18
و
29 ). (4) التجاوز عن تحريم التصوير
كان أهل إيران أكثر الشعوب الإسلامية مخالفة للتعاليم الدينية الإسلامية بشأن كراهية تصوير الكائنات الحية، ولا ريب في أن ذلك يرجع إلى أنهم شعب ميال للفن بفطرته، وإلى أنهم يشعرون بأن تحريم التصوير في فجر الإسلام كان يقصد به تجنب عبادة الأوثان، فلا بأس به بعد أن ثبتت دعائم الإسلام؛
21
كما أنهم آريون لا يخشون الصور ولا ينسبون لها قوى سحرية كما يفعل معظم الساميين، فضلا عن أنهم ورثوا أساليب فنية في النقش والتصوير عن أسلافهم من الكيانيين والساسانيين؛ وكانوا لا يفهمون أن في التصوير مضاهاة لخلق الله عز وجل، وأن تقليد الخالق أمر لا يجوز،
22
وأن تصوير المخلوقات وعمل التماثيل لها تخليد لأعراض زائلة لا يجب التفكير فيه لأن الخلود لله وحده.
ولكن الذي لم يفطن إليه كثير من الباحثين هو أن الصلة الوثيقة التي قامت بين إيران والصين كان لها أثر كبير في نمو التصوير في شرق العالم الإسلامي وفي أن إيران لم تترك ما عرفته قبل الإسلام من صور ونقوش. ولا غرو، فإن السلاجقة والمغول - بثقافتهم الفنية الصينية - كان لهم فضل كبير في تشجيع الإيرانيين على عدم الاكتراث بتحريم التصوير، اللهم إلا في حالات نادرة، والحق أننا، إذا تذكرنا أن ما عرفته إيران قبل عصر المغول من تصوير المخطوطات لم يكن شيئا مذكورا بالنسبة لما عرفته في العصور التالية، أدركنا ما كان للمغول من أثر في هذا الميدان، إلى جانب الثقافة الفنية الإيرانية القديمة.
بل إننا نعتقد أيضا أن التفكير في تصوير النبي - عليه السلام - ربما كان مصدره الصين، فكلنا نذكر ما يزعمونه من أن رسول ملك الصين قد رسم صورة الرسول سرا، وأن ابن وهب القرشي قد زار بلاط ملك الصين ورأى فيه صور الرسل وبينها صورة محمد عليه السلام ، ولا ننسى في هذا المقام أن الفنانين لم يحاولوا في فجر الإسلام أن يصوروا أي حادث من السيرة النبوية؛ فإن أقدم الصور التي نعرفها من هذا النوع لا ترجع إلى ما قبل القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي)،
نامعلوم صفحہ