الشروط الباطنة من أعمال القلب في الصلاة - خلاصات من كتاب قناطر الخيرات
الشروط الباطنة من أعمال القلب في الصلاة
للشيخ إسماعيل بن موسى الجيطالي رحمه الله تعالى
فضل الخشوع_ -خلاصات من كتاب "قناطر الخيرات" للإمام العلامة أبي طاهر إسماعيل بن موسى الجيطالي رحمه الله تعالى، القنطرة الثالثة: 118-122، تحقيق وتعليق هيئة طلبة قسم الشريعة.معهد عمي سعيد.غرداية.الجزائر._
موقع واحة الإيمان
www.waleman.com
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
قال الله تعالى: { واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } [سورة البقرة:45]، وقال تعالى: { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون } [سورة المؤمنون:1-2].
ومعنى الخشوع: الخوف الثابت في القلب، فإذا كان القلب خاشعا خائفا أورث ذلك تيقظا فيه وسكونا في الجوارح.
وقال تعالى: { أقم الصلاة لذكري } [سورة طه:14]، " فظاهر الأمر الوجوب، والغفلة تضادد الذكر، فمن غفل في جميع صلاته كيف يكون مقيم الصلاة لذكره تعالى ؟! " _ -كتاب قناطر الخيرات، القنطرة الثالثة: 176-177._
وقال - عز وجل - : { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } [سورة النساء:43]، قيل: سكارى من كثرة الهم، وقيل: من حب الدنيا، وقيل: إن المراد به ظاهره، وفيه تنبيه على سكر الدنيا، إذ بين فيه العلة فقال: { حتى تعلموا ما تقولون } [سورة النساء:43]، فكم من مصل لم يشرب الخمر وهو لا يعلم ما يقول في صلاته.
وقال بعضهم: يحتاج المصلي إلى أربع خصال حتى يكون خاشعا: إعظام المقام وإخلاص المقال واليقين التام وجمع الهمة، وهذا هو الأصل.
والصلاة مناجاة فكيف تكون مع الغفلة ؟!
صفحہ 1
بيان المعاني الباطنة التي بها تتم حياة الصلاة_ -خلاصات من كتاب قناطر الخيرات، القنطرة الثالثة: 186-203._ هذه المعاني تكثر العبارات عنها ولكن يجمعها: حضور القلب والتفهم لمعنى الكلام والتعظيم والهيبة والرجاء والحياء, فلنذكر تفاصيل هذه المعاني الستة ثم أسبابها ثم العلاج في اكتسابها ( أي بيان الدواء النافع في حضور القلب ).
أولا: تفاصيل هذه المعاني
1-حضور القلب: ومعناه تفريغ القلب عن غيرها.
2-التفهم لمعنى الكلام: وهو أمر وراء حضور القلب، فربما يكون القلب حاضرا مع اللفظ ولا يكون حاضرا في معنى اللفظ، فاشتمال القلب على العلم بمعنى اللفظ هو المراد بالتفهم، فمن هذا الوجه كانت الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر، فإنها تفهم أمورا، تلك الأمور تمنع عن الفحشاء لا محالة.
3-التعظيم: وهو أمر وراء حضور القلب والفهم، إذ الرجل يخاطب عبده بكلام هو حاضر القلب فيه ومتفهم لمعناه ولا يكون معظما له، فالتعظيم زائد عليهما.
4-الهيبة: وهي زيادة على التعظيم بل هي عبارة عن خوف منشؤه التخويف، لأن من لا يخاف لا يسمى هائبا، والمخافة من العقرب وما يجري مجراه لا يسمى مهابة، فالهيبة خوف مصدره الإجلال.
5-الرجاء: ولاشك أنه زائد، فكم من معظم ملكا من الملوك يهابه إذ يخاف سطوته ولكن لا يرجو مبرته، والعبد ينبغي أن يكون راجيا بصلاته ثواب الله - عز وجل - كما أنه خائف لتقصيره عقاب الله - عز وجل - .
6-الحياء: وهو زائد على الجملة، لأن مستنده استشعار تقصير وتوهم ذنب، ويتصور التعظيم والخوف والرجاء من غير حياء حيث لا يكون توهم تقصير وارتكاب ذنب.
صفحہ 2
ثانيا: أسباب هذه المعاني 1-حضور القلب: إن سببه الهمة، فإن قلبك تابع لهمك، فلا يحضر إلا فيما يهمك، ومهما أهمك أمر حضر القلب شاء أم أبى، فهو مجبول عليه ومسخر فيه، فالقلب إذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلا بل كان حاضرا فيما الهمة مصروفة إليه من أمور الدنيا؛ فلا حيلة ولا علاج لإحضار القلب إلا بصرف الهمة إلى الصلاة، والهمة لا تنصرف إليها ما لم يتبين أن الغرض المطلوب منوط بها، وذلك هو الإيمان والتصديق بأن الآخرة خير وأبقى وأن الصلاة وسيلة إلى الآخرة، فإذا أضيف هذا إلى حقيقة العلم بحقارة الدنيا حصل من مجموعها حضور القلب في الصلاة، فاجتهد في تقوية الإيمان.
2-التفهم لمعنى الكلام: إن سببه بعد حضور القلب إدمان الفكر وصرف الذهن إلى إدراك المعنى؛ وعلاجه هو-مع علاج إحضار القلب-التشمر لدفع الخواطر الشاغلة بالنزوع عن تلك الأسباب التي تنجذب الخواطر إليها، فمن أحب شيئا أكثر ذكره، فذكر المحبوب يهجم على القلب بالضرورة، فلذلك ترى أن من أحب غير الله لا تصفو له صلاة عن الخواطر.
3-التعظيم: حالة للقلب تتولد فيه من معرفتين:
-إحداهما: معرفة جلال الله - عز وجل - وعظمته.
-والثانية: معرفة حقارة النفس وخستها وكونها عبدا مسخرا لله.
وما لم تمتزج معرفة حقارة النفس بمعرفة جلال الرب لا تنتظم حالة التعظيم والخشوع.
4-الهيبة والخوف: حالة للنفس تتولد من المعرفة بقدرة الله تعالى وسطوته ونفوذ مشيئته فيه مع قلة المبالاة به.
وبالجملة كلما ازداد العلم بالله تعالى ازدادت الخشية والهيبة.
5-الرجاء: سببه معرفة لطف الله - عز وجل - وكرمه ومعرفة صدقه في وعده الجنة بالصلاة، فإذا حصل اليقين بوعده والمعرفة بلطفه انبعث من مجموعهما الرجاء لا محالة.
صفحہ 3
6-الحياء: استشعاره التقصير في العبادة وعلمه بالعجز عن القيام بعظيم حق الله تعالى، ويقوي ذلك بالمعرفة بعيوب النفس وآفاتها وقلة إخلاصها وميلها إلى الحظ العاجل في جميع أفعالها، والعلم بأن الله مطلع على السريرة وخطرات القلب وإن دقت وخفيت، وهذه المعارف إذا حصلت يقينا انبعثت منها بالضرورة حالة تسمى الحياء.
فهذه أسباب هذه الصفات، فكل ما طلب تحصيله فعلاجه إحضار سببه، ففي معرفة السبب معرفة العلاج
ورابطة جميع هذه الأسباب الإيمان واليقين، ومعنى كونها يقينا انتفاء الشك واستيلاؤها على القلب
ثالثا: العلاج في اكتساب هذه المعاني ( بيان الدواء النافع في حضور القلب )
المؤمن لابد أن يكون معظما لله - عز وجل - وخائفا منه وراجيا، وسبب انفكاكه في الصلاة عن هذه الأحوال هو تفرق الفكر وتقسم الخاطر وغيبة القلب عن المناجاة والغفلة عن الصلاة.
والخواطر الواردة الشاغلة تلهي عن الصلاة؛ فالدواء في إحضار القلب هو دفع تلك الخواطر، ولا يدفع الشيء إلا بدفع سببه؛ وسبب موارد الخواطر إما أن يكون أمرا خارجا أو أمرا في ذاته باطنا:
أما الخارج: فما يقرع السمع أو يظهر للبصر، فإن ذلك قد يختطف الهم حتى يتبعه ويتصرف فيه، ثم تنجر منه الفكرة إلى غيره ويتسلسل فيكون الإبصار سببا للأفكار ثم تصير بعض تلك الأفكار سببا للبعض؛ وعلاجه قطع هذه الأسباب بأن يقصر نظره في موضع سجوده أو على طرف أنفه، وأن يقرب من غض البصر حتى لا يتحقق النظر أو يصلي في بيت مظلم أو لا يترك بين يديه ما يشغل حسه، وأن يقرب من حائط عند صلاته حتى لا تتسع مسافة بصره، ويحترز من الصلاة على الشوارع والطرق وفي المواضع المنقوشة المصبوغة.
صفحہ 4
وأما الأسباب الباطنة: فهي أشد، فإن من تشعبت به الهموم في أودية الدنيا لم ينحصر فكره في فن واحد بل لا يزال يطير من جانب على جانب وقصر البصر لا يغنيه في ذلك فإن ما وقع في القلب كاف في الشغل، فهذا طريقه أن يرد النفس قهرا إلى فهم ما يقرؤه في الصلاة ويشغلها به عن غيره، ويعينه على ذلك-بأن يستعد له قبل تكبيرة الإحرام ولو بطرف عين-ذكر الآخرة وخطر المقام بين يدي الله سبحانه، والعرض عليه، ويفرغ قلبه قبل التحريم بالصلاة من جميع ما يهمه فلا يترك لنفسه شغلا يلتفت إليه خاطره.
فهذا طريق تسكين الأفكار، وكل ما يشغله عن صلاته فهو ضد دينه، وجند إبليس عدوه فإمساكه أضر عليه من إخراجه فيتخلص عنه بإخراجه.
ومن انطوى باطنه على حب الدنيا حتى مال إلى شيء منها لا ليتزودها ولا ليستعين بها على الآخرة فلا يطمعن في أن تصفو له لذة المناجاة في الصلاة، فإن من فرح بالدنيا فلا يفرح بالله سبحانه وبمناجاته، وهمة الرجل مع قرة عينه فإن كانت قرة عينه في الدنيا انصرف لا محالة إليها همه.
ولا ينبغي ترك المجاهدة ورد القلب إلى الصلاة وتقليل الأسباب الشاغلة، فهذا هو الدواء المر ولمرارته استبشعته الطباع فبقيت العلة مزمنة وصار الداء عضالا.
ما ينبغي أن يحضر في القلب عند كل ركن وشرط من أعمال الصلاة_ -خلاصات من كتاب قناطر الخيرات، القنطرة الثالثة: 203-231._
ينبغي لك أن لا تغفل أولا عن شروط الصلاة وأركانها:
الأذان: إذا سمعت نداء المؤذن فأحضر في قلبك هول النداء يوم القيامة، وتشمر بظاهرك وباطنك للإجابة والمسارعة، فإن المسارعين إلى هذا النداء هم الذين ينادون باللطف يوم العرض الأكبر.
الطهارة: إذا أتيت بها في مكانك ثم في ثيابك ثم في بشرتك فلا تغفل عن لبك الذي هو ذاتك وهو قلبك، فاجتهد له تطهيرا بالتوبة فإنه موقع نظر معبودك.
صفحہ 5
ستر العورة: معناه تغطية مقابح بدنك عن أبصار الخلق، فإن ظاهر بدنك موقع نظر الخلق فما رأيك في عورات باطنك وفضائح سريرتك التي لا يطلع عليها إلا ربك - عز وجل - ؟ فأحضر تلك الفضائح ببالك، وطالب نفسك بسترها.
استقبال القبلة: هو صرف ظاهر وجهك عن سائر الجهات إلى جهة بيت الله، أفترى أن صرف القلب عن سائر الأمور إلى أمر الله - عز وجل - ليس مطلوبا منك ؟! هيهات فلا مطلوب سواه، فليكن وجه قلبك مع وجه بدنك.
الانتصاب قائما: إنما هو مثول بالشخص والقلب بين يدي الله - عز وجل - .
النية: اعزم على إجابة الله - عز وجل - في امتثال أمره بالصلاة وإتمامها والكف عن نواقضها ومفسداتها، والإخلاص بجميع ذلك لوجه الله سبحانه رجاء لثوابه وخوفا من عقابه.
التوجيه: أول كلماته قولك: { وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض } ، وليس المراد بالوجه وجه ظاهر البدن فإنك إنما وجهته إلى جهة القبلة، وإنما وجه القلب هو الذي يتوجه به إلى فاطر السماوات والأرض، فانظر إليه أهو متوجه إلى أمانيك وهممك في البيت والسوق أو مقبل على الله، إياك أن يكون أول مفاتحتك للمناجاة بالكذب، وإذا قلت: { حنيفا } -ومعناه مسلما مائلا عن غير الله إليه-فاجتهد في أن تعزم عليه في الاستقبال وتندم على ما سبق من الأحوال، فإذا قلت: { وما أنا من المشركين } [سورة الأنعام:161] فأخطر ببالك الشرك الخفي وكن منتفيا من هذا الشرك وغيره، وإذا قلت: { إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } [سورة الأنعام:162] فاعلم أن هذا حال عبد مفقود لنفسه موجود لسيده، واجتهد لإخلاص جميع أفعالك وأحوالك لله تعالى والتبري عن حولك وقوتك إلا له تعالى.
صفحہ 6
التسبيح في قولك: " سبحانك اللهم وبحمدك ": اعتقد تنزيه الله تعالى عن جميع نقائص الصفات، وفي قولك: " تبارك اسمك وتعالى جدك " اعتقد تعظيم الله تعالى ووصفه بجميع محامد الصفات وكمال الذات، وفي قولك: " ولا إله غيرك " اعتقد وحدانيته وإفراده عن خلقه بالألوهية والعبادة، وأنه لا يشبه شيئا ولا يشبهه في اسم ولا صفة ولا ذات ولا فعل: { ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين } [سورة الأعراف:54].
التكبير " الله أكبر ": إذا نطق به لسانك فينبغي أن لا يكذبه قلبك وإن كان في قلبك شيء هو أكبر من الله سبحانه فالله يشهد إنك لكاذب، وما أعظم الخطر في ذلك، واعتقد بالتكبير تعظيم الله عن كل شيء وحرم على نفسك ما كان حلالا لك في غير الصلاة.
الاستعاذة: إذا قلت:" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فاعلم أنه عدوك ومترصد لصرف قلبك عن الله - عز وجل - حسدا لك، ومن يتبع الشهوات التي هي محاب الشيطان ومكاره الرحمان فلا يغنيه مجرد القول، فليقترن قوله بالعزم على التعوذ بحصن الله تعالى من شر الشيطان؛ وإن من مكائد شغله إياك في الصلاة بفكر الآخرة وتدبير فعل الخيرات ليمنعك بذلك عن فهم ما تقرأ من القرآن لأن كل ما يشغلك عن فهم معاني قراءتك فهو وسواس فإن حركة اللسان غير مقصودة بل المقصود معانيها.
صفحہ 7
معاني سورة الفاتحة: إذا قلت: { بسم الله الرحمن الرحيم } فانو به التبرك لابتداء القراءة لكلام الله سبحانه، وافهم أن معناه أن الأمور كلها بالله، وإذا كانت الأمور بالله سبحانه كان { الحمد لله } ، ومعناه أن الشكر لله، إذ النعم كلها من الله { رب العالمين } ، فإذا قلت: { `"uH÷q§چ9$# Oٹدm§چ9$# } فأحضر في قلبك أنواع لطفه لتتضح لك رحمته، فينبعث به رجاؤك، ثم استشعر قلبك التعظيم والخوف بقولك: { ملك يوم الدين } ؛ ثم جدد الإخلاص بقولك: { إياك نعبد } وجدد العجز والاحتياج بقولك: { وإياك نستعين } وتحقق أنه ما تيسرت طاعتك إلا بإعانته وأن له المنة إذ وفقك لطاعته؛ ثم إذا فرغت من ذلك فعين سؤالك ولا تطلب إلا أهم حاجاتك وقل: { اهدنا الصراط المستقيم } الذي يسوقنا إلى جوارك ويفضي بنا إلى مرضاتك، وزد ذلك تأكيدا واستشهادا بالذين أفاض عليهم نعمة الهداية من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين دون الذين غضب عليهم من الكفار والزائغين من اليهود والنصارى والصابئين وأمثالهم من الضالين: { صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } .
وكذلك ينبغي أن تفهم ما تقرؤه من سورة فلا تغفل عن أمره ونهيه ووعده ووعيده ومواعظه وأخبار أنبيائه وذكر مننه وإحسانه.
فهكذا كان حال السلف الصالح عند قراءة القرآن.
فينبغي للإنسان أن يتفهم معاني القرآن تعظيما لله - عز وجل - وإجلالا له.
هذا حق القراءة وهو حق الأذكار والتسبيحات أيضا ويستعين على الفهم بترك العجلة في القراءة، قال الله تعالى: { ورتل القرآن ترتيلا } [سورة المزمل:4] وقال تعالى: { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } [سورة ص:29].
صفحہ 8
دوام القيام: تنبيه على إقامة القلب مع الله - عز وجل - على نعت واحد من الحضور، وكما تجب حراسة الرأس والعين عن الإلتفات إلى الجهات فكذلك تجب حراسة القلب عن الإلتفات إلى غير الصلاة، فإن التفت فذكره باطلاع الله عليك وإقباله إليك، فكيف أنت تتهاون بمناجاته بالغفلة والإعراض عنه ؟! وقبح ذلك عليه حتى يعود إلى الصلاة، وألزم الخشوع للقلب حتى لا يلتفت، فإن ثمرة الخشوع الخلاص عن الالتفات ظاهرا وباطنا، فمهما خشع الباطن خشع الظاهر؛ ومن يطمئن بين يدي غير الله - عز وجل - خاشعا وتضطرب أطرافه بين يدي الله تعالى ولا تخشع فإنما ذلك لقلة معرفته بجلال الله تعالى وقصور علمه بإطلاعه تعالى على سره وضميره.
الركوع والسجود: ينبغي أن تجدد ذكر كبرياء الله تعالى وعظمته وأنت متذلل متواضع، وتستعين على تقرير ذلك في قلبك بلسانك فتسبح ربك وتشهد له بالعظمة فإنه أعظم من كل عظيم، وتكرر ذلك على قلبك لتؤكده بالتكرار؛ ثم ترتفع من ركوعك راجيا أنه أرحم الراحمين وتقول: " سمع الله لمن حمده " أي أجاب الله لمن شكره، ثم تردف ذلك بالشكر فتقول: " ربنا ولك الحمد"؛ ثم تهوي إلى السجود وهو أعلى درجات الخضوع والاستكانة، فمكن أعز أعضائك وهو الوجه من التراب؛ فعندها جدد على قلبك عظمة الله سبحانه فقل: " سبحان ربي الأعلى " وأكده بالتكرار، فإذا رق قلبك فليصدق رجاؤك في رحمة ربك، فإن رحمته تسارع إلى الضعف والانكسار لا إلى الترفع والاستكبار، فارفع رأسك من السجود مكبرا ثم أكد التواضع بالتكرار فعد إلى السجود ثانيا كذلك.
صفحہ 9
التشهد: إذا جلست له فاجلس متأدبا وصرح بأن جميع ما تدلي به من " التحيات "-ومعناه الملك-" لله " تعالى، " و " كذلك " الصلوات والطيبات "-أي الأخلاق الطاهرة-لله، وأحضر في قلبك النبي - صلى الله عليه وسلم - بشخصه الكريم وقل: " السلام على النبي ورحمة الله وبركاته " وليصدق أملك في أنه يبلغه ويرد عليك ما هو أوفى منه، ثم تسلم على نفسك وجميع عباد الله الصالحين تعم به كل عبد صالح من سكان السماوات والأرضين، وارج من الله سبحانه أن يرد عليك سلاما وافيا بعدد عباده الصالحين، ثم تشهد له بالوحدانية ولمحمد - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة مجددا عهد الله سبحانه بإعادة كلمتي الشهادة.
التسليم: اقصد عنده السلام على الملائكة الكرام الكاتبين وسائر المسلمين الحاضرين فانو به أيضا الخروج من الصلاة واستشعر شكر الله تعالى على توفيقه لك لإتمام هذه الطاعة، وتوهم أنك مودع لصلاتك هذه وأنك ربما لا تعيش لمثلها.
بعد التسليم: تستغفر الله ثلاثا، وتعتقد ذلك استغفارا من تقصيرك في صلاتك وسائر ذنوبك.
ثم انصب في الدعاء بالتواضع والخشوع، وارغب إلى ربك بالتضرع والابتهال وصدق الرجاء بالإجابة وأشرك في دعائك سائر المؤمنين والمؤمنات، ثم أشعر قلبك الإشفاق والوجل والحياء من التقصير في الصلاة، وخف أن لا تقبل صلاتك وأن تكون ممقوتا بذنب ظاهر أو باطن ترد من أجله صلاتك في وجهك، وترجو مع ذلك أن يقبلها بكرمه وفضله.
فهذا تفصيل صلاة الخاشعين: { الذين هم على صلاتهم دائمون } [سورة المعارج:23] { والذين هم على صلاتهم يحافظون } [سورة المعارج:34] وهم الذين يناجون الله - عز وجل - على قدر استطاعتهم في العبودية فليعرض الإنسان نفسه على هذه الصلاة، بالقدر الذي يتيسر له منها ينبغي أن يفرح، وعلى ما يفوته ينبغي أن يتحسر وفي مداومة ذلك ينبغي أن يجتهد.
صفحہ 10
فالمصلون بالحقيقة هم ورثة الفردوس، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم ونحن نرغب إلى الله تعالى أن يعيذنا من عقوبة من تزينت أقواله وقبحت أفعاله إنه الكريم المنان ذو الفضل والإحسان.
تم بحمد اللهفالمصلون بالحقيقة هم ورثة الفردوس، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم ونحن نرغب إلى الله تعالى أن يعيذنا من عقوبة من تزينت أقواله وقبحت أفعاله إنه الكريم المنان ذو الفضل والإحسان.
تم بحمد الله
----NO PAGE NO------
نامعلوم صفحہ