وإن كانت مساوية معادلة، و كانت مغلوبة فى الظاهر فلم ليست غالبة فى الباطن. وإن كانت النار الباطنة هى الجسم الذى لا يحرق ولا يسخن، ثم إذا جاوزه فغلب فأبرزه صار محرقا مسخنا، والماء الباطن على صفة أخرى فقد ثبتت الاستحالة له؛ إذ صار مالا يحرق بكيفيته محرقا بكيفيته، اللهم إلا أن يلتجئوا إلى أن الحركة تحرق بالشكل النافذ، فيتركوا قولهم.
وأيضا فإن كل واحد من الأجزاء البسيطة فى الخليط لا يخلو إما أن يكون مما لا يتجزأ أصلا كالنقطة، فيلزم أن لا ينتظم منه ومن غيره متصل، وقد فرغ من هذا. وإن كان جسما فيلزمه لا محالة شكل؛ فإن لكل جسم طبيعى شكلا طبيعيا. ويلزمه أن يكون شكله مستديرا؛ لأنه بسيط ضرورة، ولأنه لا ينفعل، فلا يغلب على شكله ألبتة البتة . وإذا كانت أشكالها مستديرة لزم أن يقع هناك فرج خالية. وهذا مخالف
للحق، ولمذهبهم جميعا. ومما يجب أن يؤاخذوا به حال الكامن، وأنه ما الذى يوجب بروزه، أقوة طبيعية له، فيجب أن لا يتأخر إلى وقت، أو سبب من خارج؟ وذلك السبب من خارج إن كان حركة فلا يخلو إما أن يؤثر فيه أثر أو يحدث فيه قوة حركة وانبعاث يتبع ذلك الأثر وتلك القوة حركة منه، فيكون قد انفعل عندهم الشىء انفعالا فى الأثر، واستحال فيه، وصحت الاستحالة، أو يكون تحرك بلا أثر ينفذ من المحرك إلى المتحرك، بل إنما يحرك بجذب أو دفع، أو غير ذلك. فإن كان الجذب أو الدفع بحماسة وجب أن يكون المحرك إلى خارج قد نفذ أولا إلى غور الجسم فلاقى كل جزء من الكامن الذى يبرز. فيجب أن يكون كل مستحيل عندما يستحيل يعظم حجمه لنفوذ الجاذب أو الدافع فيه، وإن كان لا يحتاج إلى مماسة؛ بل إلى حد ما من المجاورة.
صفحہ 106