إن الله لا يظلم مثقال ذرة
9
وكان يقرأ: «وتزودوا وخير الزاد التقوى» بدل
وتزودوا فإن خير الزاد التقوى
10
وقد أورد ابن أبي داود تفصيل هذا الخلاف في الألفاظ ونسبه إلى أصحابه؛ ومنهم عائشة أم المؤمنين، فقد روى أنه كان مكتوبا في مصحفها «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر» إلى ما في مصحف عثمان، وذكر عن ابن يونس مولى عائشة أنه قال: كتبت لعائشة مصحفا فقالت: إذا مررت بآية الصلاة فلا تكتبها حتى أمليها عليك، فأملتها علي «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر»، وقد وردت مثل هذه الرواية عن هذه الآية في مصحف حفصة وفي مصحف أم سلمة زوجي النبي، وقيل: بل أملت أم سلمة «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر».
أنت لا ريب قد رأيت أن الاختلاف في القراءات وفي مصاحف الصحابة لم يتعد الألفاظ، وأنه لم يجعل من نهي أمرا، ولا من أمر نهيا، ولا من آية رحمة آية عذاب، ولا من آية عذاب آية رحمة، والشأن كذلك في كل ما روي عن قراءات الصحابة وعن مصاحفهم ومصاحف التابعين، ولقد قدم المستشرق «أرثر جفري» لكتاب المصاحف لابن أبي داود، وأورد كل ما روي عن هذا الاختلاف في القراءات والمصاحف، فلم يزد الأمر على ما قدمت من الأمثلة، وعلة ذلك راجعة إلى ما ذكرنا عن الحديث: «أنزل القرآن على سبعة أحرف.»
وما كان الخلاف ليزيد على هذا في حياة الذين تلقوا القرآن عن رسول الله فكتبوه أو وعته صدورهم في تقديس لكلام الله وإيمان به يحولان دون الزيادة فيه أو النقص منه أو تحريفه، لكن هؤلاء القراء رجال كتب عليهم الموت كما كتب على الذين من قبلهم، ولقد استحر القتل في طائفة منهم في حياة النبي ببئر معونة، ثم استحر القتل فيهم في اليمامة، فإذا ذهب أكثرهم أو ذهبوا جميعا لم يكن عجبا أن يقوم من يزيد في القرآن أو ينقص منه، ومن يحرف كلام الله عن مواضعه، ثم لا عجب أن يختلف الناس على هذا، وأن ينتهي اختلافهم إلى الثورة يصلى المسلمون نارها ويصيب الإسلام منها ضر كبير.
كان لعمر ولأبي بكر ولزيد بن ثابت مما حدث في بلاد العرب نذير يعظهم أن يتقوا هذا اليوم، فقد ارتد في حياة الرسول بعض الذين أسلموا وكانوا يكتبون الوحي، ثم زعموا أنهم كانوا يزيفون ما يكتبون ويلقونه على المسلمين زائفا، وروايات المنافقين وما كانوا يصنعون من ذلك ومن مثله واردة في كتب السيرة، وفي قصة مسيلمة بعض هذا النذير، فهو إنما استغلظ أمره بعد أن ذهب نهار الرحال بن عنفوة من قبل رسول الله
صلى الله عليه وسلم
نامعلوم صفحہ