سینما اور فلسفہ: ایک دوسرے کو کیا پیش کرتا ہے
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
اصناف
2
عندما يقدم لنا أحد الأفلام شخصية أعدت لأداء دور روبوت واع ضمن أحداث الفيلم، لا بد أن نستنتج كونه واعيا من طريقة تصرفه. لكن لدى صناع الأفلام طرق كثيرة لضمان توصلنا إلى هذا الاستنتاج دون الخوض في مناقشة حول ما إذا كان الروبوت واعيا حقا أم لا.
3
نحن نميل إلى عزو الوعي إلى الروبوت ما دام سلوكه يبدو ذكيا وصريحا وذا معنى وما دام الروبوت يعامل في الفيلم كما لو كان واعيا (على سبيل المثال الروبوت هال في فيلم «2001: ملحمة الفضاء» (2001: سبايس أوديسي) (1968))؛ ومن ثم ننقاد بسهولة إلى تبني ما يطلق عليه الفيلسوف دانيال دانيت (1989) «الموقف القصدي» حيال تلك التجسيدات. يسهل صناع الأفلام هذه المهمة عبر إعطاء الروبوت شكلا بشريا (مثل الروبوت سوني في فيلم «أنا روبوت» (آي روبوت) (2004))، ويجعلونها في غاية السهولة حقا عندما يسندون دور الروبوت إلى شخص حقيقي (مثل روبن وليامز في فيلم «رجل المائتي سنة» (بايسينتينيال مان) (1999)). وفي «ذكاء اصطناعي» تمكن سبيلبيرج من تحقيق التأثير الذي أراده عبر إسناد دور الروبوت الصبي إلى صبي حقيقي وهو هالي جويل أوزمنت (حقا قد ولت أيام الروبوت المعدني أرتو دي تو في فيلم «حرب النجوم»).
يقدم الفيلم شخصية ديفيد في دور روبوت واع تماما، ويعلن عن هذا بوضوح؛ إذ تصرح شخصية البروفيسور هوبي في بداية الفيلم (الدقيقة 6) أن ديفيد هو نوع جديد من الروبوتات، نوع مصمم بحيث يتمتع بحياة داخلية ؛ أي إنه يشعر ويتخيل ويتوق ويحلم. هل كان هوبي محقا في وصفه للروبوت؟ هذا هو السؤال الذي سننشغل به على مدار هذا الفصل. لا «يبدو» ديفيد واعيا فحسب، بل يتمتع بوعي عميق ومتكامل؛ فلا يبدو مستوعبا لما يحيط به فقط، بل يجاهد لإرضاء رغباته، ويشعر بمشاعر على ما يبدو. يبدو أنه يشعر بحب الصبي لأمه (ليست أمه الحقيقية بالطبع بل مونيكا؛ الشخصية التي يعتبرها أمه). ينطلق ديفيد في مسعاه للتحول إلى صبي حقيقي (أي صبي عضوي لا آلي) من أجل أن يستعيد حب مونيكا. ويخبرنا الشعار الدعائي أن حبه حقيقي، لكن كيف يتأتى هذا؟ ما الذي يحتاجه الحب كي يصبح حقيقيا؟ قبل أن نشق طريقنا عبر فلسفة الذكاء الاصطناعي، يجدر بنا التوقف للحظة وتأمل هذا السؤال. ما الذي يجعل الحب حبا حقيقيا؟ تعتمد الإجابة بالطبع على ما نعنيه بالحب.
لا يحب الطفل والديه مثلما قد يحب شخص ناضج شخصا آخر ناضجا، أو مثلما قد يحب شخص ناضج طفلا (على الرغم من أن التشابه بين الحالتين جدير بالملاحظة). حب الطفل هو شكل من الاعتماد العاطفي في المقام الأول - شكل خاص مفعم بالحيوية، لكنه في النهاية يظل شكلا من الاعتماد. يتألف حب ديفيد من ميل إلى إبداء العاطفة، مرارا وتكرارا، إلى جانب نوع من الحاجة الملحة، الحاجة إلى عاطفة مونيكا وقربها واهتمامها وقبولها وحضورها. لا يحتاج ديفيد أن ترعاه مونيكا بطريقة عملية (فهو روبوت، وهي ليست مسئولة عن صيانته). رغم ذلك هو يحتاج أن «تهتم» به. لا يحتاج ديفيد أن تكون مونيكا سعيدة فقط، بل يحتاج أن تكون سعيدة معه؛ أي راضية عنه وسعيدة في صحبته أيضا. في بلاد الإغريق قديما، ميز الفلاسفة بين ثلاثة أنواع من الحب: الحب الشهواني، والمحبة، والألفة. يعتمد الحب الشهواني - وهو عادة، وإن لم يكن بالضرورة، الحب الشبقي أو الجنسي - على رغبة وحاجة عاطفية (الحاجة العاطفية هي رغبة قد تؤدي حال عدم إرضائها إلى ضرر عاطفي كبير). أما المحبة الخالصة فهي نوع من الحب المنزه من الأغراض ، الحب الذي يمنح المتلقي قيمة بدلا من أن يستمد منه قيمة، ونموذجه هو الحب الذي يقال أحيانا إن الله يشعر به تجاه البشر، وربما المخلوقات جميعها، أو حب الوالدين لطفلهما. وعلى النقيض تأتي الألفة، وهي مزيج من النوعين. عمليا هي نوع من المتعة المستمدة من الصداقة، ومن الاهتمام والاحترام اللذين يكنهما المرء لأصدقائه. في ضوء هذا التصنيف الثلاثي، يبدو أن حب الطفل لوالديه شكل من الحب الشهواني وحب ديفيد لمونيكا يجسد نموذجا معبرا عن ذلك. في هذا الصدد يبدو حب ديفيد لأمه لا يختلف كثيرا عما تتوقع من أي طفل طبيعي في الحادية عشرة من عمره. هو حنون وأناني ومتمركز حول ذاته وضعيف وحساس.
ربما يبدو حب ديفيد لمونيكا أشبه كثيرا بحب الطفل، لكن هل يحبها حقا؟ يمنعنا سببان من الإجابة عن هذا السؤال بنعم. الأول أمر ذكرناه بالفعل؛ وهو أن ديفيد روبوت، ليس إنسانا من لحم ودم، هو إنسان آلي أو «ميكا» كما يطلقون عليه في الفيلم. هل يعتبر حب الإنسان الآلي تجربة عاطفية من الأساس؟ ربما كان حبه مجموعة من السلوكيات الروتينية التي تحاكي سلوك الحب ليس إلا. ربما هو شيء يشبه الحب كثيرا من الناحية الظاهرية، بينما لا يحوي في باطنه سوى فراغ. ربما كان الأمر كذلك. لكن يوجد سبب آخر يدفعنا إلى الشك في حقيقة أو أصالة حب ديفيد لمونيكا؛ لقد صمم ديفيد خصوصا كي يتعلق عاطفيا برمز أبوي. هل الحب الذي زرعه المصمم داخله هو حب حقيقي؟ هل هو حب «أصيل»؟ لقد صمم ديفيد كي يحب، بطريقته الطفولية بالغة الحدة، الشخص الذي يطبع بصمته عليه أولا. يقتضي نظام البصمة ترديد قائمة من كلمات مفتاحية بالترتيب مع لمس جسد ديفيد عند نقاط معينة. وهي عملية محددة سلفا إلى حد كبير، وآلية. رغم ذلك فإن مشهد طبع البصمة (الذي يبدأ في الدقيقة 21، الثانية 45 من الفيلم) مشهد رائع حقا بفضل أداء أوزمنت البارع والبعيد عن المبالغة. قبل طبع البصمة، يؤدي أوزمنت دور ديفيد أداء متصلبا للغاية؛ إذ يجلس جامدا بينما تعلو وجهه ابتسامة ثابتة أشبه بابتسامة معتوه. يبدو وجه ديفيد عادة إما جامدا أو مشوها نتيجة لتعبير مبالغ فيه (كما هي الحال في مشهد الضحك في الدقيقة 19، الثانية 50 من الفيلم). لكن في مشهد طبع البصمة تلين ملامح ديفيد، وتبدو نظرته أكثر طبيعية، ويكتسب التعبير على وجهه سمتا أكثر بشرية. إن عملية طبع البصمة تحول الروبوت إلى شيء أشبه كثيرا بالإنسان. لكنها رغم ذلك ليست سوى عملية مثبتة داخله مسبقا. هي ليست تجربة اختار ديفيد خوضها أو شيئا حدث له في المسار الطبيعي للأحداث، بل هي عملية أعد لخوضها بطريقة محددة جدا. هل يعني هذا أن ارتباط ديفيد العاطفي بمونيكا ارتباط مصطنع ومزيف؟
من الصعب تحديد مفهوم التجربة العاطفية «الأصيلة» بدقة، لكنه على ما يبدو يرتبط جزئيا بالسبب وراء التجربة العاطفية. على سبيل المثال، إذا جعلنا شخصا ما سعيدا عبر حقنه ب «عقار السعادة»، فإن سعادته لن تبدو سعادة أصيلة؛ فهي لم تحدث على النحو الصحيح، إذا جاز القول. وقد نزعم أن ذلك الشخص ليس سعيدا حقا، بل هو واقع تحت تأثير العقار فحسب. في حالة ديفيد، نجد أن حبه لمونيكا ناتج عن سبب غريب؛ ألا وهو عملية طبع البصمة المصممة لغرض محدد. ديفيد مصمم كي يشعر بالحب فور تفعيل برنامج البصمة؛ ألا يشبه ذلك حقنه ب «عقار الحب»؟ لكن من ناحية أخرى قد تكون فكرة أصالة حب الطفل لوالديه في حد ذاتها فكرة غير مناسبة. أليس نظام البصمة لدى ديفيد هو، من نواح عديدة، نسخة مبالغ فيها من المصدر الذي ينبع منه حب أي طفل؟ يشكل الأطفال ارتباطا عاطفيا بآبائهم، ويكونون اعتمادا عليهم، وهو سلوك يرجع في جزء منه على الأقل إلى الجينات. إذا اعتبرنا حب ديفيد غير أصيل لأنه مثبت مسبقا، فربما يصبح حب أي طفل لأمه غير أصيل كذلك لنفس السبب. نحن لا ننزع إلى الشك في حقيقة أو أصالة حب الطفل لوالديه؛ لذا ربما لا ينبغي لنا التشكك في حب ديفيد لأن أصله يرجع إلى المصمم.
إذا كان حب ديفيد غير حقيقي، فإن هذا لا يرجع إلى كونه مستمدا من برنامج البصمة المثبت مسبقا، بل يرجع لكون ديفيد روبوتا. ديفيد هو جهاز آلي، وربما تكون الأجهزة الآلية في الواقع مجرد مجموعة من الآلات الحاسوبية المعقدة. ربما هي عاجزة حقا عن فهم أي شيء أو الشعور بأي شيء. يطرح هذا الزعم اعتراضين أساسيين؛ الأول ينسب نوعا من القصور الإدراكي إلى الآلات الحاسوبية؛ فوظيفتها تقتصر على التعامل مع الأرقام والرموز ومعالجة المعلومات فحسب، وليس في وسعها أبدا إدراك ما تقوله أو تفعله. أما الاعتراض الثاني فينسب لها قصورا عاطفيا: الآلات الحاسوبية عاجزة عن الشعور بأي شيء، ربما تستطيع تنفيذ برامج عاطفية، فتتصرف كما لو كانت سعيدة أو مضطربة، لكنها من داخلها جامدة تماما، ولا تشعر بأي شيء. ما مدى منطقية هذين الاعتراضين؟ ما الأساس الذي يدعمهما؟ سوف نتوجه إلى ميدانين من ميادين الفلسفة؛ سعيا للإجابة عن تلك الأسئلة، وهما: فلسفة الذكاء الاصطناعي، وفلسفة العقل.
هل في وسع الروبوت فهم أي شيء؟
نامعلوم صفحہ