السوسي اختيارا منه، والمشهور عند النقلة إجراء الوجهين لكل منهما ثم إن الناظم اعتمد على القاعدة المصطلح عليها غالبا وهو أن الإدغام يمتنع مع التحقيق فحصل لأبي عمرو في القصيد مذهبان مرتبان وهما المتقابلان الإدغام مع الإبدال للسوسي والإظهار مع الهمز للدوري وهما المحكيان عن الناظم في الإقراء كما قال السخاوي ونقص عن التيسير مذهب الإبدال مع الإظهار لأن المفهوم من التيسير ثلاثة أوجه: الإدغام والإبدال من قوله إذا قرأ بالإدغام لم يهمز والإظهار
والهمز من ضده أي إذا لم يدغم همز والإظهار والإبدال من قوله إذا أدرج القراءة أي ولم يدغم لا يهمز معناه إذا أسرع وأظهر خفف وقدرنا إذا أدرج ولم يدغم لعطفه الإدغام على الدرج بأو.
ففي كلمة عنه مناسككم وما ... سلككم وباقي الباب ليس معوّلا
اعلم أن المثلثين إذا التقيا فإما أن يكونا في كلمة أو في كلمتين فإن كانا في كلمة واحدة فالمنقول عن أبي عمرو المعول عليه إدغام الكاف في مثلها أي في الكاف من هاتين الكلمتين وهما: فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ [البقرة: ٢٠٠]، وما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ [المدثر: ٤٢]، وباقي الباب ليس معولا أي باقي كل مثلين اجتمعا في كلمة واحدة نحو بأعيننا وجباههم وبشرككم فإنه روي عن أبي عمرو إدغامه ولكنه متروك لا يعول عليه فليس فيه إلا الإظهار والهاء في عنه لأبي عمرو أي أدغم السوسي عن أبي عمرو مناسككم وما سلككم وقوله: ففي كلمة تقرأ في البيت بسكون اللام ومناسككم بإظهار الكاف مع إسكان الميم وبالإدغام مع صلة الميم وما سلككم بالإدغام وسكون الميم للوزن.
وما كان من مثلين في كلمتيهما ... فلا بدّ من إدغام ما كان أوّلا
كيعلم ما فيه هدى وطبعّ عليّ ... قلوبهم والعفو وأمر تمثّلا
أي إذا التقى حرفان متماثلان متحركان بأي حركة تحركا سكن ما قبل الأول أو تحرك أولهما آخر كلمة وثانيهما أول كلمة أخرى وارتفع المانع الآتي ذكره وجب إدغام الأول منهما في الثاني للسوسي في الوصل ثم أتى بأربعة أمثلة تضمنت ثلاثة أنواع عليها مدار الباب وذلك أن الحرف المدغم إما أن يكون قبله متحركا أولا فإن كان متحركا فمثاله يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ [البقرة: ٢٥٥]، وطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ [التوبة: ٨٧]، وإن لم يكن قبله متحرك فإما أن يكون حرف مد أو لا فإن كان حرف مد فمثاله فيه هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة: ٢]، وإن لم يكن حرف مد فهو حرف صحيح فمثاله خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ [الأعراف:
١٩٩]، واعلم أن قراءة المثالين الأولين والأخير في البيت بالإظهار وهاء فيه بالصلة للرواية وإن جاز حذفها وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ [التوبة: ٨٧]، بالإدغام وصلة الميم ثم ذكر موانع الإدغام فقال:
إذا لم يكن تا مخبر أو مخاطب ... أو المكتسى تنوينه أو مشقّلا
ككنت ترابا أنت تكره واسع ... عليم وأيضا تمّ ميقات مثّلا
الضمير في يكن عائد إلى قوله ما كان أولا أي أدغم السوسي الأول من المثلين إذا لم يكن ذلك الأول تاء مخبر أي ضميرا هو تاء دالة على المتكلم نحو كُنْتُ تُرابًا [النبأ: ٤]، أو يكن تاء مخاطب نحو أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ [يونس: ٩٩]، أو يكون الذي اكتسى تنوينه
نحو واسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة: ١١٥]، أي تنوينا فاصلا بين الحرفين، وأشار
1 / 34