ما هو إلا حجر لا يروي، وزند لا يوري. فلان لا يحلب إلا من ضرع بكي، ولا يسقى إلا من أنضب ركي. قد جعل ميزانه وكيله، وأسنانه أكيله، وكيسه، أنيسه، ورغيفة، أليفه، ويمينه، أمينه، ودرهمه شقيقه، ومفتاحه رفيقه، وخاتمه، خادمه، وصناديقه، صديقه.
القبح والدمامة والحقارة
وجه كهول المطلع، وزوال النعمة، وقضاء السوء، وموت الفجأة، ما هو إلا قذى العين، وشجى الصدر، وأذى القلب، وحمى الروح. وجه كأنه تبرقع بالحنادس، واكتسى قشور الخنافس. كأن النحس تطلع من جبهته، والخل يقطر من وجنته. وجه مسترق بالحسن، منتقب بالقبح. وجهه طلعة الهجر، ولفظه قطع الصخر. وجهه يشق على العين، وكلامه لا يسوغ في الأذنين. وجه كحضور الغريم وحصول الرقيب، وكتاب العزل وفراق الحبيب. خلقة الشيطان، وعقل الصبيان، قد لا يزيد فيه القيام. بيدق الشطرنج في القيمة والقامة. له من الدينار قصره، ومن الورد صفرته، ومن السحاب ظلمته، ومن الأسد نكهته.
الثقل والبغض والبرد
فلان ثقيل الطلعة، بغيض التفصيل والجملة. بارد السكون والحركة، قد خرج عن حد الاعتدال، وذهب ذات اليمين وذات الشمال، يحكي ثقل الحديث العاد، ويمشي على العيون والأكباد. لا أدري كيف لم تحمل الأمانة أرض حملته، وكيف اجتاحت إلى الجبال بعد ما أقلته. كأن وجهه أيام المصائب، وليالي النوائب، وكأنما قربه فقد الحبائب، وسوء العواقب، وكأنما وصله عدم الحياة، وموت الفجأة، وكأنما هجره قوت المنة، وريح
1 / 76