Shi'ism and Shia: Sects and History
الشيعة والتشيع - فرق وتاريخ
ناشر
إدارة ترجمان السنة
ایڈیشن نمبر
العاشرة
اشاعت کا سال
١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م
پبلشر کا مقام
لاهور - باكستان
اصناف
الشيعة والتشيع
فرق وتاريخ
تأليف الأستاذ
إحسان إلهي ظهير
رئيس تحرير مجلة ترجمان الحديث لاهور باكستان
نامعلوم صفحہ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وخاتم المرسلين وعلى أهل بيته أمهات المؤمنين وآله الغر الميامين وأصحابه البررة المقربين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فإنني بدأت في جمع الكتب عن الإسماعيلية وللإسماعيلية بعد ما فرغت من كتابي ... (البريلوية - عقائد وتاريخ) واشتغلت في ترتيب وتصفيف ووضعت الخطة وخططت الخطوط والتخطيط للكتابة عنهم وبوبت الأبواب ورتبت الفصول وجاوزت النصف من العمل حتى وصلتني الدعوة من الاخوة المخلصين الغيورين لدين الله وحملته لزيارة أمريكا وإلقاء الخطب والمحاضرات في عديد من ولاياتها في مراكز الطلاب ومجامعهم وأنديتهم ومحافلهم أندية الطهارة ومحافل التقوى في تلك البلاد الكافرة المنحطة في حضيض النجاسة والرذالة كالبساتين الوردية والأشجار الوارفة الظل واليانعة الأثمار في صحراء عطشانة حامية فيحاء والتي هي كمنارة النور في ليلة ظلماء مطيرة حالكة سوداء.
1 / 5
الاخوة العرب المسلمون الذين ذهبوا إلى تلك البقاع لطلب العلم بدءوا يعلمونهم العلم، علم الأخلاق وعلم الآداب وعلم الحضارة والثقافة وعلم الروح علم القرآن وتعاليم الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه وإنني بعد ما رأيت وبعد ما شاهدت رأيت التحمس لدين الله والعمل به والغيرة لحملته أصحاب رسول الله ﷺ وأسلاف هذه الأمة وشاهدت العفاف والعفة والطهارة والتقوى والمحافظة على الصلوات والخضوع والخشوع فيها التشوق والاستماع إلى الأحاديث الدينية والكلمات العلمية والمحاضرات الإسلامية وبصرت أنديتهم ومحافلهم. أيقنت أن الله سيعلى كلمته ويرفع رايته ويظهر دينه على الأديان كلها، وينشر صيت نبيه واسمه وذكره في تلك البلاد النائية عن بلاد المسلمين المترامية الأطراف بهذا الجيل الميمون المبارك وتيقنت أنهم هم الذين قال فيهم وفي أنديتهم الشاعر العربي القديم
وفيهم مقامات حسان وجوههم ... وأندية ينتابها القول والفعل
وإن جئتهم ألفيت حول بيوتهم ... مجالس قد يشفي بأحلامها الجهل
فلبيت دعوتهم وسافرت إليهم وشاركت مؤتمرهم وحاضرت في وسائل عديدة مختلفة والكلام ذو شجون وألوان والحديث ذو جوانب وأطراف وكان من بينه حول اختلاف الأمة وسبب الخلاف ومنشئه ومبناه وحول الفرق التي حدثت ونشأت بين المسلمين وتشتت وتفرقت وذهب بعضها بعيدًا في التفرق والاختلاف كما قرب البعض منها ومن بين الفرق التي ذهبت إلى الشأو البعيد واختلفت مع الأمة اختلافًا جذريًا وفي الأصول والأساس الشيعة فكثر الكلام وكثرت
1 / 6
الأسئلة ثم الأجوبة عليها وكانت كتبي الثلاثة عن
هذه النحلة في متناول الكثيرين من الطلاب والمستمعين والحاضرين في تلك المجالس ولذلك كان البحث جديًا والأسئلة في صميم الموضوع. والرحى كانت تدور على عقائد القوم ومعتقداتهم التي كشفت النقاب عنها وعن تاريخ هذه الطائفة ومنشئها والتطورات التي طرأت عليها والفرق التي تفرعت عنها واقتناع الاخوة بما ذكرته في كتبي من عقائد القوم والاكتفاء بها والاحتياج الشديد إلى معرفة تاريخ القوم ومنشئهم والتغيرات التي وقعت حتى جعلتهم يبعدون كل هذا البعد عن الجماعة والأمة وكان ينتهي الكلام والجلسات على مطالبات وضع الكتاب فوريًا في ذلك الخصوص ليكمل البحث ويتم الموضوع ومادام يكتب الكتاب عن التاريخ والتطورات والمنشأ فلازم أن يشمل الفرق التي انبثقت من التشيع فرجعت من تلك البلاد وأنا مقتنع بقضاء ما طلبوا ومصمم على ما أظهروا الاحتياج إليه فلم أصل إلى بلادي في السادس والعشرين من سبتمبر إلا وقد اشتغلت في هذه الموضوع مؤجلًا كتابتي في الإسماعيلية مع شدة حرصي على إكمالها وإتمامها. ولكن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولكل شيء أجل.
فصرفت فيه جدي وجهدي ولم أعمل شيئًا في هذه المدة كلها ليلها ونهارها إلا البحث والتنقيب والترتيب والتسويد والتبييض في هذا.
اللهم إلا الخطب والمحاضرات في المدن المختلفة في باكستان المجاورة للاهور والبعيدة عنها والتي هي لازمتني ولاحقتني كل حين وكل آن وكل ظرف وكل مكان ولا ولم ولعلي لن أستطيع التخلص عنها رغم تهربي وفراري في الآونة الأخيرة لكثرة ملاحقتها لي وتسلطها علي ومطاردتها إياي ولزومها لي، ولكثرة العناء والأسفار والمشقة وقلة الراحة
1 / 7
والطمأنينة والسكون القلبي والذهني والفكري في سبيلها. فأحمد الله على إنعامه علي بأني استطعت حسب مقدوري وطاقتي وقدر استطاعتي وبضاعتي أن أكمل البحث في هذا ولعله يستفيد منه القارئ ويستمتع به الناظر ويسر به الباحث ويفرح به المؤرخ لأنه قلما كتب عن الشيعة والتشيع بالترتيب التاريخي والتسلسل الزمني بتنقية المطالب والمباحث من الأغراض والأهداف المشبوهة وبتصفيتها من القصص والأساطير ومن النسيج المدسوس المدخول.
كما ندر من نبه على تطور التشيع الأول وتقلب الشيعة الأولى والأسباب والحوادث التي سببت هذا التغيير والتبديل. اللهم إلا بعض الإشارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
فنحن بدأنا الكتاب ببيان بدء التشيع ونشأته وبيان الشيعة الأولى.
ثم عقبنا ذلك الباب بالباب الثاني بينًا في السبئية ومؤسسها عبد الله بن سبأ وأفكاره وعقائده التي أراد ترويجها بين الشيعة الأولى وبينًا مع ذلك الفضائح والقبائح التي ارتكبها هو وأنصاره وأعوانه والمخدوعون به والواقعون في حبائله وبما قاموا من السعي بالفتنة والفساد والأحداث التي حدثت بسبب مؤامراتهم ومخططاتهم.
كما بينا في الباب الثالث اندماج السبئية في صفوف الشيعة وإيقاع بعضهم في شراكهم وفخهم في خلافة علي ومحاربة علي ﵁ أفكار هؤلاء ومحاولته منع شيعته من الركون إليهم وإلى عقائدهم كما يتضمن هذا الباب وقائع حرب الجمل وصفين خالية من الأباطيل
1 / 8
ومتضمنة الحقائق التي طالما خفيت على الكثيرين من الناس وحتى السنة ولعله أول مرة بهذا الوضوح والتفصيل.
ثم ذكرنا في الباب الرابع تطور التشيع الأول وتبديل الشيعة الأولى وتسلط السبئيين على التشيع وغلبتهم على الشيعة ومقاومة الحسن أفكارهم وعقائدهم ثم حدوث بعض فرق الشيعة الأخرى المتطرفة عنهم ثم ذكرنا وقائع شهادة الحسين بالاختصار والنتائج التي نتجت بعد هذه الشهادة وتطور التشيع من الفكر السياسي إلى الفكر الديني وتغير الشيعة من الحزب السياسي إلى الحزب المذهبي.
وفي الباب الخامس ذكرنا ببعض الاختصار وبعض التفصيل أهم فرق الشيعة التي حدثت في مختلف الأيام والعهود وزمن أولاد علي بن أبي طالب العشرة منهم ومعتقداتهم ومختصر عقائدهم.
والجدير بالذكر أننا لم نذكر فرقة منهم لم تذكر في كتب القوم وذكرت في كتب السنة فمدارنا ومعولنا واعتمادنا لم يكن إلا على كتب القوم أنفسهم كي لا يقول قائل: قيل عنا ولم نقله، بل عكس ذلك نقول: قلتم فقلناه.
وأما الباب السادس فخصصناه لذكر الفرقة الإثني عشرية أو الإمامية وهي الفرقة الموجودة حاليًا في العالم الإسلامي بكثرة وهي التي يطلق عيها اسم الشيعة ولا يقصد عند إطلاقه أحد غيرهم ثم ذكرنا في ذلك الباب وجهة نظر الشيعة تجاه إمامهم الثاني عشر أمولود وغائب أو موهوم ومعدوم؟
وضمن ذلك بينا عقيدتهم في الإمامة وشروط الإمام التي تلزمه مع بيان فرق الإثني عشرية التي انبثقت منها مع ادعاء كل واحدة منها كونها من الإثني عشرية أو الإمامية أو الجعفرية.
1 / 9
والباب الأخير خصصناه لبيان الروابط العقائدية التي تربطها بالعقائد السبئية المنقولة من اليهودية والمأخوذة منها وبهذا لقد أوشكنا على الانتهاء من هذا الموضوع حيث تكمل (١) في الكتب التي ألفناها في الشيعة بهذا الكتاب ولعلنا لا نكون مخطئين ولا
مبالغين عندما نقول إن هذه الكتب الأربعة تغني الكثير من الناس في معرفة الشيعة والتشيع ومن كتبهم أنفسهم ومعرفة عقائدهم وتاريخهم وفرقهم وحتى الشيعة أنفسهم يجدون فيها ما يدعوهم إلى التفكير والتعقل والتبصر ودقة النظر لتمييز الحق من الباطل والصواب من الخطاء.
وألفت أنظار القراء والباحثين إلى أننا حاولنا في كتابنا هذا كدأبنا
_________
(١) هذا حسب ظنا وإلا فكشف الحقائق يحتاج كتب كثيرة لا كما كنا نتوقع سابقًا بأن المختصرين يكفيان لتعريف القوم وبيان حقائقهم وها نحن نتبع الكتاب الأول بعد الكتاب الثاني والثالث بالكتاب الرابع وعند اللحظات الأخيرة وصل إلينا كتاب جديد في اللغة الفارسية باسم (حجت اثنا عشري) من إيران حاول صاحبه الرد علينا في القسم الأخير الكبير من الكتاب ولكنه اختفى تحت الاسم المستعار وبدون الإشارة والنص على شخصيته وهويته خوفًا من الفضيحة وتهربًا من الخجل والندم لما يرى من تخاذله وعجزه عن القيام بالرد العلمي على المطالب التي أوردناها في كتابنا (الشيعة والسنة) المباحث التي طرحناها أمام القاري والباحث من السنة والشيعة.
ومن الطرائف أن هذا المبرقع ببرقعه (حقكو - أي القائل بالحق) تحدانا مرات عديدة وقال: إنه سيعطينا جائزة إن خطأناه في رأيه فيما كتب وأثبتنا غلطه وعدم إصابته الصواب ثم ولا يكتب على الكتاب داخله ولا خارجه لا اسمه ولا رسمه، ومن وجله وتخوفه من بطشة الحق أنه لم يستطع ذكر المطبعة التي طبعت هذا الكتاب ولا الإدارة التي نشرته ولا الجهة التي صدرته فهذه هي جرأة القوم وهذه هي حقيقتهم.
فهذه الحقيقة الواحدة هي التي تكفي لإحقاق الحق وإزهاق الباطل - والتفريق بين التخاذل والثبات وبين الصدق والكذب.
فالحاصل أننا لا ندري أيكون هذا الكتاب هو آخر كتاب في هذا الموضوع أم يجبرنا القوم على مواصلة التعقيب والتنقيب والبحث والتفتيش للاستطلاع والاستكشاف وكشف النقاب عن الحقائق الأخرى الخافية المخفية عن أعين الناس من السنة وحتى الشيعة أنفسهم. وإننا لنرى أيضًا في كل مرة نرجع إلى كتب القوم أنها على قسمين: الكتب التي كتبت فقط للدعاية وكتب متضمنة للعقائد الأصلية والمعتقدات الحقيقية. فالكتب الدعائية كثرت في العصور المتأخرة وما أكثر ما استعمل مصنفوها الكذب والخداع لتغطية الأمور أمام المسلمين السنة فما أحوج السنة إلى معرفة الزور والخداع من الصدق والحق فلكم فكرنا في إصدار كتاب يتضمن نقد هذه الكتب وما ورد فيها من المكر والخداع والنفاق والتعمية بعنوان (بين يدي الكتب) ولكن الكتابة في المواضيع الأخرى تحول بيننا وبين ذلك. ولا ندري ما في مغيبات الأمور والله يعلم الأسرار
1 / 10
في الكتب الأخرى أن لا نكرر شيئًا أوردناه في كتاب آخر وحتى عند الاحتياج نبحث عن شيء آخر مماثل لذلك الشيء الذي أوردناه فيما سبق تجنبًا للتكرار وزيادة في الفائدة اللهم إلا ما لا بد منه لتشابك المواضيع وترادفها وبذلك صارت هذه الكتب خالية من التكرار المشين ولكل قيمته.
وعلى تلك الأصول والقاعدة لم نذكر ترجمة من نقلنا عنه عبارة أو اقتبسنا من كتابه كلامًا وقد ذكرنا ترجمته في الكتب الثلاثة السابقة واكتفينا بذكر تعريف موجز مناسب للمقام بالرجال اللذين لم ترد تراجمهم قبل ذلك.
وميزة هذا الكتاب أنه يشتمل مع تاريخ التشيع والشيعة وتغيير التشيع الأول وتبدل الشيعة الأولى والفرق التي حدثت ونشأت بهذا الاسم وانقرضت أو بقيت على مطاعن الشيعة على أصحاب رسول الله ﷺ وخاصة عثمان ومعاوية وغيرهما رضوان الله عليهم أجمعين والرد عليها ردًا علميًا ومنطقيًا وإنني لأرجو الله العلي القدير أن ينفع به الخلائق الأحباء والأباعد وأن يتقبله خالصًا لوجهه الكريم ويجعله ذخيرة لي في الدين والدنيا وفي الحياة وبعد الممات وان يحشرني في زمرة أصحاب نبيه العظيم وان يوفقني للدفاع عن حوزة شريعته وكرامة نبيه ﷺ وعظمة أصحابه ورفاقه وتلامذته وأزواجه أمهات المؤمنين وعن أسلاف هذه الأمة وعلمائها ومحسنيها وجعلنا منهم إنه سميع مجيب
وأخيرًا لا يسعني إلا أن أشكر جميع الأخوة والأحياء الذين ساندوني وساهموا في إخراج هذه الكتاب وناصروني في مواصلة الكتاب في مثل هذه المواضيع فبارك الله فيهم ويشكر مساعيهم وتقبل أعمالهم وجزاهم عنا وعن الإسلام خير الجزاء وصلى
الله على رسوله وعلى آله
1 / 11
وصحبه وأصحابه ومن اهتدى بهديهم وسلك مسلكهم إلى يوم الدين.
إحسان إلهي ظهير
٣٠ محرم المحرم ١٤٠٤هـ.
٦ نوفمبر ١٩٨٣م
1 / 12
الباب الأول
التشيع الأول والشيعة الأولى
إن لفظة الشيعة لا تطلق إلا على اتباع الرجل وأنصاره فيقال: فلان من شيعة فلان أي ممن يهوون هواه كما قال الزبيدي: كل قوم اجتمعوا على أمر فهم الشيعة وكل من عاون إنسانًا وتحزب له فهو شيعة له وأصله من المشايعة وهي المطاوعة والمتابعة.
فلم يكن استعمال هذه اللفظة في العصر الأول من الإسلام إلا في معناه الأصلي والحقيقي هذا كما لم يكن استعمالها إلا لأحزاب سياسية وفئات متعارضة في بعض المسائل التي تتعلق بالحكم والحكام، وقد شاع استعمالها عند اختلاف معاوية مع علي رضي الله تعالى عنهما بعد استشهاد عثمان ﵁ فكان يقال عن أنصار ﵁ الخليفة الراشد الرابع والأحق بالخلافة من معاوية وغيره وكانوا يشايعونه ويناصرونه في حروبه مع معاوية ﵁ كما كان شيعة معاوية يرون الأمر بالعكس للجوء قتلة عثمان بن عفان إلى معسكر علي ﵁ وتحت كنفه حسب زعمهم وما دام هؤلاء كذلك لم يكونوا معتقدين بثبوت الخلافة وأحقيتها لعلي بن أبي طالب ﵁ فإن قتل القتلة ونفذ فيهم
1 / 13
حد السيف رجعوا إليه وإلى التسليم بخلافته والانقياد لأمره كما نقله المؤرخون أن معاوية ﵁ قال لمن بعث إليه من قبل علي ﵁ من عدي بن حاتم ويزيد بن قيس الأرحبي وشبيث بن ربعي وزياد بن حفصة يدعونه إلى الجماعة والطاعة:
" أما بعد فإنكم دعوتموني إلى الجماعة والطاعة، فأما الجماعة فمعنا هي، وأما الطاعة فكيف أطيع رجلًا أعان على قتل عثمان وهو يزعم أنه لم يقتله؟ ونحن لا نرد ذلك عليه ولا نتهمه به (١) ولكنه آوى قتلة عثمان فيدفعهم إلينا حتى نقلتهم ثم نحن نجيبكم إلى الطاعة والجماعة " (٢).
وقال بمثل هذه المقولة لأبي الدرداء ولأبي أمامة المبعوثين أيضًا من قبل علي ﵁:
" اذهبا إليه فقولا له: فليقدنا من قتلة عثمان ثم أنا أول من بايعه من أهل الشام "
وقبل ذلك حينما أرسل علي ﵁ جرير بن عبد الله إلى معاوية يدعوه إلى بيعته " طلب معاوية عمرو بن العاص ورؤوس أهل الشام فاستشارهم فأبوا أن يبايعوا حتى يقتل قتلة عثمان أو أن يسلم إليهم قتلة عثمان "
وإن المؤرخين ذكروا أيضًا أن أبا الدرداء وأبا أمامة عندما رجعا إلى علي قالا له ذلك، فقال:
هؤلاء الذين تريان فخرج خلق كثير فقالوا: كلنا قتلة عثمان
_________
(١) - انظر إلى القول العدل الذي صدر من رجل يصب عليه الشيعة ويلاتهم ودفائن حقدهم وبغضهم بدعوى أنه قال في علي كيت وكيت فانظر إليه كيف يصرح بأننا لا نتهمه بقتل عثمان بل نصدق قوله في براءته من دمه ولا نقول بما ينكره علي ﵁.
(٢) - البداية والنهاية ج ٧ص٢٥٧ ط بيروت الطبري ج٥ ص٦، الكامل ج٣ ص٢٩٠.
1 / 14
فمن شاء فليرمنا " (١)
هذا ولسنا الآن بصدد بيان أسباب الحروب التي دارت بين علي ﵁ وبين معاوية ﵁ وغيره ولكننا نريد أن نبين هنا أن فئتين عظميتين من المسلمين - كما عبر عنها الرسول العظيم ﵊ في مدحه الحسن ﵁ انحاز كل واحدة منهما إلى جانب وشايعت وناصرت من رأوا الحق معه فسميت كل طائفة من هاتين الطائفتين شيعة علي وشيعة معاوية ولم يكن الخلاف بينهما إلا خلافًا سياسيًا محضًا طائفة كانوا يرون عليًا ﵁ خليفة صاحب حق شرعي حيث انعقدت له الخلافة بمشورة أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار (٢) وقوم رأوا أحق الناس بها معاوية بن أبي سفيان ﵄ حيث أنه يريد الثأر لدم الإمام المظلوم صهر رسول الله ﷺ وخليفته للمسلمين الذي أخذ رسول الله ﷺ البيعة المشهورة لأخذ الثأر عنه يوم الحديبية وسميت فيما بعد هذه البيعة بيعة الرضوان حيث أنزل الله رضاه لكل من بايع لأجله (٣).
وكذلك أطلقت هذه اللفظة على حزب سياسي موحد لبني علي وبني العباس بتركيب شيعة آل محمد مقابل شيعة بني أمية ولم يكن إطلاقها إلا لبيان رأي سياسي في من تولى الحكم وفي من يحق أن يتولاه وقد صرح بذلك شيعي مشهور ناقلًا عن كتاب الزينة للسجستاني:
_________
(١) - البداية والنهاية ج ٧ص ٢٥٣ - ٢٥٩ ط بيروت
(٢) - كما استشهد علي ﵁ على أحقيتها له إنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسموه إمامًا كان ذلك لله رضى فإن خرج منهم بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه فإن أتى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى (نهج البلاغة ص٣٦٧)
(٣) - بقوله جل وعلا ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين إذا يبايعونك تحت الشجرة "".
1 / 15
ثم بعد مقتل عثمان وقيام معاوية وأتباعه في وجه علي بن أبي طالب وإظهاره الطلب بدم عثمان واستمالته عددًا عظيمًا من المسلمين إلى ذلك صار أتباعه يعرفون بالعثمانية وصار أبتاع علي يعرفون بالعلوية مع بقاء إطلاق اسم الشيعة عليهم واستمر ذلك مدة ملك بني أمية ". (١)
ونقل أيضًا من نقيب الشيعة بحلب:
كل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيعة وشيعة الرجل أتباعه وأنصاره ويقال: شايعه كما يقال والاه من الولي والمشايعة وكأن الشيعة لما اتبعوا هؤلاء القوم واعتقدوا فيهم ما اعتقدوا سموا بهذا الاسم لأنهم صاروا أعوانًا لهم وأنصارا وأتباعا، فأما من قبل حين أفضت الخلافة من بني هاشم إلى بني أمية وتسلمها معاوية بن صخر من الحسن بن علي وتلقفها من بني أمية ومالوا إلى بني هاشم وكان بنو علي وبنو عباس يومئذ في هذا شرع فلما انضموا إليهم واعتقدوا أنهم أحق بالخلافة من بني أمية وبذلوا لهم النصرة والموالاة والمشايعة سمو شيعة آل محمد ولم يكن إذ ذاك بين بني علي وبني العباس افتراق في رأي ولا مذهب فلما
ملك بنو العباس وتسلمها سفاحهم من بني أمية نزغ الشيطان بينهم وبين بني علي فبدا منهم في حق بني علي ما بدا فنفر منهم فرقة من الشيعة " (٢)
وقد كررنا لفظ السياسة حيث نقصد من ورائها أنه لم يكن بين القوم خلاف ديني يرجع إلى الكفر والإسلام كما أقر بذلك سيدنا علي ﵁ حيث قال مخاطبًا جنده عن معاوية وعساكره.
_________
(١) - أعيان الشيعة لمحسن الأمين / الجزء الأول القسم الأول ص ١٢.
(٢) - غاية الاختصار في أخبار بيوتات العلوية المحفوظة من الغبار لسيد تاج الدين بن حمزة الحسيني نقيب حلب.
1 / 16
أوصيكم عباد الله تقوى الله فإنها خير ما تواصى به العباد به وخير عواقب الأمور عند الله وقد فتح باب الحرب بينكم وبين أهل القبلة (١) ".
هذا وقد زاد علي ﵁ المسألة وضوحًا وبيانًا في كتاب له كتبه إلى أهل الأمصار يقص فيه ما جرى بينه وبين أهل صفين ويبين فيه حكم من ناضلوه وقاتلوه وموفقه منهم:
وكان بدء أمرنا التقينا والقوم من أهل الشام والظاهر أن ربنا واحد وبنينا واحد ودعوتنا في الإسلام واحدة ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله ﷺ الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء (٢) ".
ولأجل ذلك منع أصحابه من سب أهل الشام وأنصار معاوية وشتمهم إياهم أيام حربهم بصفين:
إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ولكنكم لو وصفتهم أعمالهم وذكرتهم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان سبكم إياهم " اللهم احقن دمائنا ودمائهم وأصلح ذات بيننا وبينهم (٣) ".
ويؤيد ذلك حديث شيعي مشهور رواه الكليني في صحيحه (الكافي) عن جعفر بن محمد الباقر - الإمام السادس المعصوم حسب زعم الشيعة - أنه قال: ينادي مناد من السماء أول النهار إلا إن عليًا صلوات الله عليه وشيعته هم الفائزون قال: وينادي مناد آخر النهار ألا إن
_________
(١) - نهج البلاغة ص ٣٦٧ ط بيروت.
(٢) المصدر السابق ٤٤٨.
(٣) المصدر السابق ٣٢٣.
1 / 17
عثمان وشيعته هم الفائزون " (١).
ومن طريف ما ذكرنا أن أبا العالية وهو تابعي مشهور أدرك النبي ﷺ وهو شاب ولكنه لم يسلم إلا بعد وفاة النبي ﷺ في عهد أبي بكر الصديق ﵁ فإن روى عنه أبو خلدة أنه قال: قال أبو العالية: لما كان زمان علي ومعاوية وإني لشاب القتال أحب إلى من الطعام الطيب فجهزت
بجهاز حسن حتى أتيتهم فإذا صفان ما يرى طرفاهما إذا كبر هؤلاء كبر هؤلاء وإذا هلل هؤلاء هلل هؤلاء فراجعت نفسي فقلت: أي الفريقين أنزله كافرًا؟ ومن أكرهني على هذا؟ قال: فما أمسيت حتى رجعت وتركتهم (٢) ".
ولا ننكر أنه كان هناك أناس تأثروا بدسائس يهودية وأفكار مدسوسة وخرجوا عن الجادة المستقيمة وأعطوا هذا الخلاف صبغة دينية أمثال السبأيين وغيرهم ممن وقعوا في حبائل اليهودية المبغضة للإسلام وهم الذين كانوا يؤججون نار الحرب كما خبت نيرانها كما سنفصل القول فيما بعد إن شاء الله ولكن عامة الناس كانوا على منأى عنها.
فهذه هي بداية استعمال هذه اللفظة ثم اختص بكل من يوالي عليًا وأولاده ويعتقد الاعتقادات المخصوصة والمستقاة من دسائس عبد الله بن سبأ اليهودي وغيره من الذين أرادوا هدم عمارة الإسلام وكيانه وتشويه عقائده وتعليماته كما قال ابن الأثير في نهايته:
وأصل الشيعة الفرقة من الناس وتقع على الواحد والاثنين والجمع والذكر والمؤنث بلفظ واحد ومعنى واحد وقد غلب هذا الاسم على كل من يزعم (؟). أنه يتولى عليًا ﵁ وأهل بيته حتى صار لهم اسمًا خاصًا فإذا قيل من الشيعة عرف أنه منهم وفي مذهب
_________
(١) الكافي في الفروع ج ٨ ص ٢٠٩.
(٢) سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ج ٤ ص ٢١٠ طبقات ابن سعد ج ٧ ص ١١٤.
1 / 18
الشيعة كذا أي عندهم وتجمع الشيعة علي شيع وأصلها من المشايعة وهي المتابعة والمطاوعة " (١) ".
وأما ادعاء من يدعي بأن هذه اللفظة كانت شائعة في عهد النبي ﷺ كما كان التشيع موجودًا في عصره والشيعة موجودون في زمنه فلا ينهض به دليل ولا يقوم به برهان كما قال محمد الحسين في (أصل الشيعة وأصولها).
إن أول من وضع بذرة التشيع في حقل الإسلام - هو نفس صاحب الشريعة - يعني أن بذرة التشيع وضعت مع بذرة الإسلام جنبًا إلى جنب وسواء بسواء ولم يزل غارسها يتعاهدها بالسقي والعناية حتى نمت وازدهرت في حياته (٢) ثم أثمرت بعد وفاته (٣) ".
وبمثل ذلك القول قال الآخر " إن التشيع ظهر في أيام نبي الإسلام الأقدس الذي كان يغذى بأقواله عقيدة التشيع لعلي ﵇ وأهل بيته ويمكنها في أذهان المسلمين ويأمر بها في مواطن كثيرة (٤) ".
_________
(١) - النهاية لابن الأثير ج ٢ ص ٢٤٤.
(٢) - واستشهد على ذلك بروايات واهية موضوعة ومكذوبة على رسول الله ﷺ ولا تصح منها ولا رواية واحدة مثل (أن عليًا وشيعتهم لهم الفائزون) وعلى ذلك قال ابن الحديد الشيعي الغالي: أن أصل الأكاذيب في أحاديث الفضائل كان من جهة الشيعة فإنهم وضعوا في بدء الأمر أحاديث مختلفة في فضائل أئمتهم حملهم على وضعها عداوة خصومهم (شرح نهج البلاغة ج١ص ٧٨٣).
(٣) ومن أعجب العجائب أن رجلًا كهذا يكذب بكل وقاحة ولا يستحي حيث ينسب رواية باطلة موضوعة ألا وهي رواية الطير في الصحيحين ولا وجود لها فيهما:
" وكذلك من عد عددًا كبيرًا من أصحاب النبي ﷺ في حياته وأطلق عليهم بأنهم كانوا شيعة علي مثل محسن الأمين ومحمد حسين الزين وآل كاشف الغطاء وغيرهم فلا ندري بماذا يجيبون عن أحاديث كثيرة مروية في صحاحهم التي تحكم على ارتداد جميع أصحاب رسول الله ﷺ إلا الثلاثة سلمان وأبو ذر والمقداد "انظر تفصيل ذلك في كتابنا الشيعة والسنة " فهل هؤلاء كانوا كفرة مع كونهم شيعة علي ثم وكيف قبل سلمان إمارة من قبل عمر بن الخطاب ﵁؟ " حياة القلوب للمجلسي ج٢ص٧٨٠". وكان أحد القادة الذين أرسلهم الفاروق لفتح المدائن (ابن كثير ج٧ص٦٧).
(٤) - أصل الشيعة وأصولها ص ٨٧.
٣ - الشيعة في التاريخ لمحمد حسين الزين ص٢٩.
1 / 19
ولم يظن المظفري الشيعي هذا كافيًا فقال:
إن الدعوة إلى التشيع ابتدأت من اليوم الذي هتف فيه المنقذ الأعظم محمد صلوات الله عليه صارخًا بكلمة لا إله إلا الله في شعاب مكة وجبالها ... فكانت الدعوة للتشيع لأبي الحسن ﵇ من صاحب الرسالة تمشي منه جنبًا لجنب مع الدعوة للشهادتين (١) ".
ولا يخفى ما فيه من المجازفة بالقول والغلو لأن معناه أن رسول الله ﷺ لم يدع إلى الإسلام وإلى وحدانية الله ﷿ والإقرار برسالته وطاعته وإلى الاتحاد والاتفاق والتآلف والمحبة والمودة بل كان يدعو إلى التحزب والتفرق والتشيع لعلي دون غيره كما أنه حسب دعوى المظفري كان يجعل عليًا شريكًا له في نبوته ورسالته مع أن كلام الله المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي أنزله الرحمن وضمن حفظه قرآنه وبيانه خال من كل هذا (٢) بل ويعكس ذلك أنه مليء بالدعوة إلى طاعة الله ﷿ وطاعة رسوله ﷺ والاعتصام بحبل الله وحده والتمسك بالقرآن والسنة والتجنب لما سواهما كما أمر المسلمين بالاتفاق والاتحاد والتسمي باسم الإسلام والمسلمين وكذلك الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله ﷺ (٣) لا تشتمل ولا تصرح إلا بهذا
_________
(١) - تاريخ الشيعة لمحمد حسين المظفري ص ٨، ٩ ط قم.
(٢) - ولعل هذا من أهم دواعي إنكار القرآن والاعتقاد فيه بالتغيير والتحريف والنقصان من قبل الشيعة لأنهم لا يجدونه مؤازرًا لهم ومناصرا بل كل ما فيه يخالف التشيع وعقائدهم بأصولها وفروعها ويفند مزاعمهم ويسفه عقولهم وآراءهم وأفكارهم. فانظر لتفصيل ذلك ومعرفته كتبانا (الشيعة والسنة) و(الشيعة والقرآن)
(٣) - والعجب كل العجب أن الشيعة الذين ينكرون الأحاديث الصحاح لرسول الله ﷺ الثابتة عنه لأن رواة هذه الأحاديث وحملتها هم أصحاب رسول الله ﷺ وكلهم ارتدوا - عياذا بالله حسب زعمهم - يثقون بروايات هؤلاء ومروياتهم.
ولا ندري كيف أن الشيعة يتمسكون بالروايات الموضوعة الباطلة والأحاديث الواهية المكذوبة على رسول الله ﷺ؟ لأنه اختلق هذه الروايات واخترعها رجال منهم أو وضعها رواتهم والدعاة إلى أباطيلهم وأضاليلهم.
وقلما تجد الشيعة يتمسكون بحديث صحيح أو يعتقدون بل كل بضاعتهم الموضوعات أو الأساطير والقصص.
1 / 20
كله لا غير فلقد قال الله ﷿: ﴿يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون﴾ وقال ﴿أطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم﴾ وقال ﴿ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ وقال ﴿ومن يشاقق الرسول من بعد
ما تبين له الحق ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا﴾ وقال ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم﴾ وقال ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت﴾ وقال جلا وعلا ﴿واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا﴾ وقال ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم﴾ وقال ﴿إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون﴾
1 / 21
وقال ﴿ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا﴾ وقال ﴿إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم الحق بغيًا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب﴾ وقال ﴿ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين﴾.
وأخيرا أخبر الكون ومن في الكون بأنه لم يرسل نبيه ولا رسوله ﷺ خاتم النبيين إلا بما أرسل به الرسل والأنبياء من قبل حيث أمره أن يقول ﴿قل ما كنت بدعًا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إليّ وما أنا إلا نذير مبين﴾ وكما قال ﴿شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم موسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب﴾
ولقد بين جلا وعلا ﷾ مجملًا بما أرسل الرسل من قبله حيث قال ﴿وما أرسلنا قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون﴾.
كما فصل في مواضع عديدة من القرآن بذكر كل واحد منهم
1 / 22
برسالته وبمثل ذلك تمامًا وردت أحاديث رسول الله ﷺ الصحيحة الثابتة.
وأما القوم فهم على خلاف ما بينه الرب جل وعلا وبينه رسوله العظيم ﵊ حيث يزعمون أنه لم يرسل الرسول ﷺ إلا للدعوة إلى التشيع والتفرق وإلى الإشراك في ذات الله وصفاته وإشراكه عليًا وأولاده في النبوة والرسالة والإطاعة ثم يسردون لإثبات ذلك روايات كلها باطلة وموضوعة رواية ودراية رواية حيث إن الرواة الذين رووا تلك الأحاديث شيعة ضالون ووضاعون كذابون ولم ترد هذه الروايات في كتب موثوقة معتمدة ودراية حيث تعارض القرآن ونصوصه كما تخالف العقل لأن العقل يقتضي أن لا يكون الشرائع مقصودها ومهمتها الدعوة إلى الحب لأشخاص والولاية لهم وبسبب هذه الولاية دخولهم في الجنة ونجاتهم من النار كما أن الآيات القرآنية تنفي ذلك نفي باتًا حيث لم يجعل الحب وحتى حب الله كافيًا للفوز والنجاح في الآخرة حيث قال الله ﷿ ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم﴾.
وما الاتباع إلا الإيمان بالله والعمل الصالح حسب أوامر الله ونبيه ﷺ والاجتناب عن نواهي الله ورسوله ﷺ ﴿إن الذين آمنوا
وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات عدن﴾ وقال ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من
1 / 23