وأما ما ظنوه من أن عديم الزاوية ضد لذى الزاوية فيجب أن يكون للمستدير ضد، وليس كذلك؛ فإنه إن كان للمستدير ضد ففرضنا المستدير نوعا واحدا، أو فرضنا من المستدير نوعا واحدا وجب أن يكون إصدار المستدير أنواعا من الأشكال بغير نهاية، وأمرا جنسيا أعم من كل شكل مضلع منوع، وضد الواحد فى النوع واحد فى النوع. وأما كون هذه الأجزاء غير متناهية، وخصوصا على قول من يقول أن صورها متناهية، فأن ذلك بين البطلان مما قيل فى أمر غير المتناهى.
فأما الذى يعترضون على هؤلاء، ويقولون أن الاجتماع والافتراق لا يغير الطبايع والصور، كما أن الذهب إذا سحل ثم جمع فإن هذا ليس باعتراض صحيح. فإنهم يقولون إن السحل لا يرد الذهب إلى أول التأليف الذى يكون به ذهبا؛ بل هذا الذهب المحسوس عندهم ذهب كثير وهذا الماء المحسوس عندهم مياه كثيرة متجاورة، وإن أول اجتماع ذهبى ودمائى غير محسوس، فكيف يحس بالتفريق إذا وقع فيه. وتركيب الترياق من أدوية مختلفة يحدث فيها صورة الترياقية بالاجتماع، ثم لا يقدر بعد امتزاجها على أن يقسمها الحس، ألبتة البتة ، قسمه بحيث تخرج الأقسام عن الترياقية؟ وليس فى ذلك أن الترياقية لم يحدث عن اجتماع وامتزاج.
وكذلك الذى يقال لهؤلاء إن الهواء لا شكل له والماء لا شكل له، وإنه يقبل كل شكل. أما أولا فهو كاذب. فإن الماء إذا لم يعرض له عارض باللقاء تشكل كريا. وكذلك الهواء وجميع البسائط.
وأما ثانيا فإن هؤلاء إنما يوجبون الشكل المذكور للماء الواحد بالتأليف الأول، وما بعد ذلك فلا يمنعون ألبتة البتة أن تتألف الجملة الكثيرة منه على أشكال يتفق لها، ولا يوجبون لمجموع المياه شكلا يوجبونه لأول تأليف المياه.
صفحہ 120