الفصل السادس فصل فى الفرق بين الكون والاستحالة
قد علم أن غرضنا فى مناقصة هؤلاء إنما كان بسبب تفصيل أمر الكون والاستحالة، ثم أحوجنا، لذلك، إلى أن تكلمنا فى أمر العناصر، وناقضنا مذاهب فى العناصر بعين مناقضتنا إياها على غرض لنا آخر، وهو معرفة العناصر. والأولى بنا أن نقدم أول شىء، أمر الكون والاستحالة فنقول:
إن المشاهدة تؤدى بنا إلى أن نحكم بأن ماء سيالا يتحجر. وقد دلت التجربة على أن قوما يسيلون الحجارة ماء ، ويعقدون المياه حجارة، وان الهواء الصافى من غير انجذاب بخارات إليه ينعقد سحابا، فيسيل ماء وثلجا. وهذا شىء يشاهد فى قمم الجبال الباردة، وقد شاهدنا الهواء الصافى أصفى ما يكون. وبالجملة، على ما يكون فى الشتاء من الصفاء، ينعقد دفعة من غير بخار يتصعد إليه، أو ضباب ينساق نحوه؛ فيصير سحابا أسحم، ويلقى الأرض ويرتكم عليه ثلجا بكليته، ومقدار ذلك مقدار رمية فى رمية، فيعود الهواء صافيا لحظة، ثم ينعقد. ويدوم هذا الدور حتى إنه ينتضد، من هذا الوجه، على تلك البقعة ثلج عظيم، لو سال لغمر واديا كبيرا، وليس إلا هواء استحال ثلجا وماء.
صفحہ 122