شہداء التعصب
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
اصناف
فأجابه رفيقه: مهلا يا مولاي، فالأمر يسير، وما علينا إلا أن أستأذن من ضابط الحراس بالمرور. - لست أود أن يدري أحد بوصولي إلى مدينة أورليان. - ولكن ما من وسيلة لنا يا مولاي غير هذه الوسيلة، وما إخالك تود أن تقضي ليلتك تحت السماء. - افعل يا جيلو ما تراه مناسبا، وإنما استوثق من الضابط بالكتمان.
ولم يسمع بلترو محادثة الرجلين، لكنه أدرك مرادهما، ودهش لما رأى الضابط يخرج من مكتبه مبادرا إلى خدمة الرجل، آمرا الحارس بفتح الباب.
فقال في نفسه: يا للعجب من فارسين يأتيان إلى أورليان ليلا، وتفتح لهما أبوابها بغير جواز، وبمجرد أن يعرفهما الضابط المتولي الحراسة.
وأطرق بلترو يفكر. فلما مر الفارسان به عاد فلحق بهما. وسار الفارسان في الطريق الذي سار فيه قبلا عندما فارق بيت الكتبي، فقال في نفسه: أراهما ذاهبين إلى الشارع الذي كنت فيه، ولا ريب عندي في أن هذين الفارسين من رجال البلاط، ويشبه أحدهما، ولكن لا! فذلك غير ممكن. فإنه لا يرحل عن بلوا، ولا بد للملك من وجوده هناك.
وإذا به قد اضطرب؛ لأن الفارسين وقفا بباب مخزن الكتبي يعقوب لوم، فترجل أكبرهما عن جواده وساق رفيقه الجوادين إلى زقاق قريب، وكذلك ترجل بلترو وربط جواده عند عطفة شارع، وتمشى ملاصقا جدران البيوت حتى دنا من حانوت الكتبي، فاختبأ عند باب هناك وانتظر.
وأحس بحركة خفيفة كأنها إشارة، ثم أضاء نور على شرفة نافذة مادلين لوم، وسقط سلم من حبال إلى الشارع، فقبض الرجل على السلم، ووثب إلى غرفة الفتاة مسرعا، إلا أن ضياء المصباح أنار وجهه فعرفه بلترو، فجعل يده على الجدار كي لا يسقط مغمى عليه، ثم قال بصوت خافت: يا للداهية هذا فرنسوا دي جيز!
وثار الدم في وجه بلترو فجرد سيفه، وركض إلى البيت، فتعلق بالسلم حتى وصل إلى الشرفة، وهم بدخول الغرفة أيضا، وإذا بالدوق قد خرج منها وقتئذ، وضربه ضربة شديدة على رأسه، ثم طرحه إلى الشارع.
الفصل الرابع
أحد أبطال هذه السيرة
كان «برنار أفنيل» محاميا بارعا مقيما في باريس في بيت أنيق، وقد ترك له والده أطيانا ومالا، فزاد برنار المال والأطيان بجده واجتهاده، وكان من أهل الجد والإقدام، متزوجا من امرأة فتانة المحاسن اسمها مرسلين إلا أنها كانت طائشة تحب الملذات والمسرات.
نامعلوم صفحہ