وأيضا، فإن ذا العشرين قاعدة، وهو الهواء إذا استحال ماء يتركب ثمانية ثمانية من أجزائه، وفضلت أربعة لا تستحيل ماء. وليس شىء من أجزائه أولى بأن ينبعث إلى تركيب الهوائية منه من الآخر، حتى يفضل أربعة بأعيانها يلزم أن يتركب منها لا محالة نار أو جسم آخر، إن أمكن أو يتعطل تركيبه ولا يكون شيئا ألبتة البتة . وعندهم أن لا تركيب إلا هو أحد هذه العناصر أو المركبات منها. والماء إذا صار هواء صار أعظم حجما، وصارت المثلثات أكبر. فكيف يكون ذلك إلا أن يكون قد تخللها جسم غريب، فلا يكون ذلك هواء بسيطا، أو يكون قد تخللها خلاء تباعدت به تباعدا يحصل به الحجم الهوائى؟ فيلزم من ذلك أن يكون نوع من الجمع والتفريق يوجب أن يكون بين الأجرام بعد فلانى محدود، ونوع آخر يوجد خلافه، حتى يكون الجمع والنضد والتأليف نفسه مما يوجب فى طباع تلك الأجرام أن يهرب بعضها من بعض هربا إلى بعد غير محدود؛ فيحدث لها حركات عن طبايعها، لا عن قاسر هى حركات متضادة متخالفة بها ينبسط إلى حد محدود، وهذا كله محال.
فإن كان الماء إنما كان ماء من قبل أن صار هواء بأشياء تختلف الآن عند استحالته هواء ولم يستحل هواء، وتلك الأشياء المتخلفة كانت هى الجامعة المفرقة ما بين الأجزاء التى تباعدت عند استحالتها هواء، فلم يستحيل الهواء مرة أخرى من غير أن يكون فيه تلك المتخلفات، ومن غير أن يأتيها شىء من خارج؟
ثم إن كانت التراكيب من هذه الأجرام من غير أحوال وشروط أخرى وحدود توجب الطبيعة تقديرها على حدود محدودة من القرب والبعد توجب مغايرة فى الطبايع فواجب، ضرورة، أن يكون التغاير فى الطباع غير متناه ضرورة؛ لأنه وإن كان لنا أن نجعل لكل طبيعة حدا فى اللطافة والتخلخل، وفى وقوع الخلاء فى خلله فلذلك الحد عرض إذا تعداه صار فى تخوم غيره. فيكون كل واحد من ذلك متناهيا، لا سيما إن كانت العناصر هى الأربعة على ما سلموها، وكان لكل منها فى ذلك منها حد لا يعدوه،
صفحہ 117