343

الشفا

الشفا بتعريف حقوق المصطفى - مذيلا بالحاشية المسماة مزيل الخفاء عن ألفاظ الشفاء

ناشر

دار الفيحاء

ایڈیشن

الثانية

اشاعت کا سال

١٤٠٧ هـ

پبلشر کا مقام

عمان

أَكْمَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ ﷺ الشَّرَفَ عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
قَالَ الْقَاضِي وَفَّقَهُ اللَّهُ: مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ذِكْرِ الْحِجَابِ فَهُوَ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِ لَا فِي حَقِّ الْخَالِقِ، فَهُمُ الْمَحْجُوبُونَ، وَالْبَارِي جَلَّ اسْمُهُ مُنَزَّهٌ عَمَّا يَحْجُبُهُ. إِذِ الْحُجُبُ إِنَّمَا تُحِيطُ بِمُقَدَّرٍ مَحْسُوسٍ. وَلَكِنْ حُجُبُهُ عَلَى أَبْصَارِ خَلْقِهِ وَبَصَائِرِهِمْ وَإِدْرَاكَاتِهِمْ بِمَا شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ وَمَتَى شَاءَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى «كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ «١»» .
فقوله في هذا الحديث «الحجاب» «وإذا خرج ملك من مِنَ الْحِجَابِ» يَجِبُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ حِجَابٌ حَجَبَ بِهِ مَنْ وَرَاءَهُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ عَنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا دُونَهُ مِنْ سُلْطَانِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَعَجَائِبِ مَلَكُوتِهِ وَجَبَرُوتِهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الْحَدِيثِ قَوْلُ جِبْرِيلَ عَنِ الْمَلَكِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ وَرَائِهِ: إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا رَأَيْتُهُ مُنْذُ خُلِقْتُ قَبْلَ سَاعَتِي هَذِهِ» فَدَلَّ: عَلَى أَنَّ هَذَا الْحِجَابَ لَمْ يَخْتَصَّ بِالذَّاتِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ كَعْبٍ «٢» فِي تَفْسِيرِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى قَالَ: إِلَيْهَا يَنْتَهِي عِلْمُ الْمَلَائِكَةِ، وَعِنْدَهَا يَجِدُونَ أَمْرَ اللَّهِ لَا يُجَاوِزُهَا عِلْمُهُمْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ «الَّذِي يلي الرّحمن» فيحمل على حذف مضاف أي:

(١) سورة المطففين ١٤.
(٢) تقدمت ترجمته في ص «٥٨» رقم «٣» .

1 / 357