قال له بعض إخوانه: يا سيدي، إن في قلبي قسوة، وإذا دخلت في الصلاة كأني (1) في السوق لا أعقل ما أصلي، فقال له رحمه الله تعالى: يا فلان، تعوذ بالله من الشقاوة، أليس الله يقول: {قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون}[المؤمنون:1، 2]ولم يقل: غافلون، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت، وإن أحدكم ليكتب له من صلاته ربعها[أو خمسها أو] (2)، سدسها، أو عشرها، يكتب له ما عقل، لاما عنه غفل))(3)، لكن خالطك داءان عظيمان: أحدهما: اشتغالك بالدنيا وفضلاتها وفضولها، فتأتي إلى الصلاة بعد هذا الشغل، وتجعل صلاتك(4) كقدح الراكب، كما روي عن بعض الصالحين قال لإخوانه: أراكم تجعلون عمل الدنيا مقدما موفرا، وعمل الآخرة منقوصا مؤخرا. وقد قيل: من سهى في وضوئه سهى في صلاته، وإذا لم تهب الملك الذي تقدم(5) عليه، وتطلب رفده، وتناجيه بقلب حاضر(6) مقتك، المصلي يقرع باب الله وهو على بساط الله، والله مطلع على حركاته وسكناته وضمير قلبه ولمحات طرفه، عجيب(7) لغافل غير مغفول عنه.
صفحہ 119