وفي الذيل الذي كتبه أبو زيد أحاديث طلية عن علاقة المسلمين بالصين، وبعضها بعيد الاحتمال، كحديث القرشي المسمى ابن وهب الذي زار بلاط ملك الصين، ورأى فيه صور الرسل، وبينها صورة محمد - عليه السلام - راكبا جملا وأصحابه محدقون به،
18
وقد أشار المسعودي إلى هذه القصة في كتابه «مروج الذهب» بالفصل الذي عقده للحديث عن ملوك الصين.
19
ولكن الظاهر أن المواصلات البحرية لم تكن متصلة تماما بين الصين والشرق الأدنى في عصر المسعودي (القرن 4ه/10م)؛ فإن السفن من الجانبين لم تعد تبحر إلا حتى مدينة تسمى «كلة» في منتصف الطريق بين البلدين.
وقد أشار المسعودي إلى ذلك في حديثه عن رجل من التجار من أهل مدينة سمرقند «خرج من بلاده ومعه متاع كثير حتى انتهى إلى العراق، فحمل من جهازه وانحدر إلى البصرة، وركب البحر حتى أتى إلى بلاد عمان، وركب إلى بلاد كلة وهي النصف من طريق الصين أو نحو ذلك، وإليها تنتهي مراكب الإسلام من السيرافيين والعمانيين في هذا الوقت فيجتمعون مع من يرد من أرض الصين في مراكبهم وقد كانوا في بدء الزمان بخلاف ذلك؛ وذلك أن مراكب الصين كانت تأتي بلاد عمان وسيراف من ساحل فارس وساحل البحرين والأبلة والبصرة؛ فلذلك كانت المراكب تختلف في المواضع التي ذكرنا إلى ما هناك، ولما عدم العدل وفسدت النيات وكان من أمر الصين ما وصفنا التقى الفريقان جميعا في هذا النصف، ثم ركب هذا التاجر من مدينة كلة في مراكب الصينيين إلى مدينة خانفو.»
20
وكذلك أشار المسعودي إلى بعض أقوام السند يقال لهم: الميدوم، وتحدث عن قرصنتهم فقال: «ولهم بوارج في البحر تقطع على مراكب المسلمين المجتازة إلى أرض الهند والصين وجدة والقلزم وغيرها كالشواني في بحر الروم.»
21
وأشار أيضا إلى أن فاتحا أغار على مدينة خانفو (كنتون)، وقطع ما كان حولها من غابات شجر التوت؛ «إذ كان يحتفظ به لما يكون من ورقه وما يطعم منه لدود القز الذي يغزل به الحرير، فكان ذهاب الشجر داعيا إلى انقطاع الحرير الصيني وجهازه إلى بلاد الإسلام».
نامعلوم صفحہ