سینما اور فلسفہ: ایک دوسرے کو کیا پیش کرتا ہے

نوین کابد رؤف d. 1450 AH
112

سینما اور فلسفہ: ایک دوسرے کو کیا پیش کرتا ہے

السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى

اصناف

ما الدور الذي يلعبه الحظ في الحياة؟ وما «نوع» هذا الدور؟ إذا كنا محبوبين أو ناجحين أو ذوي خلق أو محط إعجاب الآخرين، فإلى أي مدى ندين بهذه الصفات إلى فطرتنا وإلى أي مدى ندين بها إلى الحظ؟ إذا كنا بائسين ومخفقين في حياتنا، أو كنا نتسم بالخسة والدناءة ونحمل آثاما فظيعة، فإلى أي مدى يرجع ذلك إلينا وإلى أي مدى يرجع إلى الحظ؟ ما نوع هذا الحظ؟ ماذا نعني بكلمة حظ أو نصيب؟ فيما يلي نطرح سؤالا حول قدر التحكم الذي يملكه الأفراد في حياتهم، بما فيها الجانب الأخلاقي. لقد بحثنا مسألة شبيهة في الفصل السابع بمعاونة فيلم «تقرير الأقلية»، حيث استعرضنا ميتافيزيقا الإرادة الحرة والقدرية. وفي هذا الفصل، نتناول مسألة الحظ من منظور أكثر ميلا نحو الجانب العملي لا الميتافيزيقي. ودليلنا في هذا المسعى هو فيلم «حياة الآخرين» من إنتاج عام 2006.

1

إن «حياة الآخرين» مثال للأفلام التي يمكن مناقشتها من منظور عدد من القضايا الفلسفية المتنوعة، وهي قضايا يعتمد كل منها على الآخر من نواح متعددة. يقدم الفيلم تجسيدا قويا لمشكلة يطلق عليها الفلاسفة مشكلة «الحظ الأخلاقي»، لا سيما عبر تحول عميل الإشتازي جيرد ويسلر، وعبر عدد من الشخصيات الأخرى كذلك. تصف مارجريت واكر (1991: 14) مفهوم الحظ الأخلاقي بأنه يكمن في «الحقيقة الواضحة والجدلية، على حد زعم البعض، بل والمتناقضة التي تقضي بأن عوامل حاسمة بالنسبة للموقف الأخلاقي للفاعل البشري تخضع للحظ.» هذا صحيح، لكن لدينا الكثير مما يمكن قوله حول الحظ الأخلاقي وتنويعاته.

تعتمد جودة حياتنا، بما في ذلك جودة حياتنا الأخلاقية، فيما يبدو على تلك الأشياء التي تمنحنا إياها الحياة، لحسن الحظ أو سوئه؛ فهي تعتمد على طريقة «تكويننا» فيما يتعلق بسمات مثل قوة الإرادة والذكاء والمشاعر. وتعتمد كذلك على ما تعرضنا له عرضا من أشخاص وأحداث تصادف أن أثرت فينا. اكتسبت مسألة الحظ الأخلاقي أهمية في الفلسفة المعاصرة عبر أعمال برنارد وليامز وتوماس ناجل؛ فقد نشر وليامز بحثا شهيرا عام 1976 تحت عنوان «الحظ الأخلاقي» مرفقا بها بحثا آخر يتضمن ردا من ناجل. كلا البحثين مهمان، وقد أصبحا من كلاسيكيات الفلسفة الأخلاقية في القرن العشرين. سوف نستعين بفيلم «حياة الآخرين» ساعين لاستكشاف أفكار وليامز وناجل الأساسية، وقد نتعلم من الفيلم بعضا مما يتعلق بالحظ الأخلاقي، حول انتشاره وتنوعه، وحول تطبيقاته في الأخلاقيات والحياة على حد سواء.

علاوة على ذلك، يطرح الفيلم أسئلة حول طبيعة ومغزى الحرية والخصوصية، جنبا إلى جنب مع أسئلة حول الفساد والسلطة السياسية الطليقة والحرمان والخوف والتعذيب وحول الوضع البشري عامة ، وكلها موضوعات يتناولها الفيلم في سياقه. كذلك تستحق الخصائص الجمالية للفيلم نظرة أكثر تعمقا، فيما يتعلق، على سبيل المثال، بالدور البارز فلسفيا الذي يلعبه المعمار الذي نشاهده، ويتجسد عبر صورة المدينة وغرف التحقيق وزنازين السجن. لا يمكن، ولا يستحب أيضا، مناقشة جميع القضايا الفلسفية التي يتضمنها فيلم «حياة الآخرين» في ذات الوقت. مع ذلك يكمن الجزء الأكبر من قوة الفيلم في تجنبه عزل الأسئلة المهمة عن بعضها بعضا بل جمعها سينمائيا بطرق تجعل كل سؤال يستلزم الآخر ويطرح سياقا له؛ ما يجعل الأسئلة تنساب على نحو درامي واحدا تلو الآخر وتصطحب المشاهدين بإرادتهم عبر أحداث الفيلم؛ فقد أعدت قصة الفيلم وما صاحبها من دراما، تدعمهما الموسيقى، إعدادا مميزا يجعل الأسئلة متضمنة بعضها بعضا ومترابطة فيما بينها بطرق متعددة. نلاحظ هنا إذن طريقة تبدو بها السينما أقرب للحياة من الفلسفة، بما أن الحياة ترفض، على نحو مزعج، عزل المعضلات الفلسفية بعضها عن بعض، ومعالجة كل منها على حدة. وعلى المنوال نفسه، تلقي بنا الأفلام الجيدة في خضم ما تجسده من مشكلات، بطريقة تتعارض مع الكتابة الفلسفية الأكثر رسمية، كما نجد مثلا في مقالات المجلات المتخصصة؛ ففي الكتابة الفلسفية الرسمية، قد يظل المرء يشعر أن نقاش المسألة الفلسفية المطروحة لم يعط التعقيد الفلسفي للحياة حقه، مهما اتسم هذا النقاش بالشمولية والبلاغة.

أحد الأسئلة المهمة التي يطرحها الفيلم يتعلق بطبيعة النزاهة. فكل شخصية من شخصياته تجسد سبيلا مختلفا للتمتع بالنزاهة أو الإخفاق في ذلك. لكن ما هي النزاهة؟ في مقال اشترك مؤلفا هذا الكتاب في كتابته بالتعاون مع مارجريت لا كاز (2003: 14، 41-42)، نقول:

النزاهة مفهوم عصي على التعريف؛ فهي لا تتطابق مع مفهوم الصدق، وتتجاوز بكثير كونها فضيلة يتمتع بها ذوو الشرف والأمانة. تقع النزاهة في المنتصف بين أشكال شتى من الجموح. فمن ناحية تحيط بها حالات مثل تبدل المواقف والاستهتار وضعف الإرادة والفساد والنفاق والخداع والعجز عن تأمل الذات أو فهمها. ومن ناحية أخرى، نجد حالات مثل التزمت والجمود العقائدي والهوس بفكرة واحدة والتظاهر بالتقوى والانغماس المفرط في الذات، إلى جانب الفراغ والضيق الذي تتسم به حياة تغلق أبوابها في وجه التعددية التي تميز التجربة البشرية ... يعيش الفرد النزيه في توازن هش من كل تلك الصفات المفرطة في طابعها البشري ... وصف شخص ما بالنزاهة يفترض مسبقا أساسا من الآداب الأخلاقية ... النزاهة ليست نوعا من الكمال أو صلابة الشخصية أو النقاء الأخلاقي. هي تتضمن القدرة على الاستجابة للتغير الحادث في قيم المرء وظروفه، إنها نوع من إعادة الخلق المستمرة للذات، ومن تحمل المرء مسئولية عمله وفكره. وفهم النزاهة يتضمن النظر إلى الذات على أنها دائما قيد التطور، لا على أنها ساكنة وثابتة أو تتضمن «جوهرا» داخليا تصنع حوله تغيرات سطحية إلى حد ما ... السعي وراء النزاهة يتضمن تحديد المرء لرغباته وقيمه والتزاماته. وهي عمليه تشبه كثيرا مساعي فهم الذات أو إيجاد معنى، وإن كانت لا تتطابق معها.

2

ونضيف إلى ذلك أن النزاهة ليست صفة متكاملة قد يمتلكها المرء أو لا، فهي تسمح بدرجة من الازدواجية بل وقد تتطلبها في بعض الأحيان. كل منا يتمتع بالنزاهة ويفتقر إليها أيضا بدرجة ما. ويمكننا عبر الاستعانة بما ذكرناه من معايير للنزاهة، التي نعترف بكونها ملتبسة، أن نفحص كل شخصية من شخصيات الفيلم كي نحدد مدى ما تبديه من نزاهة عبر أسئلة من قبيل: أين تبدي الشخصية قدرا من النزاهة، وكيف تنجح في ذلك على نحو مميز، وأين تخفق في ذلك ولماذا؛ كل شخصية بطريقتها الخاصة. يمكن القيام بهذه المهمة على نحو واع، كنوع من التمارين الأخلاقية، أو قد يجد المشاهد أن تأملات من هذا النوع حول النزاهة تصاحب بطبيعة الحال انغماسه في أحداث الفيلم.

قبل أن ننتقل إلى بحث بعض المسائل الفلسفية التي تشكل جزءا لا يتجزأ من «حياة الآخرين» وتساهم في نجاحه وتأثيره، نحتاج أن نذكر القراء بحبكة الفيلم التي لا تخلو من التعقيد. وسوف تكون مناقشتنا للفيلم أكثر ميلا نحو تفسير الأحداث وتفصيلها مقارنة بملخصات حبكات الأفلام الأخرى الواردة في هذا الكتاب. من المفيد كذلك معرفة بعض المعلومات العامة عن الفيلم، وسوف نذكر بعضا منها هنا. (وكما نقول عادة، احرص على مشاهدة الفيلم أولا قبل متابعة القراءة.) قد يبدو سرد حبكة الفيلم مهمة سهلة نسبيا. رغم ذلك يجدر بنا الإشارة إلى أن ملخص الحبكة هذا في فيلم معقد فلسفيا قد يفترض مسبقا الكثير من القضايا الفلسفية الأساسية في الفيلم بل وقد يحكم مسبقا أيضا على الشخصيات، إما صراحة عبر فعل ما على سبيل المثال بأنه «خيانة»، أو عبر حذف بعض عناصر الفيلم؛ كأن يغفل ذكر بعض الجوانب المهمة أخلاقيا في موقف معين. لا يمكن على الأرجح تجنب هذا النوع من الافتراضات التي لم تثبت صحتها. هذا فضلا عن أن الفيلم يعج بقضايا تتصل بمفاهيم الحرية والخصوصية والسلطة، وتنعكس عبر شخصياته؛

نامعلوم صفحہ