شہداء التعصب
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
اصناف
وضاقت دائرة المهاجمين شيئا فشيئا، وقال الدوق: اخرجا وإلا فالنار!
إلا أن جاليو كان يحاول أن يعرف عدد خصومه، فتحقق أن ممشيين من المماشي الثلاثة المؤدية إلى الخميلة قد وقف فيهما بعض الأشراف متقلدي السيوف وحملة البنادق، وأن الثالث ليس فيه إلا اثنان من حملة البنادق. فقال في نفسه: إذن ويل لهما، وفي أسرع من رد الطرف وثب عليهما، فطرحهما على الأرض بضربتين من قبضتيه قبل أن يتمكنا من العلم بوجوده، وصاح لساعته: «إلي أيها البواسل!»
فتواثب الدوق ورجاله مزدحمين في الممشيين، وفي أثناء ذلك كانت مرسلين قد انسلت إلى طريق القصر، ومن سوء الحظ أن المهاجمين سمعوا وقع خطى مرسلين فحاولوا اللحاق بها، غير أن المسافة التي بين ذلك الموضع والقصر كانت بعيدة، فقالوا: سوف نقبض عليها قبل أن تصل، وهو أمر عول جاليو على أن يمنع وقوعه، ولما وصل الدوق ورجاله إلى الممشى ألفوا جاليو شاهرا سيفه، فقال برداليان: هذا هو!
فقال الدوق: افعل به ما شئت يا برداليان، ولكن لا تقتله.
فأجابه جاليو: شكرا لك أيها الدوق، فإن انعطافك ملأ فؤادي سرورا.
ثم جالد برداليان بسيفه حتى أدناه من وجهه، واضطر الدوق إلى مد يده ليمنع صاحبه، وإذا بالرجال الثلاثة قد أخذوا يتجالدون بالسيوف وجاليو يتقهقر شيئا فشيئا، وكان قد استند إلى شجرة، وأمن أن يضرب من خلف، فاكتفى بأن جعل يمد سيفه إلى صدر الدوق تارة، وإلى صدر برداليان تارة أخرى بسرعة مدهشة، حتى لم يجسر أحد منهما على الدنو، وما زال يدافع عن نفسه ويمانع حتى خذلته قواه وأيقن أن مرسلين نجت، ثم خذلته ساقاه فانحنى فأصابته ضربة من سيف الدوق جرحته، وأقبل الرجال فأمسكوه، وقال له الدوق: إن هذا الفتى شيطان في صورة إنسان.
قال برداليان: إنه قتل اثنين.
قال الدوق: ولو أنه التقى بكل منا على حدة لجرحنا نحن الاثنين.
فضحك برداليان وقال: انظر إلى صدرتك يا مولاي فإنها مخضبة بدمك.
قال الدوق: كصدرتك أنت! فانظر إليها.
نامعلوم صفحہ