وجلس القادم إلى الكرسي الذي يلاصق مكتب بهجت، وقال: أقدم نفسي؛ أنا عصام شهاب الدين.
وعرف بهجت محدثه؛ فهو من كبار تجار البقالة في مصر كلها. - أهلا وسهلا طبعا، أسمع بسعادتك، ولو أنه لم يكن لي الشرف قبل اليوم. - أهلا بك. شكرا. - أمامك عقد لي مطلوب موافقة الوزارة عليه. - أعرفه. - وما رأيك؟ - يا عصام، مثلك لا يخفى عليه الرأي في هذا العقد. - لك حق. - فماذا أستطيع أن أفعل؟ - ماذا ترى؟ - العقد مخالف للقوانين واللوائح. - وهل يستعصي عليك شيء؟ - أمام القانون؟
فقاطعه عصام قائلا في حسم: عشرة آلاف جنيه.
وصمت بهجت فجأة وكأنما أصيب بالخرس، وفكر قليلا ثم قال: خمسة عشر.
وقال عصام: اثنا عشر. - اتفقنا. - متى أتسلم العقد؟ - متى أتسلم المبلغ؟ - اليوم بعد الظهر، الساعة السادسة. - أين؟ - في قهوة بوديجي. - سيكون العقد معي أسلم وأستلم. - وهو كذلك.
تمت صفقة الأسهم كما أعد لها حمدي، واشترت كريمة أسهم شركة الغزل بجزء من نصيبها، وأصبحت الأسهم باسمها، وسافر وحيد وزوجته بعد تمام البيع بأيام. ولم يمر شهران على هذا جميعه حتى لقي الباشا ربه، طاويا تاريخا سياسيا واقتصاديا جديرا بكل إجلال وإكبار.
ومرت أيام العزاء الذي لم يشهده الحاج سعيد العزوني؛ فقد أصبح لا يعزي ولا يهنئ ويكاد لا يتكلم، ولولا مجدي لما وجدت الأرض الباقية أي عناية أو رعاية.
وبهجت طبعا لم يفكر أن يطالب أباه أو أخاه بريع الأفدنة العشرة؛ فقد أصبحت طموحاته أكبر من ذلك بكثير.
خلا بزوجته يوما. - أسهم شركة الغزل. - ما لها؟ - ثمنها نزل. - مثل كل الأسهم. - لماذا لا نستفيد منها؟ - ماذا تقصد؟ - إذا بعتها لي يمكن أن أكون عضوا بمجلس الإدارة و...
فقاطعته. - هل معك ثمنها؟
نامعلوم صفحہ