سینما اور فلسفہ: ایک دوسرے کو کیا پیش کرتا ہے
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
اصناف
بناء على ذلك، ماذا يرى العرافون فعليا عندما يشهدون جريمة قتل مستقبلية؟ إنهم لا يرون المستقبل، بل يرون مستقبلا محتملا؛ أي يرون ما كان سيصبح عليه العالم لو لم تغير نبوءتهم الأوضاع. لكن هذا ليس شكلا عاديا من أشكال تدفق المعلومات من المستقبل إلى الحاضر، بل يتضمن الاطلاع على شيء مختلف كليا: لا مستقبل هذا العالم، بل مستقبل عالم محتمل مشابه. وفكرة أن أحد سكان عالم محتمل يمكنه فعليا الاطلاع على أحداث خاصة بعالم آخر محتمل، تبدو غير منطقية وفقا لأي رؤية متماسكة لمفهوم العوالم المحتملة. إن الخطأ الفلسفي الذي وقع فيه كاتبا السيناريو هو التركيز على «رؤية» المستقبل. إذا كان العرافون يستنتجون، بطريقة غامضة، مستقبلا مشروطا بدلا من رؤيته رأي العين، فستمضي القصة في مسارها دون مواجهة هذا القدر من العقبات الميتافيزيقية (على الرغم من أن فكرة استنتاج المستقبل بهذه الطريقة فكرة سخيفة في حد ذاتها). لكن في الوضع الحالي، لا يمكننا إنقاذ القصة مما تتضمنه من التباس.
مع ذلك، حقيقة أن الأسس الميتافيزيقية لفيلم «تقرير الأقلية» واهية بالفعل لا تحرم الفيلم من نزعته الفلسفية؛ فهو لا يزال يجسد نموذجا اختباريا مثيرا للاهتمام بالفعل، من أجل تقييم معتقداتنا البديهية حول الحرية والقدر والمسئولية. دعونا إذن نحول أنظارنا إلى الفلسفة التي يستند إليها هذا الجانب من الفيلم.
فلسفة القدر
القدرية هي الرؤية الدافعة بأن كل أفعالنا محتومة، وأننا عاجزون عن تغيير قدرنا. وهي تتضمن ثلاث تنويعات رئيسية: القدرية الميتافيزيقية والقدرية اللاهوتية والحتمية السببية، وجميعها محل جدل فلسفي. القدرية الميتافيزيقية (يطلق عليها أحيانا القدرية المنطقية) هي استنتاج توصل إليه بعض الفلاسفة من النظرية الرباعية الأبعاد للزمن التي عرضناها في الفصل السادس. تذكر قصة السفر عبر الزمن التي بدأنا بها فصلنا الحالي، حيث سافرت إلى مستقبل يبعد 36 ساعة عن زمنك، وشاهدت نفسك ترتكب جريمة قتل. لقد أصبح قدرك محسوما، وأصبح ارتكابك جريمة القتل حقيقة مستقبلية، وبما أنها ستحدث، فلا يمكنك فعل أي شيء لمنعها من الحدوث. تلك هي طبيعة الحقائق. وفقا للميتافيزيقية القدرية، جميع حقائق المستقبل محسومة بالفعل على هذا النحو. والشيء الغريب الوحيد في قصتنا هنا هو أنك عرفت قدرك مسبقا، لكن وجود قدر لكل منا لا يعتمد على معرفتنا له؛ فلكل منا قدره بصرف النظر عن ذلك. وما الحياة سوى مهمة اكتشاف هذا القدر. تضيف القدرية اللاهوتية بعدا خاصا إلى هذه القصة عبر الاحتكام إلى علم الله وقدرته غير المحدودة؛ فعندما قرر الله خلق العالم كان على علم تام بكل حدث سيقع فيه. وإذا كان يريد منا التصرف على نحو مختلف ، فقد كان بوسعه خلق عالم مختلف. نحن إذن ضحايا اختيار الله.
يهدد كل من القدرية الميتافيزيقية والقدرية اللاهوتية فيما يبدو اعتقادنا بأننا أفراد أحرار؛ إذ تصورنا ككائنات عاجزة عن تبديل مصيرها؛ أي ضحايا للحقائق المستقبلية أو ضحايا لاختيارات الله فيما يتعلق بالخلق. أما النوع الثالث من القدرية وهو الحتمية السببية، فيجعلنا ضحايا الماضي. وهي الرؤية التي غالبا ما سنشير لها اختصارا بالحتمية، ومفادها أن كل وضع يعيشه العالم استلزم وجوده وضع سابق للعالم. عندما دحرج أندرتون الكرة على سطح مكتبه، تآمرت قواعد الفيزياء جنبا إلى جنب مع شتى عناصر الموقف كي تضمن تدحرج الكرة حتى نهاية المكتب ثم سقوطها أرضا. لا خيار أمام الكرة سوى التدحرج على سطح المكتب حتى تسقط. وهذا معناه - على سبيل التقريب - أنه نتيجة لقواعد الفيزياء ذات الصلة، ولوضع الكرة المبدئي قبل أن تشرع في رحلتها على سطح المكتب، إلى جانب الظروف الأخرى المحددة للموقف (مثل الاحتكاك بين الكرة وسطح المكتب، والضغط الجوي، وجاذبية الأرض، وعدم وجود عوائق، وغيرها من الظروف المعيقة)، لا بد أن تتدحرج الكرة، لا سبيل أمامها سوى التدحرج. لكن ويتوير يلتقطها بعد ذلك. ماذا حدث هنا؟ لقد رأى ويتوير الكرة، وقدر مسار رحلتها بمجرد أن غادرت سطح المكتب، ثم قرر التقاطها، فجهز عضلاته، واتخذ وضع الالتقاط، وشعر باصطدام الكرة براحة يديه، وأخيرا أطبق أصابعه حولها. هذا بالطبع شرح مختصر لفعل الالتقاط؛ إذ توجد الكثير من العمليات الأخرى التي يتطلبها إتمام هذا الفعل. لكن هل أي من النقاط المتضمنة في تسلسل العلة والمعلول السابق تختلف عن كونها مجرد وصف أكثر تعقيدا لعملية تدحرج الكرة؟ هل توجد أي نقطة في هذا التسلسل لا تستلزمها أوضاع سابقة؟ ربما كان قرار ويتوير بالتقاط الكرة هو أوضح نقطة؛ فالقرار هو فعل عقلي. هل هو مجرد عنصر آخر من تسلسل العلة والمعلول الذي يفرض تأثيره في هذا السيناريو؟ هل قرار ويتوير فرضته الأوضاع السابقة؟ يجيب الحتميون عن هذا السؤال بنعم؛ فهم يعتقدون أن كل ما يحدث في هذا العالم استوجبته أوضاع سابقة له؛ ومن ثم فقرار ويتوير بالتقاط الكرة الساقطة استلزمته الأوضاع السابقة للعالم (الأوضاع السابقة لدماغه على الأرجح).
إذن تمثل الحتمية سبيلا آخر لجعل أقدارنا محسومة. إذا كانت الحتمية صحيحة، فإن كل قرار نتخذه استوجبته أوضاع سابقة في هذا العالم. ويمتد تسلسل الحتمية هذا إلى ما قبل مولدنا؛ فكل فكرة خطرت ببالنا، وكل خيار اتخذناه كان محسوما من قبل أن نولد. لقد وقعنا في قبضة عالم ميكانيكي لا يرحم. لكن ربما جانب الحتميين الصواب في هذه النقطة؛ فهناك مبرر قوي يدفعنا للاعتقاد بأن بعض الأحداث على الأقل لا تستوجبها أوضاع سابقة للعالم. ويبدو أن أحداثا في مناطق محدودة للغاية من العالم تحكمها قوانين لا تستوجب - بل تعدد - احتمالات ما يمكن أن يقع. على سبيل المثال، قد تنص قوانين الفيزياء على أن ذرة عنصر البلوتونيوم احتمال تحللها في غضون 24100 عام (تقريبا) هو 50 بالمائة إذا تحللت الذرة فجأة، يصبح هذا التحلل أمرا غير متوقع لأنه لا يوجد ما يحتم حدوثه. لم يكن لزاما على الذرة التحلل اليوم. لكن هذا هو ما حدث فحسب. إذا كانت قصة التحلل الإشعاعي هذه صحيحة، فيمكننا القول بأن بعض الأحداث على الأقل لا تستوجبها أحداث ماضية. هل يساعدنا هذا على الهرب من فكرة الحتمية فيما يتعلق باختيارات البشر؟ لا يمكننا الجزم بهذا على الإطلاق. ربما كانت بعض العمليات السببية المتضمنة في عملية الاختيار لدينا غير حتمية، مثلما كان التحلل الإشعاعي غير حتمي. لكن ربما لا يكون الوضع كذلك أيضا. إذا كانت الاختيارات هي أحداثا تقع في دماغنا، فربما كانت تحدث على نطاق كبير بما يكفي لأن تصبح معها قوانين اللاحتمية غير منطبقة عليها. وربما كانت حالة اللاحتمية الواضحة على المستوى الكمي تنعكس على مستوى الأحداث الدماغية. إذا كانت الأحداث العقلية هي أحداثا دماغية، فربما كانت تخضع بالفعل لنظام حتمي لا محالة قائم على السبب والنتيجة.
لدينا إذن ثلاثة أشكال من القدرية، قائمة على مسلمات مختلفة، ولا ينبغي الخلط بينها. القدرية اللاهوتية والحتمية السببية تضفيان مكونا إضافيا خاصا بهما إلى الموقف القدري الميتافيزيقي؛ فتضيف القدرية اللاهوتية خلق الله المطلق القدرة والعلم لهذا العالم، بينما تضيف الحتمية السببية فكرة أن الماضي يستلزم المستقبل. يمكن للمرء اعتناق وجهة النظر القدرية الميتافيزيقية دون أن يكون مؤمنا بالحتمية، لكن العكس مستبعد. لا يتضح أي نوع من القدرية - القدرية الميتافيزيقية أم الحتمية السببية - يتناوله فيلم «تقرير الأقلية». لكن هذا لا يهم كثيرا لأن اهتمامات الفيلم الفلسفية تكمن غالبا في الروابط المفاهيمية التي يخلقها بين القدرية والإرادة الحرة والمسئولية الأخلاقية. لا يمنحنا الفيلم أي مبرر للإيمان بالقدرية أو نبذها، لكنه يطرح أسئلة مفاهيمية حول العلاقة بين الإرادة الحرة والمسئولية الأخلاقية والقدر.
فلسفة الإرادة الحرة والمسئولية الأخلاقية
القضية الفلسفية المهمة في هذه المرحلة تتمحور حول السؤال التالي: كيف يؤثر شكل أو آخر من أشكال القدرية على إمكانية وجود الإرادة الحرة والمسئولية الأخلاقية؟ ثمة منهجان فلسفيان رئيسيان للتعامل مع هذه القضية، وهما التوافقية واللاتوافقية.
يرى أتباع المنهج اللاتوافقي أن الإرادة الحرة لا تتوافق مع القدرية؛ فلكي يكون المرء حرا في أفعاله لا بد أن يكون المستقبل مفتوحا؛ ما يعني أن المستقبل لا يقرره الماضي (بحيث نتفادى الحتمية السببية) أو أن المستقبل ليس واقعا بعد (بحيث نتفادى الحتمية الميتافيزيقية). تتطلب النظريات اللاتوافقية للإرادة الحرة ألا تقرر الأحداث الماضية اختيارات البشر (بحيث نتفادى الحتمية السببية). وقد يرجع ذلك إلى أن الاختيارات لا تدفعها أسباب، أو تدفعها أسباب لا تتعلق بأحداث سابقة، أو تدفعها أسباب خاصة بالشخص نفسه. الاحتمال الأخير قائم على فرضية تدعى سببية الفاعل، وهي نوع من السببية يدفع بأن الأحداث لا يتسبب في وقوعها القوى السببية للأحداث الماضية، بل القوى السببية للجوهر؛ أي الفاعل نفسه. حسب نظريات سببية الفاعل، يوجد نوعان من السببية. في بعض الأحيان تتضمن السببية وجود علاقة بين الأحداث (كأن يأتيك الضوء بعدما تضغط على زر الإضاءة)، وفي أحيان أخرى يتضمن علاقة بين الجوهر - وهو الفاعل - والحدث (كما في حالة خلق الله للعالم، أو عندما يتخذ الفرد قرارا). غالبا ما ينظر إلى سببية الفاعل على أنها رؤية معادية للسببية، لكن النظريات اللاتوافقية البديلة للإرادة الحرة تملك معضلات خاصة بها كذلك؛
نامعلوم صفحہ