بسم الله الرحمن الرحيم
قال عبد الله السالك سبيل الاهتداء بآياته ، المستنير بواضح آياته ، محمد ابن على بن أحمد الأوسي، الشهير بالبلنسي كتبه الا، فيمن ذكره عنده، فلم يكن من رحمته بالمنسي، بمنه وكرمه (1) :
الحمد لله جامع عوارف الامتنان في علوم القرآن ، وواضع معارف (2) لإحسان في فهوم الإنسان، نحمده على أن ضمن آياته جميع مخلوقاته من الجماد والحيوان، ومكن آدم من تعليمه الأسماء كلها بأرفع المكان، وأمره أن ينبىء بها الملائكة، فتلقى الأمر بواجبه من البيان، حين عرضها - تعالى - عليهم لينبؤوه بما أحسن العرض، تقريرا على علمه غيب السموات والأرض، ومالهم من الإسرار والإعلان، فنزهوا كمال علمه المحيط بكل شىء عن النقصان وأفصحوا ألا علم لهم إلا ما خصهم به من العرفان.
والصلاة على سيدنا ومولانا محمد مظهر أسرار الفرقان بأنوار التبيان ، ومنور معراج الأذهان بسراج البرهان، حتى تمتعت بأنبائها وأضوائها سوامع الآذان، ونواظر الأجفان / فصدقت حقيقة أحادينها الصحاح الحسان صحا العيان، ولما رآه المخاصمون قد أبرز معانيها من ألفاظها كالصوارم من الأجفان ، حسبهم من معجزاته بما لا نهاية له في الحسبان (3)، والرضى عن آله وصحبه
صفحہ 99
الألى صدعوا بأمره(1) في مجال آي ذكره، فهم - لدى هذا الميدان - قد أحرزوا بحلومهم(7) الراجحة وعلومهم الواضحة، قصب سبق الرهان (3) وفازوا من اجتهادهم الأصيل، بتخلد الذكر الجميل على مر الأزمان. فهنيئا لهم ما أفادتهم نعماء المعرفة، من الثلاثة: اللسان، واليد، والجنان (4) فهم - صلى الله على تبينا وعليهم - الذين تلقوا آيات التقدم فى التعليم بالإيمان، وقعدوا على بحث إدراكها برهة(5) من الزمان، وآثروا لكشف مكنونها مفارقة الأوطان، فإذا ذكر العلماء الراسخون فحيها(6) بهم، فليس لسواهم يشار بالبنان. والسلام عليه وعليهم ما تعاقب الملوان(7)، سلاما كثيرا ننال منه ببركة العلم عوارف القبول والرضوان .
أما بعد :
فإن أشرف ما صرف إليه اللبيب نفسه، وشرف بعلمه الأديب يومه وأمسه ............0](8) المعتصم به سعيد، فيه أخبار الأمم الماضية في الأيام الخالية، وهو المعجزة الباقية والجنة (9) الواقية ، فلم أزل منذ أينعت أغوص في
صفحہ 100
الجج بحاره، لأستخرج [..........](1) فتارة أقتنصها بآلاتها العلمية، فأحمد الله عليها، ومرة أجيل جواد النظر في ميدان الأحاديث السنية حتى أصل إليها، إلى أن اجتمع لي بحمد الله من ذلك ما ترجبى بركاته، وتحمد غدواته وروحاته، ثم إني تخيرت منها في هذا الإنشاء ما أبهم ذكره في القرآن من الأسماء إذ نفوس الأذكياء لعلم ذلك متطلعة، وشموس الأولياء من آفاقها طالعة ومتنوعة، فأحيانا تتجلى من أبواب الآداب والتفسير / وأزمانا تتحلى بأثواب [ الأنساب العارية بعون الله عن التغيير. وإذا كانت الأدباء تتدارس علم ما أبهم من أسماء الشعراء، وتتنافس في ذكر طبقاتهم وأخبارهم للأمراء، فالقارئون لكتاب الله بذلك أحرى وعلى سنن الصالحين أجرى، فبركة القران تزيد الريان وتروي الظمآن، ثم إني نظرت فيمن فوق(2) سهم فكره نحو هذا الغرض وأدى واجبه المفترض، لأحذو حذو مثاله، وأنسج على منواله فوقفت في ذلك على كتاب الشيخ العلامة أبي زيد السهيلي المسمى ب «التعريف والإعلام فيما انبهم في القرآن من الأسماء الأعلام» وعلى ما استدركه عليه الشيخ الأستاذ العالم الأوحد ابو عبد الله محمد بن على بن خضر بن عسكر الغسانى المسمى ب «التكميل والإتمام لكتاب التعريف والإعلام» وهما ، كتابان أبانا عن أجل غرض، وخلص جوهرهما من كل عرض. أبدع مصنفاهما في إحكامهما، وبرعا في قضاياهما وأحكامهما، ألفيتهما قد أتيا فى كتابيهما بما لم يسبقا إليه، ونبها على ما لم ينبه أحد قبلهما عليه، وجاءا من المعارف بما استبهم، وأقدما على ما عنه سواهما أحجم فما استقدم (3)، فكأنما هالت من علومهما بحور، فتجلت للأسماء الأعلام منها صدور وحور(4)، وتحلت من المعرفة بجواهر ذواتهما صدور
صفحہ 101
ونحور، فصار المجهول عند السامع معلوما، قد استفاد من الإعلام بكنهه (1) فوائد جمة وعلوما، بيد أني ألفيت في كلام العلماء أشياء ظهر لي أن من الواجب أن تكون في ذلك السلك منتظمة ولما قصده ابن عسكر من التذييل والتكميل متممة، فقيدتها - بعد أن جمعت بين كلام الرجلين منسوبة لقائلها بعلامة تنبئك عن ناقلها. فجعلت علامة (سه) ل هكذا للشيخ العلامة أبي زيد السهيلى، وعلامة (عس) هكذا للأستاذ أبي عبد الله ابن عسكر.
وجميع ما زدته عليهما مكملا ومذيلا، واستدركته متخيرا ومتنخلا جعلت عليه علامة (سي) تنبيها على أن استطلاعي ألحقه وبحثي حققه . وحيث يتكرر اسم من عنه نقلت فالعلامة عليه أيضا جعلت : فعلامة (عط) للقاضى أبي محمد ابن عطية(6)، وعلامة (مخ) للامام أبى القاسم الزمخشري (3) فمن كتابيهما أكثر ما وضعته، ومن فوائدهما جل ما جمعته، وكل ذلك فرارا من الإكثار، [وطلبا](4) للإيجاز والاختصار. وقد أقول: قال المؤلف إثر تمام قول القائل ما يجب من تتميم المسائل، وربما سميت بعض من نقلت عنه باسمه وجئت بقوله تابعا
صفحہ 102
الوسمه، ونبهت على أشياء ليست من الشرط(1) إيثارا للبسط وتكميلا للفوائد، وإتيانا لموصولاتها بالصلة والعائد، من فوائد لغوية ونحوية، وعقائد دينية وشرعية. ولما كان ذانك الكتابان موصولا أحدهما بالآخر لاتفاقهما على المعنى الذي تسامى في البيان بالمبهمات وتظاهر، جاء كتابي هذا جمعا بينهما كالصلة لهذا الموصول وعائده ما ضمنته من التذييل المتصل به لا المفصول. ولهذا الاعتبار اقتضى داعى الاختيار أن أسميه لأعليه فى مراتب المعرفة به وأسميه كتاب «صلة الجمع وعائد التذييل لموصول كتابي الإعلام والتكميل» تسمية أظهرت بين الدواوين معرفته، وشهرت لدى المطالعين صفته . وعلى أن الأولى بمثلي ترك الإقدام، لارتقاء درج هذا المقام ، إذ ليس بلبيب من يقيس / الباع بالشبر، والبحر بالنهر، والسهى (2) بالبدر، والحصى بالدر. فمن طلب فوق طاقته افتضح، ومن عرف حقارة نفسه فالحق له وضح ، لا جرم (3) أني تكلفت ذلك لنفسي بذهن كليل، وفكر عليل بعد اقتباسه من أنوارهما، واقتطافه من روض أزهارهما. والذي أثبته من كلامهما، يشهد بتقديمهما، ويريك فى الفضل منتهى حديثهما وقديمهما. ولتعلم أنه ليس لى في كل ما أودعته بطون هذه الأوراق سوى الترتيب، وإضافة الشكل إلى شكله باللفظ المختصر القريب ، فمن وقف لى على خلل تضمنه بغير قصد هذا المجموع أو ظهر له فيه ما يجب عنه الرجوع، فلينبه عليه وليصلحه بالنية التي تزلف الثواب إليه، ولينسب إلى ما فيه من الغلط والتغيير، لما أنا عليه من التقصير والباع القصير. والله تعالى أستخير، فيما إليه أصير، وهو نعم المولى ونعم النصير.
صفحہ 103
سنوره الفايح
(7] قوله تعالى: {الذين أنعمت عليهم } .
سه) (1) هم الذين ذكرهم الله تعالى في سورة النساء حيث قال : { فأولئك مع الذيسن أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصلجين . . . }(2) الآية .
وانظر إلى قوله : {وحسن أولئك رفيقا })(3)، واجمع بينه وبين قوله : {صراط الذين أنعمت عليهم } تجده شرجا له ، لأن الصراط : الطريق(2)، ومن شأن سالك الطريق الحاجة إلى الرفيق، فلذلك قال: {وحسن أولئك رفيقا } ولذلك قال عليه السلام : «اللهم الرفيق الأعلى»(5).
صفحہ 105
وانظر إلى قوله عليه السلام : «خير الرفقاء أربعة» (1) تجده ينظر إلى قوله تعالى : { من النبيين والصديقينل والشهداء والصلجين* فذكر أربعة.
(عس) (7) وهذا الذي ذكره مروي عن ابن عباس وعليه جمهور المفسرين(3)، وقد قيل في ذلك إنهم : المؤمنون على العموم(4)، وقيل : إنهم اصحاب النبي (5)، وقيل: هم مؤمنو بني إسرائيل خاصة(6)، واحتج صاحب
صفحہ 106
هذا القول بقوله تعالى : {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم }(1) . . . الآية .
(سي): وقيل : المنعم عليهم محمد وأبو بكر وعمر، حكاه مكى (2) عن أبي العالية(3)، وذكر هذا القول للحسن(4) فقال : صدق أبو العالية، ونصح.
صفحہ 107
ولا يتم هذا القول إلا أن يكون فى قوله أولا {اهدنا الصراط } حذف تقديره : افدنا منهاج أصحاب الصراط المستقيم، أو نحو هذا والله أعلم.
(7] {غير المغضوب عليهم } . . . الآية :
(سه)(1): هم اليهود والنصارى، جاء ذلك مفسرا عن النبي في حديث عدي بن حاتم وقصة إسلامه(2) .
ويشهد لهذا التفسير قوله سبحانه في اليهود: { وباءوا بغضب من الله }(3) وقال في النصارى: {قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل)(4) وسميت اليهود بيهوذا بن يعقوب انتسبوا إليه عند بعض الملوك لسبب يطول ذكره، ثم عربته العرب بالدال(5). وسميت النصارى بناصرة(6) قرية يالشام، كان أصل دينهم منها (7)، والله أعلم.
صفحہ 108
(عس) (1) : وههنا سؤال! وهو أن يقال: أوليس اليهود على ضلالة كالنصارى فلم خصهم بالغضب؟ والجواب : أنهم وإن تساووا في الضلال، فأفعال اليهود وأقوالهم مع كثرة الآيات عندهم ، وظهور المعجزات قبلهم توجب الغضب عليهم، فخصوا به والنصارى في ذلك أقل أفعالا ، فبقي عليهم اسم الضلالة خاصة والله أعلم /.
وقدم ذكر اليهود على النصارى لتقدم زمانهم عليهم .
وقيل(2) إن اليهود سموا بقولهم : { إنا هدنا إليك)(3) أي : تبنا إليك، وقيل : هو اسم علم لهم(2). وقد قيل(5) : إن النصارى سموا بذلك لقولهم : { نحن أنصار الله }(6) وواحدهم قيل فيه : نصران، كندمان(7)، وقيل أيضا :
صفحہ 109
نصري (1)، وقيل : نصراني (2).
تكميل : (عس) (3) تكلم الشيخ أبو زيد - رحمه الله - على المبهمة أسماؤهم في هذه السورة فرأيت أن أذكر من فوائدها ما يقرب من غرضنا، وهو الكلام على أسماء السورة نفسها، وقد ذكر الناس لها أسماء كثيرة، لوحظ في ثل اسم منها معنى من معانيها وفائدة من فوائدها ، فمنها : أم القرآن(4)، وهي تسمى بذلك لاشتمالها على المعاني التي فى القرآن من الثناء على الله بما هو اهله، ومن التعبد بالأمر والنهي ، ومن الوعد والوعيد والدعاء ولهذا قال أبو بكر ابن العربي (6) رحمه الله : إنها عشرون كلمة تضمنت جميع علوم القرآن(6). وقد
صفحہ 110
قيل : إنها سميت بذلك لأنها مبتدأ القرآن وأصله، وأم كل شيء أصله(1).
قال العجاج (2):
* ما عندهم من الكتاب أم *
ومنها سورة الحمد، والفاتحة(3)، سورة الصلاة(4)، والمثاني (5) ومعانيها ظاهرة، أما سورة الحمد فلأنها مفتتحة بحمد الله تعالى، وأما الفاتحة فلأنها يفتتح بها القرآن أو الصلاة، وأما سورة الصلاة، فلأنها لا تجزىء الصلاة أو لا تكمل إلا بها، وأما المثاني فلأنها تثنى فى كل ركعة، ومنها سورة الشفاء والشافية وذلك - والله أعلم - لما وقع فى صحيح مسلم(6) وغيره (7) من قصة اللديغ الذي رقاه أحد الصحابة (8) رضي الله عنهم بأم القرآن ، فبرأ وبعد تمام الحديث قال رسول الله : «ما كان يدريه أنها رقية ..0».
صفحہ 111
وقد / حدثني غير واحد من شيوخى رضي الله عنهم ، منهم الأستاذ الأجل بو علي الرندي (1) وغيره عن القاسم بن بشكوال(7) عن أبي محمد بن عتاب (3) عن ابي عمر النمرى(4)...... .00،:...دد0:مرورووود و
صفحہ 112
عن أبي عمر أحمد بن عبدالله(1) عن (الحسن](7: بن إسماعيل عن عبد الملك ابن بحر الجلاب(3) عن محمد بن إسماعيل الصائغ(4) قال : حدثنا سعيد بن منصور(5)، قال: حدثنا سلام الطويل(6) عن زيد ..................
صفحہ 113
العمي (1)، عن ابن سيرين (2) عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال : («فاتحة الكتاب شفاء من السم» (3).
ومنها «سورة الكنزه، لما زوي (4) أنها أنزلت هى وأواخر سورة البقرة من كنز تحت العرش. ومنها: الواقية؛ لأنها تقي من العذاب، كما روي (5) عن
صفحہ 114
رسول الله قال : «إن العذاب لينرل بالقوم فيقرأ صبي من صبيانهم: {الحمد الله رب العالمين} فيرفع عنهم أربعين سنة» والله أعلم .
(سي) : قال الأئمة - رضي الله عنهم - : كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، وقد ذكر الإمام فخر الدين(1) - رضى الله عنه - لها أسماء أخر غير ما تقدم فمنها سورة الأساس (7) لأنها أولا (3) ولاشتمالها على أشرف المطالب، وذلك هو الأساس .
ومنها : الوافية(4) - بالفاء - لأنها لا تقبل التنصيف في الصلاة.
صفحہ 115
ومنها: الكافية(1) لأنها تكفى عن غيرها، ولا يكفي غيرها عنها.
ومنها: سورة الشكر(2)، لأنها ثناء على الله بالفضل والكرم .
ومنها: سورة الدعاء والسؤال(3)، لاشتمالها على قوله : {اهدنا الصراط المستقيم)*.
فصل (عس)(4) : ينبغي أن نذكر هنا لقربه من غرضنا قوله تعالى : {الرحمن الرجيم} وذلك لاختلاف الناس في {الرحمن} هل هو اسم علم؟ أو صفة جارية؟ فقد ذهب بعض الناس (5) إلى أنه اسم علم منقول من صفة كالحارث والعباس واستدل قائل هذا القول بأنه ورد غير تابع لما قبله في مواضع كثيرة، ورد الشيخ أبو علي (6) رحمه الله - ذلك؛ بأن الصفة قد ترد / مقامة مقام الموصوف، فيستغنى عن ذكره، واستدل على أنه صفة بجريانه على اسم الله تعالى. قال : ولا يصح أن يكون على البدل لأن الأول أبين وأشهر، والبدل بالعكس، فلم يبق إلا أن يكون صفة، وهو مذهب الشيخ أبي
صفحہ 116
زيد(1) رحمه الله، فإذا ثبت أنه صفة فهو للمبالغة، و{الرجيم} أيضا صفة مبالغة فذهب أكثر الشيوخ إلى أن {الرحمن} أبلغ من الرجيم ) وبهذا قال شيوخنا - رضي الله عنهم - وأكثر من تقدمهم، ونص عليه الزمخشري في تفسيره (2) واحتج الأستاذ أبو زيد - رضي الله عنه - لذلك بأنه ورد بلفظ التثنية ، والتثنية تضعيف، فكأن البناء تضاعفت فيه الصفة.
وذكر أبو بكر بن الأنباري (3) في كتاب «الزاهر»(4) قال : {الرحمن}: الرقيق و{الرجيم} : أرق منه . فهذا خلاف لما تقدم .
وحكى عن قطرب(5) أنه قال : المعنى فيهما واحد، وجمع بينهما للتوكيد، وقال ثعلب(6): {الرحمن} عبراني وأصله : يا رحمان.
صفحہ 117
وأنشد لجرير (1) : لن](2 اثذركوا المجد أوتشرواعباء تكم(3) بالخز أو تجعلوا التنوم(4) ضمرانا (5) [هل تتركن] (6) إلى القسين هجرتكم
ومسحكم وجه يا رحمان قربانا
قال : فلما ثقل إلى العربية، اتبع الرحيم، لأنه لفظ عربي ليكون بيانا له، والذي يقوى عندي من هذه الوجوه - والله أعلم - أن {الرحيم} أبلغ من {الرحمن} في الوصف لوجوه منها: أن {الرحمن} جاء متقدما على {الرجيم}، ولو كان أبلغ منه لكان متأخرا عنه، لأنه في كلامهم إنما يخرجون من العالي إلى الأعلى ويترقون من الأقل إلى الأكثر، فيقولون : فقيه عالم ، وشجأ باسل، وجواد فياض، ولا يعكسون هذا لفساد المعنى، وذلك أنه لو تقدم الأبلغ لكان الثاني داخلا تحته، فلم يكن لذكره معنى.
ومنها : أن أسماء الله تعالى إنما يقصد بها المبالغة في حقه، والنهاية فى صفاته، واكثر صفاته - تعالى . جاءت على «فعيل، كرحيم، وقدير، وعليم،
صفحہ 118
وحكيم. .. وما لا يأخذه الحصر / ولم يأت حكى «تعرد» إلا قليل، ولو كان [15ب] فعلان» أبلغ لكانت صفات الباري تعالى عليه أكثر .
منها: أنه إن كانت المبالغة فى فعلان من جهة موافقة لفظ التثنية - كما قال الشيخ رضي الله عنه - ففعيل من أبنية الجمع الكثير كعبد وعبيد، وكلب كليب.
ولا شك أن الجمع أكثر من التثنية، فصح هذا المذهب إن شاء الله.
وإليه أشار ابن الأنباري بقوله المتقدم ، وقد أشار إليه ابن عزير(1) في غريبه» (2)، فقال : رحمن ذو الرحمة، ورحيم عظيم الرحمة.
وأما قول قطرب(3) . «أن المعنى فيهما واحد»، ففاسد لأنهما لو تساويا في المعنى لتساويا فى التقديم والتأخير، وهذا ممتنع فيهما، فدل على امنناع التساوي في المعنى، والله أعلم .
وأما قول ثعلب فظاهر الفساد، لأن {الرحمن} معلوم الاشتقاق، وجاء على أبنية الأسماء العربية كغضبان، وسكران والعبراني لا يعلم له اشتقاق، ولا يجري على أبنية العربي في الأكثر . والله أعلم.
فصل: (عس)(4) : ولو أفرد عن الألف واللام لم يصرف على القولين، لثبات الألف والنون الزائدتين في آخره مع العلمية أو الصفة .
صفحہ 119