كاللؤلؤ فان كان الامر كذلك فلا خلاف في منع الجواز والقائل بالجواز انما قال به لما قام عنده من انه من جملة اجزاء الأرض فان كان كذلك فلا كلام في الجواز والذي دل عليه كلام اهل الخبرة بالجواهر أن له شبهين شبها بالنبات وشبها بالمعادن وبه افصح انب الجوزي حيث قال انه متوسط بين عالمي النبات والجماد فيشبه الجماد بتحجره والنبات بكونه اشجارا نابتة في قعر البحر ذوات عروق واغصان خضر متشعبة قائمة انتهى وقال ابن عابدين ف يرد المحتار حاصله الميل الى ما قاله في الفتح لعدم تحقق كونه من اجزاء الأرض وما لمحشى الرملى الى ما في عامة الكتب من الجواز وكان وجهه انه كونه اشجار في قعر البحر لا ينافى كونه من اجزاء الأرض لان الاشجار التي لا يجوز التيمم عليها هي التي تترمد بالنار وهذا حجر كباقي الاحجار يخرج في البحر على صورة الاشجار فلهذا جزموا في عامة الكتب بالجواز فيتعين المصير اليه واما ما في افتح فينبغي حمله على معنى اخر وهو ما قاله في القاموس من أن المرجان صغار اللؤلؤ ثم رأيته منقولا عن العلامة المقدسي فقال مراده صغرا اللؤلؤ كما فسر به في الآية في سورة الرحمن وهو غير ما ارادوه في عامة الكتب انتهى قوله ولا يجوز يعني لا يجوز التيمم على مكان كانت فيه نجاسة وقد زال اثرها ليبس وان كان ذلك طاهرا حتى جازت الصلوة عليه فاما أن ازيل عنها بان غسلت بالماء فلا كلام في جواز التيمم به اقول فيه اشارة الى التعريض على المصنف حيث اطلق الطاهر فيلزم علهي أن يجوز التيمم بمثل هذا المكان ايضا لكونه طاهر وكذا غير في تنوير الابصار الطاهر بالمطهر وكان المصنف انما اطلق ههنا اعتمادا على ما يصرح به في باب الانجاس أن الأرض والاجر المفروش يطهر باليبس وذهاب الاثر للصلوة لا التيمم وستطلع على توجيه الفرق هناك أن شاء الله تعالى قوله كان فيه نجاسة الصواب كانت فيه نجاسة قوله ولا يجوز بالرماد هو بفتح الراء المهملة يقال له بالفارسية خاكسترووجه عدم الجواز ما قد عرفته من انه ليس من جنس الأرض كما هو الغالب فان كان الرماد من حجر كما في بعض بلاد تركستان فانه حطبهم يجوز التيمم به كما في جامع الرموز نقلا عن الخزانة وهذه المسألة وكذا مسألة عدم جواز التيمم بالذهب والفضة والحنطة والشعير ذكرها الذكر فائدة قول المصنف من جنس الأرض وعلى هذا فكان الاولى له أن يسرد هذه المسائل في نسق واحد ويذكر مسألة عدم جواز التيمم بالطاهر بزوال الاثر بعدها بل كان الاولى فيها ذكرها عند قول المصنف على كل طاهر فانها متعلقة به لا بما بعده قوله وهذا اشارة الى ما فهم م المتن والشرح من جواز التيمم بما هو من جنس الأرض ولو حجر او زرنيخا وغير ذلك وعدم جوازه بما ليس من جنسه فقط قوله عند ابي حنيفة ومحمد اعلم انهم اختلفوا في ما يجوز به التيمم على اقوال فقال الثوري والاوزاعي يجوز بكل ما كان على الأرض حتى الشجر والثلج والجمر ونقل عن ابن علية جوازه بالمسك والزعفران وعن اسحق منعه بالسباخ وقال مالك يجوز بالتراب والرمل واللبن وقال الشافعي لا يجوز الا بالتراب وهو المختار عند اصحابه وبه قال احمد يجوز بالسبخة والرمل وعن الشافعي القديم جوازه بالتراب والرمل وهو قول ابي يوسف والا ثم رجع عنه وقال لا يجوز الا بالتراب وعن اسحق وبعض اصحاب الشافعي لا يجوز الا بتراب عليه غبار الحرث كذا في البناية للعيني وغيره وقد وقع الاختلاف في تفسير الصعيد الطيب في قوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا فقال ثعلب الصعيد وجه الأرض كقوله تعالى فتصبح صعيدا وجمعه صعد وصعدات كطرق وهو فعيل بمعنى مفعول وقال الزجاج الصعيد وجه الأرض كان عليه تراب او لم يكن ترابا كان او صخرا لا غبار عليه قال اولا اعلم خلافا بين اهل اللغة في أن الصعيد وجه الأرض وقال ابن عباس كما اخرجه عنه البيهقي الحرث حين سئل أي الصعيد اطيب لقوله تعالى والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه وكذا اخرجه عبد الرزاق في مصنفه عنه فمن اشترط في جواز التيمم التراب المنبت فهو أن المراد بالطيب المنبت اخذا من اثر ابن عباس ولا يخفى فساده اما او لا فلان سياق اثر ابن عباس نفه يدل على أن الصعيد الطيب اعم من الحرث واما ثانيا فلان الطيب استعمل لمعان منها الحلال كما في قوله تعالى كلوا من طيبات ما رزقناكم وقوله تعالى يا ايها الذين امنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومنها المنبت كما في قوله تعالى والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا ومنها الطاهر والظاهر حمل الطيب في هذه الاية على الطاهر لكونه اليق بموضع الطهارة واوفق بقوله تعالى بعد ذكر التيمم ولكن يريد ليطهركم والانبات ليس لداثر في هذا الباب الا ترى الى انه لو كان موضع الحرث بخسا لم يجز عليه التيمم اتفاقا واما ثالثا فلان الاجماع دل على أن المراد بالطيب ههنا الطاهر فلا يراد به غيره ومن اجاز التيمم على كل ما كان على الأرض استند بان ما على الأرض حكمه حكم الأرض ويغر خفي بعده فان القرآن والاحاديث النبوية تواردت على كون محل التيمم هو الأرض وكون ما عليه مشتركا معه في بعض الاحكام لا يستلزم اشتراكه في هذا الحكم ايضا ما لم يدل عليه نص صريح عليه واذ ليس فليس علا أن طهورية الأرض وجواز التيمم به مما لا يهتدي القياس اليه فيقتصر على مورده ولا يقاس عليه غيره ومن منع التيمم بالساخ استند بانتفاء صفة الطيب فيهاوانت تعلم انه مبنى على اعتبار الانبات وقد عرفت فساده والطيب بمعنى الطاهر يشملها ايضا ومن خص جوازه بالتراب فسر الصعيد بالتراب مستند بحديث ابن عباس وقد عرفت انه يدل على خلافه وذكر الرافعي الشافعي ابن ابن عمرو ابن عباس فسر الصعيد بالتراب الطاهر وقال ابن حجر في تلخيص الحبير لم اجدها اما تفسير ابن عمر فلم ار في ذلك شيئا واما تفسير ابن عباس فروى البيهقي من طريق قابوس بن ابي ظبيان عن ابيه عن ابن عباس قال اطيب الصعيد حرث الأرض ورواه ابن ابي حاتم في تفسير بلفظ اطيب الصعيد تراب الحرث ورواه ابن مردويه في تفسيره من حديث ابن عباس مرفوعا وليس مطابقا لما ذكره الرافعي بل قال ابن عبد البر في الاستذكار أن يدل على أن الصعيد غير ارض الحرث انتهى واستدلت الشافعية ايضا بحديث جعل تربتها طهورا وهو حديث اخرجه مسلم من حديث حذيفة مرفوعا فضلنا على الناس بثلث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا اذا لم يجد الماء واخرجه ابو بكر ابن ابي شيبة في مصفنه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه واخرجه ابو داود الطيالسي في مسنده وابو عوانة والدارقطني وصححه والبيهقي بلفظ وجعل ترابها طهورا واخرج احمد وابو يعلى من حديث على مرفوعا اعطيت ما لم يعط احد من الانبياء فقلنا ما هو يا رسول الله قال نصرت بالرعب واعطيت مفاتيح الأرض وسميت احمد وجعل لي التراب طهورا وجعلت امتي خير الامم كذا ذكره ابن حجر ولا يخفى ما في هذا الاستدلال ايضا فان الاحاديث في هذا النبات وردت بالفاظ مختلفة فبعضها وردت بلفظ التراب وبعضها بلفظ الأرض ففي صحيح البخاري ومسلم من حديث جابر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وكذا اخرجه الترمذي وعند ابن ماجة من حديث ابي هريرة وابي ذر جعل لي الأرض مسجدا او طهورا او عند الضياء المقدسى في المختار واحمد في مسنده من حديث انس جعلت لي كل ارض طيبة مسجدا او طهورا او عند ابي داود من حديث ابي ذر جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وبعضها وردت بلفظ عليك بالصعيد وبعضها بلفظ عليكم بالارض كما ذكرناها عند بحث تيمم الجنب ومن المعلوم أن لفظ الأرض واذا ثبت وردوه بلفظ اعم وايضا ومن اجاز التيمم بالتراب والرمل فقط استند بحديث التراب وبحديث عليكم بالارض خطابا لسكان الرمل كما مر ذكره في بحث تيمم الجنب وفيه ايضا ما فيه فان لفظ الصعيد والارض اعم منه واقوى المذاهب في هذا الباب هو جواز التيمم بكل ما كان من جنس الأرض مستند بالاحاديث الوارده بلفظ الصعيد والارض وبظاهر الآية فان الصعيد اطبق اهل اللغة على انه وجه الأرض كان عليه غبارا ولم يكن وقد رد على الشافعين بحديث ابي جهيم ايضا الذي ذكره في بحث مسح اليدين الى المرفقين فان فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم على جدار في المدينة ومن المعلوم أن حيطان المدينة كانت مبنية من احجار سود من غير تراب فلو لم ثبت الطهارة على الاحجار لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم كذا ذكره الطحاوي وابن بطال وابن المقصار المالكين واجاب عنه الكرماني في الكواكب الدراري بانه ليس معلوما انه لم يعلق بذلك تراب وما ذلك الا تحكم بارد فان الجدار قد يكون عليه تراب وقد لا يكون بل الغالب وجود الغبار على الجدار مع انه قد ثبت انه عليه السلام حت الجدار بالعصا ثم تيمم فيجب حمل المطلق على المقيد انتهى ورده العيني في عمدة القارئ بقوله الجدار اذا كان من حجر لا يحتمل التراب لانه لا يثبت عليه خصوصا جدران المدينة لانها من صخرة سوداء وقوله مع انه ثبت الخ ممنوع لان حت الجدار بالعصا رواه الشافعي عن ابراهيم بن محمد عن ابي الحوريرث عن الاعرج عن ابي ج هيم وهو حديث ضعيف فان قلت حسنه البغوي قلت كيف حسنه وشيخ والشافعي شيخه الضعيفان لا يحتج بهما قاله مالك وغيره ايضا هو منقطع بني الاعرج وابي جهيم وفيه علة اخرى وهي أن زيادة حك الجدار لم يات بها غير ابراهيم والحديث رواه جماعة وليس في حديث هم هذه الزيادة والزيادة انما تقبل من ثقة قال ولو بلا نقع أي يجوز التيمم بالحجر لكونه من جنس اجزاء الأرض ولو لم يكن عليه نقع بفتح النون وسكون القاف أي غبار فهو متعلق بقوله والحجر او يقال هو متعلق بقوله كل طاهر لو كان ذلك الطاهر بلا غبار وهذا عند أي حذيفة ومالك ومحمد في رواية وفي رواية اخرى عنه انه لا يجوز بدون الغبار واستعمال جزء من التراب بقوله تعالى في سورة المائدة فامسحوا بوجوهكم ويديكم منه فان الضمير المجرور راجع الى التراب فيقتضي ذلك استعمال جزء منه وذا لا يتصور بدون الغبار ومن لم يشترطه استند بظاهر قوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا حيث لم يشترط فيه اخذ التراب والغبار واجاب عن الاستدلال السابق بانا لا نسلم أن الضمير راجع الى التراب بل الى الحدث وان سلمنا رجوعه الى التراب فنقول هي الابتداء الغاية كما في سرت من البصرة فيدل على ابتداء المسح من الصعيد فحسب ويشهد له قوله تعالى في سورة النساء فامسحوا بوجوهكم وايديكم بدون منه فان لو كان استعمال جزء من التراب شرطا لذكره هناك ايضا واورد عليه بان ما في اية النساء وما في اية المائدة مقيد وقد تقرر أن المطلق والمقيد اذا وردا في حادثة واحدة يحمل المطلق على المقيد اتفاقا وبان كلمة من حقيقة في التبعيض مجاز في غيره ولا يعدل عن الحقيقة بلا ضرورة داعية واجيب عنه بان المطلق والمقيد ههنا واردان في الاسباب وفي مثله لا يحمل المطلق على المقيد عندنا اذ لاتزاحم في الاسباب وبان كون معنى التبعيض حقيقيا لكلمة من كون غيره حتى ابتداء الغاية مجازيا غير مسلم بل صرح كثير منهم أن سائر المعاني راجعة الى ابتداء الغاية وانه المعنى الحقيقي وبانا سلمنا من ههنا للتبعيض لكن المسح بالصعيد يستلزم المثلة المبقوحة بالاجماع فتقام اليد الموضوعة على الأرض مقامه ويمسح بالوجه كمسح التراب وفيه نظر فانه يستلزم أن يكون التراب خلف عن الماء ثم اليد الموضوعة عليه خلفا عنه فان قال قائل لا نسلم أن التراب خلف الماء قلنا هذا خلاف ما ثبت بالاحاديث من أن نفس الأرض والتراب طهور وخلف عن الماء وقد يقال في هذا المقام أن كلمة من سواء كانت حقيقة في البعضية والابتداء الا شبهة في انها تدل على استعمال جزء من مجرورها في امثال هذه العبارة كما في قولهم مسحت بالرأس واللحية من الدهن ومن التراب ومن الماء واحتمال ارجاع ضمير منه الى الحدث حديث محدث لا عبرة به فقياسا على النظائر يقتضى قوله تعالى في المائدة استعمال جزء من الأرض ويدفع بان فهم معنى استعمال جزء من الأرض يدفع من التراب بل ضميره راجع الى الصعيد ولا يفهم احد من اهل العرب من قولهم مسحت يدي من الحجر او الصعيد او الحائط ذلك المعنى البتة لما كان قوله في موضع اخر مطلقا اجرينا المطلق على اطلاقه والمقيد على تقييده لقدم التزاحم في مثل هذا الموضع وقلنا لا يشترط استعمال جزء منه لكن أن استعمله كان اولى بشرط أن لا يبلغ الى تقبيح الوجه قال وصليه أي يجوز التيمم على الغبار نفسه وان كان ملتصقا بغير الصعيد في حال قدرته على الصعيد وعدم قدرته كليهما وهذا قول ابي حذيفة ومحمد وعند أي يوسف لا يجوز الا عند العجز عن الصعيد وهذه احدى الروايات عنه والرواية الثانية انه لا يجوز به مطلقا والثالثة انه يتيمم به ويعيد ومنشأ الخلاف أن الغبار هل هو تراب خالص او غالب فيجوز به مطلقا اولا فابو يوسف ظن انه ليس بتراب المآمور به هو التيمم بالتراب فلا يتآدى به والحق انه تراب رقيق اما خالص واما غالب ممتزج مع الاجزاء الهوائية فيجوز به مطلقا كذلك يشترط الغبار نفسه أن يكون غير نجس فلا يجوز التيمم بغبار ثوب نجس لا يجوز الا اذا وقع ذلك الغبار عليه بعد ما جف كذا في البحر الرائق والتانارخانية وفي التاتارخانية ايضا صورة التيمم بالغبار أن يضرب بيديه او نحوه من الاعيان الطاهرة التي عليها غبار فاذا وقع الغبار على يديه تيمم او ينفض ثوبه حتى يرتفع غباره فيرفع يديه في الغبار في الهواء فاذا وقع الغبار على يديه تيمم انتهى وفي فتاوي قاضخان لو نفض ثوبه او لبده او سرجه فتيمم بغباره جاز وان ضرب يديه عليه ولزق به تراب فتيمم جاز وكذا لو ضرب يده على حنطة او شعير فلزق التراب او الغبار بيده جاز انتهى (فلو كنس دار او هدم حائط او كال حنطة فاصاب وجهه ذراعيه غبار لا يجزيه حتى يريده عليه مع قدرته على الصعيد بنية اداء الصلوة) وفي البحر نقلا عن شرح مختصر الطحاوي للاسبيجابي لو أن الحنطة او الشيء الذي لا يجوز به التيمم اذا كان عليه التراب فضرب يده عليه وتيمم ينظر أن كان يستبين اثره بمديده عليه جازوا الا فلا انتهى قلت معنى استبانة الاثر ليس كما فهمه بعض علماء عصرنا ظهور اثر الغبار في اليد حسا او ظهور اليد المدودة على ذلك الغبار فحملوا بانه لا يجوز التيمم على غبار الوسادة والبساط وغيرهما الا اذا كان عليه غبار كثير بحيث يظهر اثر مد اليد عليه او يحس الغبار على اليد بل معناه ظهور اثر الغبار وتيقن وجوده كما لا يخفى على من طالع الكتب الممتدة قوله فلو كنس يقال كنس الداراري ازال منها الكناسة وهو بالضم ما يكنس ويخرج من البيت لتصفيته وهي الزبالة والسباطة والالة التي يكنس بها يقال لها المكنسة قاله في المصباح قوله او هدم حائط أي اسقط ونقض جدار قوله او كال حنطة من الكيل قوله لا يجزيه حتى يمر من الامرار أي لا يكفى مجرد وصول الغبار على العضو الممسوح حتى يمسح بيده عليه لان الشرط وجود الفعل منه مع النية قال مع قدرته على الصعيد اشار به الى الرد على ما روى عن ابي يوسف على ما مر ذكره قال بنية اداء الصلوة متعلق بقوله ضربة وليس المراد بالاداء ما يقابل القضاء فان التيمم للقضاء ايضا صحيح اتفاقا بل ما يشمله وفي خلاف زفرفانه قال النية في التيمم ليست بفرض لانه خلف عن الوضوء فلا يخالف الوضوء في وصفه الذي هو الصحة فلما يجوز الوضوء بدون النية يصح التيمم ايضا بلا نية ولو لم يصح الا بها لزم كون الخلف مخالفا لاصل في وصفه والجواب عنه على ما في البناية وغيرها أن مخالفة الخلف لا صلة في بعض الاوصاف ليس بمستنكرة الا ترى أن الوضوء يكون بغسل الاعضاء الثلثة ومسح الرابع والتيمم اقتصر على العضوين الوجه واليدين فلو فارق اصله في باب النية لدليل خاص به لم يكن فيه باس ومن اشترط فيه النية فمن قال منهم باشتراطه في الوضوء استدل عليه بما استدل به في باب الوضوء ومن لم يقل به في الوضوء وهم ايمتنا حيث لم يشترطوا في صحة الوضوء النية واشترطوا في صحة التيمم النية استدلوا عليه بتقريرات عديدة منها أن التيمم ينبئ عن القصد فلا يتحقق بدونه كذا في الهداية وغيرها ويرد عليه وجهان احدهما انه لما كان التيمم هو القصد لغة فلا حاجة فيها اذن الى النية واجيب عنه بان المراد القصد الشرعي وذا لا يكون الا بالنية كذا ذكر العيني اقول فيه نظر فان الا يراد مبنى على أن المراد بقول صاحب الهداية يبنئ عن القصد الانباء اللغوي وح فالمراد بالقصد ليس الا معناه اللغوي وضمير بدونه لا يرجع الا اليه واثر هناك للقصد الشرعي وثانيهما انه اذا كان التيمم يبنئ عن القصد فلا يظهر من قوله فتيمموا صعيدا طيبا الا قصد استعمال التراب وهو بغير النية المعتبرة عند من اشترطها فان من قصد استعمال التراب للمسح ولم يقصد التطهير ونحوه لا يجوز بمثله التيمم عندهم ومنها ما في غاية البيان من أن التيمم يدل على القصد والقصد هو النية وامرنا بالتيمم وامرنا للوجوب فتشترط فيه النية بخلاف الوضوء فان الامر ورد فيه بالغسل والمسح ولا دلالة لها على النية ورد الاكمل في العناية بان القصد المامور به هو قصد استعمال التراب وتفسير النية أن ينوي الطهارة او رفع الحدث واستباحه الصلوة وهذا غير ذلك لا محال فلا يلزم من كون احدهما مأمور به أن يكون الاخر شرطا واجاب عنه العيني في البناية بان قصد استعمال التراب هو عين النية لانه لا يقصد الا لاحد الامور المذكورة ولا يلزم أن يكون هناك نيتان احدهما قصد استعمال التراب وهو قصد استعمال التراب والاخر نية احد الامور المذكورة ولم يقل احد ان التيمم يحتاج الى نيتين اقول فيه سخافة ظاهرة اما او لا فلان ماذا اراد قوله قصد استعمال التراب هو عين النية أن اراد انه عين النية اللغوية فصحيح لكنه غير مفيد وان اراد أن عين النية المعتبرة شرعا فغير صحيح فان قصد استعمال التراب لتلويث الوجه واليدين ولتقبيح الصورة واللهو واللعب الى غير ذلك من الاغراض الغير شرعية يقصد عليه أن القصد استعمال التراب ولا وجود للنية الشرعية هناك وما ثانيا فلانه قوله لا يقصد الا لاحد الامور المذكورة أن اراد به انه لا يقصد شرعا الا لاحدها فصحيح غير مفيد وان اراد اعم منه فغير صحيح وما ثالثا فلان اللازم الذي الزمه بقوله والا يلزم الخ ملتزم عندهم فان الفقهاء نصوا على اشتراط نية الطهارة ونحوها وصرحوا ايضا بلزوم قصد استعمال التراب حيث ذكروا فيما اذا وقع الغبار بهدام الحائط ونحوه على الوجه واليدين انه لا يصح له التيمم حتى يمر يده عليه ويوجد منه فعل استعمال التراب ومسحه وهل هذا الا قصد استعمال التراب المأمور به الهمام في فتح القدير واشار الى انه المراد من عبارة الهداية من أن لفظ التيمم وهو الاسم الشرعي يبنى على القصد والاصل أن يعتبر في الاسماء الشرعية ما يبنئ عنه من المعاني على ما عرف انتهى وفيه ايضا على ما يظهر لي نظر فان المامور به في اية التيمم ليس الا المسح بقوله فامسحوا بوجوهكم ويديكم ولا اثر فيه للنية المعتبرة عندهم والمراد بقوله تعالى فتيمموا ليس التيمم الشرعي حتى يفهمموا ايجاب النية بل التيمم اللغوي فان معناه ليس الا فاقصدوا صعيدا طيبا الا افعلوا التيمم الشرعي على انا لو سلمنا ذلك لم يكن فيه الا ايجاب مصداق التيمم الشرعي وهو مسح الوجه واليدين لا ايجاب القصد الشرعي وكون التيمم شرعا منبئا عن القصد لا يدل على اشتراط النية الشرعية وكون الاصل أن يعتبر في الاسماء الشرعية ما ينبئ عنه لا يدل على الاشتراط بحيث لا يصح مطلقا مصداقها بدونه ما لم يوجب امر شرعي به واذا ليس فليس ومنها ما في الهداية وغيرها من التراب جعل طهورا في حالة مخصوصة والماء مطهر نفسه وحاصله أن الماء مطهر بنفسه لقوله تعالى ماء طهور فلا يحتاج به النية بخلاف التراب فانه ملوث بنفسه وانما جعل الطهور في حالة مخصوصة وهي حالة ايرادة الصلة فاشترطة النية فيه ليصح كونه مطهر وفيه نظر من وجوه الاول ما ذكره الهداد الجونفوري بقوله هذا مشكل لان النبي صلى الله عليه وسلم جعل التراب عند عدم الماء طهورا مطلقا بقوله التراب طهور المسلم ما لم يجد الماء ولا دليل على تقييده بالنية فيجب اجراؤه على اطلاقه انتهى الثاني ما ذكره ابن الهمام بقوله أن اراد حالة الصلوة على ما صرح به في سنن الوضوء اول الكتاب فهو بناء على أن الارادة مراداة في الجملة المعطوفة عليها جملة التيمم اعنى اية الوضوء اذا اقمتم الى الصلوة فان قوله وان كنتم مرضى الى اخرية التيمم عطف عليها وانت قد علمت أن لا دلالة لها على اشتراط النية وان اراد حاله عدم القدرة على استعمال الماء فظاهر أن ذلك لا يقتضى ايجاب النية ولا نفيها انتهى الثالث ما ذكره ابن الهمام ايضا بقوله جعل الماء طهور نفسه مستفاد من قوله تعالى ماء طهور ومن قوله ليطهركم به لا يخفي ما فيه اذ كون المقصود من انزاله التطهيريه وتسميته طهورا لا يفيد اعتباره مطهرا بنفسه أي رافعا للامر الشرعي بلا نية بخلاف ازالة الخبث لان في التيمم خلافا لزفر حتى اذا كان به حدثان يوجب الغسل كالجنابة وحدث يوجب الوضوء ينبغي أن ينوي عنهما فان نوى عن احدهما لا يقع عن ذلك محسوس ولا تلازم بين ازالته بين ازالته حسا صفة محسوسة وبين كونه يرتفع عند استعماله اعتبار شرعي اعني الحدث وقد حققنا في بحث الماء المستعمل أن التطهير ليس من مفهوم طهور فارجع اليه والمفاد من ليطهركم كون المقصود انزاله التطهير به وهذا يصدق مع اشتراط النية كما قال الشافعي وعدمه كما قلنا ولا دلالة للاعم على اخص منه بخصوص انتهى وبعه اللتيا واللتي نقول الاولى أن يستدل على اشتراط النية في التيمم بحديث انما الاعمال بالنيات بناء على تقدير الصحة ويستثنى منه الوضوء قياسا على نظائره من غسل الثوب ونحوه مما لا يحتاج فيه الى النية ثم النية المعتبرة شرعا في التيمم على ما ذكره المسسصنف ههنا قصد اداء الصلوة وفيه قصور لا يخفى فان المعتبر عند أبي يوسف هو نية قربة مقصودة مطقا وعند هما قرية مقصودة لا تصح الا بالطهارة على ما سيجيء أن شاء الله في الشرح والقصر على نية الصلوة فحسب لم يذهب اليه احد وذكر صاحب الهداية في التجنيس أن المعتبر هو نية التطهير انتهى وقال في الهداية اذا نوى الطهارة او استباحة الصلوة اجزاه انتهى وقال صاحب البحر شر طها أن يكون المنوي عبادة مقصودة لا تصح الا بالطهارة او الطهارة او استباحة الصلوة او رفع الحدث او الجناية انتهى ومن ههنا علم انه لو يتمم ناويا تعليم الغير فقط لا يجوز به الصلوة في الاصح صرح به في معراج الدراية ولو نوى التيمم فقط من غير ملاحظة شئ آخر لا يجوز به الصلوة صرح به في البحر ونور الإيضاح وغيرهما وهذا بخلاف الوضوء فانه لو نوى فيه الوضوء فقط اجزاه لان كل وضوء يستباح به الصلوة ولا كذلك التيمم فلا يكفى الصلوة التيمم المطلق وبالجملة فالنية في التيمم لكونه مفتاحا للصلوة فتصح به احد اربعة اشياء اما نية الطهارة من الحدث القائم به واما نية رفع الحدث وهو متحد مع الأول معنى ومختلف لفظا ولذا قال الشرنبلالي في نور الإيضاح احد ثلثة اشياء واما نية استباحة الصلوة فان اباحتها لا بلون الا برفع الحدث هذا اذا اطلق في النية واما نية عبادة خاصة بشروطها التي تاتي ذكرها هذا اذا كانت مقيدة ولعلك علمت من ههنا أن هذه النيات التي ذكروها انما هو لصحة التيمم الذي تصح به الصلوة لا المطلق التيمم كما يتوهم من ظاهر عبارات كثير منهم ومنهم المصنف ح قوله حتى اذا كان الخ تفريع على افتراض النية في التيمم وحاصله انه اذا كان يلقى له يتمم واحد لهما ولا يحتاج الى أن يتيمم مرة للحدث الاصغر واخرى للحدث الأكبر لكن لا بد له من نية رفع الحدث والجنابة كليهما حتى لو نوى عن احدهما بان قصد رفع الجنابة فقط او رفع الحدث الأصغر فقط لم يقع تيممه عن الآخر وههنا نظر من وجهين احدهما أن كل ما هو موجب للحدث الأكبر موجب للحدث الأصغر انه اذا اجنب المتوضى بطلت طهارته ولم يجز بذلك الوضوء عبادته فالحدث الذي يوجب الغسل متضمن للحدث الذي يوجب الوضوء غير مفارق عنه فما معنى اجتماع الحدثين المتغايرين وجوابه أن هذا اذ بقدم الحدث الذي يوجب الغسل واما اذا تاخر بان احدث المتوضى الطاهر حدثا يوجب الوضوء وجب عليه الوضوء فقط ثم احدث حدثا يوجب الغسل ووجب عليه الغسل يصدق عليه انه اجتمع به حدثان موجبان لامرين منفردين او نقول الجنب اذا تيمم لجنازة فصلى ثم عرض له حدث يوجب الوضوء ورأى ماء فبطل تيممه للجنابة ثم عدم الماء فحر اجتمع الحدثان وثانيهما أن الظاهران كلمة ينبغي في الشرح بمعنى يجب لكونه متفرعا على الافتراض مع أن وجوب التعيين والتمييز انما هو ذهب ابي بكر الجصاص الرازي وروى محمد بن سماعة
صفحہ 651