وأحيانا أستسلم لخيال عابر وأسأل نفسي: كيف تكون حال هذه المجلة الأسبوعية أو هذه الجريدة اليومية لو أننا سلمنا رياسة التحرير فيها للطفي السيد؟ لطفي السيد مترجم أرسطوطاليس؟
أرسطو طاليس في الصحافة؟
أجل ... ولم لا؟
لا. لا نستطيع أن نحتقر هذه الآراء إذا كنا عقلاء؛ ولذلك إني آسف أشد الأسف على أن مثل لطفي السيد لا يوجد الآن في صحافتنا.
الفصل السابع عشر
الصحفي كما يجب أن يكون
ليس شك أن الصحيفة اليومية تحيا وتصدر للخبر.
الخبر هو أول ما ننشد في أية صحيفة يومية، وهناك من يستصغرون شأن الأخبار مع أن قيمتها التربوية بل الإنسانية للحياة كبيرة جدا؛ إذ هي الصلة الروحية بيننا وبين الوطن الذي ننتمي إليه كما هي كذلك بيننا وبين العالم؛ ذلك أننا حين نوالي قراءة الأخبار اليومية عن أحداث العالم نحس قرابتنا لهذا العالم، ونشتبك في مشكلاته، ونهتم بشئونه في الإصلاح والتعمير، فنجد معنى لارتقاء الصين، ودلالة في مشروعات الري في مسيسبي بالولايات المتحدة، ونفرح للتقدم الصناعي في الهند، وفي كل ذلك نزداد إنسانية، وتتراحب آفاق جديدة متزايدة كل يوم لنمو الذهن ونضح النفس.
ولكن الخبر مع ذلك ليس كل شيء في الصحيفة اليومية، وخاصة بعد أن ظهرت الإذاعة والتلفزة، فإن الصحيفة تصدر مرة واحدة في اليوم فلا نعرف منها أحداث العالم إلا مرة واحدة في اليوم أيضا، ولكن الإذاعة والتلفزة كلتاهما تستطيع أن توالينا بالأخبار طول النهار والليل، فهما من ناحية الخبر أقدر من الصحيفة على الوصول إلى المستمعين والرائين.
ولهذا نحن ننتظر التنوير والتعليق والتفهيم والتبصير في الصحيفة بأقلام الكتاب الممتازين، وهو ما لا نجده في المذياع أو التلفزيون، بل حتى حين نجد هؤلاء الكتاب الممتازين فيهما فإننا لا نلتفت إليهما بالعناية التي نلتفت بها إلى كتاب الصحيفة.
نامعلوم صفحہ