وأما الأشعار القصصية التى كانت لهم والأوزان التى كانت تلائم القصص فسبيلها سبيل الطراغوذيا فى تقسيم أجزائه إلى المبدأ والوسط والخاتمة. ولا تقع الاستدلالات فيها على نفس الأفعال، بل على محاكاة الأزمنة، لأن الغرض ليس الأفعال بل تخييل الأزمنة، وماذا يعرض فيها، وما يكون حال السالف منها بالقياس إلى الغابر، وكيف تنتقل فيها الدول، وتدرس أمور وتحيا أمور. وذكر فى ذلك أمثلة.
وبين أن أوميروس أحسنهم تأتيا فى هذا المعنى، وكذلك الأشعار الجزئية فانه كان هو أهدى إلى قرضها سبيلا وأحسن لها إلى الأجزاء الثلاثة تقسيما، وإن كان ذلك فى الأمور الجزئية صعبا فى كيفيتها. — وذكر أمثلة.
فهذه الأبواب متعارفة بينهم.
قال: ونوع «أفى» أيضا مناسب لطراغوذيا، وذلك أنها: إما بسيطة، وإما مشتبكة. وربما كان بعض أجزائها انفعاليا كما قلنا فى طراغوذيا. وأحكامها فى التلحين والغناء أحكام طراغوذيا. وذكر أمثالا وقصائد لقوم بعضها بسيطة وبعضها مشتبكة، وأنها كانت مختلفة الأوزان فى الطول والقصر، وكان بعضها شديد الطول وهو ايرويقى. وكان فيها خلقيات واعتقاديات كما فى طراغوذيا، لكن طراغوذيا لا يتفنن فى المحاكيات إلا فى الجزء الذى فى المسكن ويذكر فيه الثناء على الناحية، والذى بازاء المنافقين الآخذين بالوجوه.
فأما «أفى» فعند اتجاهة إلى الخاتمة قد يقع فيه حديث كثير وتفنن فى المحاكيات مختلفا، وبذلك يزداد بهاؤه. وربما أدخلوا فيها الدخيلات التى علمتها وإن لم تكن مناسبة، وذلك لأن المناسب يقضى بسرعة التمام؛ وإنما يطول الكلام بالدخيل.
صفحہ 194