وكثيرا ما تؤثر النفس فى بدن آخر كما تؤثر فى بدن نفسها تأثير العين العاينة والوهم العامل، بل النفس إذا كانت قوية شريفة شبيهة بالمبادى أطاعها العنصر الذى فى العالم وانفعل عنها ووجد فى العنصر ما يتصور فيها، وذلك لأن النفس الإنسانية سنبين أنها غير منطبعة فى المادة التى لها لكنها متصرفة الهمة إليها، فإن كان هذا الضرب من التعلق يجعل لها أن تحيل العنصر البدنى عن مقتضى طبيعته فلا بدع أن تكون النفس الشريفة القوية جدا تجاوز بتأثيرها ما يختص بها من الأبدان إذا لم يكن انغماسها فى الميل إلى ذلك البدن شديدا قويا، وكانت مع ذلك عالية فى طبقتها قوية فى ملكتها جدا، فتكون هذه النفس تبرىء المرضى وتمرض الأشرار، ويتبعها أن تهدم طبائع وأن تؤكد طبائع، وأن تستحيل لها العناصر، فيصير غير النار نارا وغير الأرض أرضا، وتحدث بإرادتها أمطار وخصب كما يحدث خسف ووياء كل بحسب الواجب العقلى، وبالجملة فإنه يجوز أن يتبع إرادته وجود ما يتعلق باستحالة العنصر فى الأضداد، فإن العنصر بطبعه يطيعه ويتكون فيه ما يتمثل فى إرادته إذ العنصر بالجملة طوع للنفس، وطاعته لها أكثر من طاعته للأضداد المؤثرة فيه، وهذه أيضا من خواص القوى النبوية، وقد كنا ذكرنا خاصية قبل هذه تتعلق بقواها المتخيلة، وتلك خاصية تتعلق بالقوى الحيوانية المدركة، وهذه خاصية تتعلق بالقوى الحيوانية المحركة الإجماعية من نفس النبى العظيم النبوة،
فنقول إنه لما تبين أن جميع القوى الحيوانية لا فعل لها إلا بالبدن، ووجود القوى أن تكون بحيث تفعل، فالقوى الحيوانية إذا إنما تكون بحيث تفعل وهى بدنية، فوجودها أن تكون بدنية، فلا بقاء لها بعد البدن، وقد تكلمنا فى كتبنا الطبية فى سبب استعدادات الأشخاص المختلفة بجبلتها وبحسب اختلاف أحوالها للفرح والغم والغضب والحلم والحقد والسلامة وغير ذلك كلاما لا يوجد للمتقدمين ما يجرى مجراه فى تفصيله وتحصيله، فليقرأ من هناك
صفحہ 201