صفت جنت
صفة الجنة لابن أبي الدنيا
ایڈیٹر
عمرو عبد المنعم سليم
ناشر
مكتبة ابن تيمية،القاهرة- مصر،مكتبة العلم
پبلشر کا مقام
جدة - السعودية
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَا أَخَّرَكَ أَيُّهَا التَّعِبُ فِي طَلَبِ عَيْشٍ لَا يَدُومُ بَقَاؤُهُ وَلَا يَصْفُو مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالْغِيَرِ أَقْذَاؤُهُ، عَمَّا نَدَبَكَ إِلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَهَتَكَ لَكَ عَنْهُ حِجَابَ الْمُلُوكِ؛ لَعَلَّهُ تُغْنِيكَ عَنْ ذَلِكَ نَظَرُكَ فِي وَجْنَةِ مَيْتَةٍ تَزِيدُ الْأَمْرَاضُ غَضَارَةَ كَمَالِهَا، وَتَتْبِرُهَا الْأَحْدَاثُ شَكْلَ جَمَالِهَا، وَيَبْلَى فِي التُّرَابِ غَضُّ جِدَّتِهَا، وَيُعَفِّرُ الْبِلَى رَوْنَقَ صُورَتِهَا أَفِيهَا كَلِفْتَ، وَقَنَعْتَ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا أَمْ بِدَارٍ خَلَقَتْ جِدَّةُ بَدَنِكَ فِي نَفْسِ رِوَاقِهَا وَجَهِدَتْ نَفْسُكَ وَتَعِبَتْ فِي تَزْوِيقِهَا وَسُتُورٍ تُعَفِّرُهَا الرِّيَاحُ وَالْأَيَّامُ مُوَكَّلَةٌ بِتَمْزِيقِهَا اعْتَضْتَ بِهَذَا وَلَيْسَ يُسَاقُ لَكَ مِنْ دَارِ الْحَيَاةِ وَمَحَلِّهِ نُفِيَتْ عَنْهَا الْمَنُونُ وَدَوَايِرُ الْغِيَرِ وَحَجَبَهَا بِدَوَامِ النَّعِيمِ عَنِ التَّنَغُّصِ وَالْخَدَمِ وَحَشَاهَا بِأَنْوَاعِ سُرُورٍ لَا يَبُورُ، وَيْحَكَ فَأَجِبْ رَبَّكَ ﵎ إِذَا دَعَاكَ إِلَى جِوَارِهِ، وَارْغَبْ إِلَيْهِ لِتُرَافِقَ أَوْلِيَاءَهُ فِي دَارِهِ فِي عُرْضَةٍ حُفَّتْ بِالنَّعِيمِ وَخُصَّ أَهْلُهَا بِالْإِكْرَامِ وَسَمَّاهَا رَبُّكَ ﷿ إِذْ بَنَاهَا بِيَدِهِ دَارَ سَلَامٍ وَمَلَأَهَا مِنْ طَوَاطِئِ الْقُلُوبِ فَظَفِرَ بِسُؤَالِ أَهْلِهَا مِنَ اللَّهِ ﷿ بِاخْتِصَاصِهَا وَأَنْزَلَ مُنَى الشَّهَوَاتِ عَنْ أَكْنَافِ عُرُصَاتِهَا، دَارٌ وَافَقَتْ جَزَاءَ الْأَبْرَارِ الَّذِينَ خَلَعُوا لَهُ الرَّاحَةَ وَوَفَوْا بِالْمِيثَاقِ، وَدَارٌ أَسَّسَهَا بِالذِّكْرِ إِذْ بَنَاهَا وَرَفَعَ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ شَرَفَ ذُرَاهَا، وَكَسَا كُثْبَانَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ وَالْعَنْبَرِ الْأَشْهَبِ فِي
1 / 238