النفس من کتاب الشفاء

ابن سينا d. 428 AH
176

النفس من کتاب الشفاء

النفس من كتاب الشفاء

اصناف

وأما القوى الدماغية فإن البصر يتم بالرطوبة الجليدية التى هى كالماء الصافى، فتقبل صور المبصرات وتؤديها إلى الروح الباصر، ويكون تمام الإبصار عند ملتقى العصبة المجوفة على ما علم من تشريحه وتعريف حاله، وأما الشم فبزائدتين فى مقدم الدماغ كحلمتى الثدى، وأما الذوق فبأعصاب دماغية تأتى اللسان والحنك وتؤتيهما الحس والحركة، وأما السمع فبأعصاب أيضا دماغية تأتى الصماخ فتغشى السطح المحيط به، وأما اللمس فبأعصاب دماغية ونخاعية تنتشر فى البدن كله،وأكثر عصب الحس من مقدم الدماغ لأن مقدم الدماع ألين واللين أنفع فى الحس، ومقدم الدماغ كما يتأدى إلى خلف وإلى النخاع يصير أصلب ليتدرج إلى النخاع الذى يجب أن تعين دقته الصلابة، وأكثر عصب الحركة التى من الدماع إنما تنبت من مؤخر الدماغ لأنه أصلب والصلابة أنفع فى الحركة وأعون عليها، والعصب التى للحركة فى أكثر الأمر تتولد منها العضل، فإذا جاوزت العضل حدث منها ومن الرباطات الأوتار، وأكثر اتصال أطرافها بالعظام، وقد يتصل فى مواضع بغير العظام، وقد تتصل العضلة نفسها بالعضو المحرك من غير توسط وتر، والنخاع كجزء من الدماغ ينفذ فى ثقب الفقارات لئلا يبعد ما يتولد من العصب من الأعضاء بل يتولد منها العصب مرسلة بالقرب إلى الموضع المحتاج كونها به، وأما القوة المصورة والحس المشترك فهما من مقدم الدماغ فى روح تملأ ذلك التجويف، وإنما كانا هناك ليطلا على الحواس التى أكثرها إنما تنبعث من مقدم الدماغ، فبقى الفكر والذكر فى التجويفين الآخرين لكن الذكر قد تأخر موضعه ليكون مكان الروح المفكرة متوسطا بين خزانة الصور وين خزانة المعنى، وتكون مسافته بينهما واحدة، والوهم مستول على الدماغ كله وسلطانه فى الوسط، وأخلق بأن يتشكك متشكك فيقول كيف ترتسم صورة جبل بل صورة العالم فى الآلة اليسيرة التى تحتمل القوة المصورة، فنقول له إن الإحاطة بانقسام الأجسام إلى غير النهاية تكفى مؤونة هذا التشكك، فإنه كما يرتسم العالم فى مرآة صغيرة وفى الحدقة بأن ينقسم ما يرتسم فيها بحذاء أقسامه إذ الجسم الصغير ينقسم بحسب قسمة الكبير عددا وشكلا وإن كان يخالف القسم القسم فى المقدار فكذلك حال ارتسام الصور الخيالية فى موادها، ثم تكون نسبة ما ترتسم فيه الصورة الخيالية بعضه إلى بعض فى عظم ما ترتسم فيه وصغر ما ترتسم فيه نسبة الشيئين من خارج فى عظمهما وصغرهما مع مراعاة التشابه فى البعد،

صفحہ 268