غزير، وسريت منه في ضو قمر منير. لم يرض بأول السقيا حتى أتى الانسكاب بعد القطر، وطلعت الشمس في أعقاب الفجر. قد كرعت من بره في مشاريع تغزر، ولا تنزر، ورفلت من طوله في ملابس تطول ولا تقصر. أنا منه في ظل ظليل، وفضل جزيل، وريح بليل، ونسيم عليل، وماء روي، ومهاد وطي، وكن كنين، ومكان مكين. أنا آوي إلى ظله كما يأوي الصيد إلى الحرم، وأواجه منه وجه المجد وصورة الكرم. أنا من إنعامه بين خير مستفيض، وجاه عريض، ونعم بيض. قد استظهرت على جور الأيام بعدله، واستترت من دهري بظله. جميع ما أردد فيه طرفي وأعدده من خاص ملكي منتسب إلى عطائه، أو مكتسب بجميل رأيه. مسافة بصري تبعد إن سافرت بها في مواهبه، وركائب فكري تطلح إن أنضيتها في استقراء صنائعه. جمالي مقرون بجماله، وحالي قطعة من حاله.
وصف النعم
نعمة عممت الأمم، وسبقت النعم، وكشفت الهموم ورفعت الهمم. نعمة قد سطع صباحها مستنيرا، وطنب شعاعها مستطيرا. قد غرقتني نعمه حتى استنفدت شكر لساني ويدي وأثقلت ظهري، وتملأت صدري. نعمة عندي مشرقة الجو، مغدقة النو، نيرة الضوء. تتابعت نعمه تتابع القطر، على البلد القفر، وترادفت مننه ترادف الغنى إلى ذي الفقر. نعمة أشرقت لها أراضي، ومطر بها روضي، ووري بها زندي، وعلا معها جدي، وأتاني الزمان يعتذر من إساءته بي، وجاءني الدهر ينتظر أمري. نعمة أنعمت البال، وقوت النفس والحال. نعمة تعم عموم المطر، وتزيد عليه إفراد النفع والضرر. نعم تضعف الخواطر عن التماحها، وتصغر القرائح عن اقترحها.
وصف الأيادي والمنن
له مع كل صباح يد كالصباح أو أشد وضوحًا، وكالنهار أو أصدق ظهورا.
1 / 69