعض النقباء كان واقفا بين يديه فلما أراد رحمه الله دخول البيت حول حمسكه فلما شاهد صنيع النقيب جلس وقال: ياهذا من أمرك بما صنعت، ثم دعا ببندار(2) وسأله عن مشاهرة النقيب، فقال: ثلثي دينار، قال: رده إلى نصف دينار وتحط(3) الباقي، واكتبه علي فإني لا آمن أن يعود إلى مثل ذلك.
صفحہ 5