شاطيء النهر والبحر؛ عَلَى أنه إنما ذكر فِي التلقين شاطيء النهر، وعبّر عنه ابن عرفة بضفة الوادي وقربه، وأمّا المورد الذي ذكر قبل هذا فهو موضع ورود الماء من الأنهار والعيون والآبار، وأمّا الماء الدائم [٥ / ب] أي: الراكد فظاهر كلامه أنه يتقيه وإن (١) كثر، وبه صدّر ابن عرفة، وفِي " التلقين ": إلا أن يكون كثيرًا جدًا كالمستبحر، وصرّحوا بجوازه فِي الجاري، وهذا ما لَمْ يكن فيه ضرر.
ففي " أجوبة " ابن رشد: أنه سئل عن ماءٍ جارٍ فِي جنات وعليه أرحاء وأهل الجنات يسقون به ثمارهم، ويصرفون ما يحتاجون منه لمنافعهم وشربهم فبنى بعضهم عليه كرسيًا للحدث، [واحتجّ] (٢) بأن ذلك لا يغيّره لكثرته، وقال الآخرون: إنه وإن لَمْ يغيّره فإنه يقذره ويعيفه، وربما رسبت الأقذار فِي قراره وذلك مما ينغصه علينا هل لهم فِي ذلك مقال؟، وما تراه إن سكت أصحاب هذا الماء عنه، هل للحاكم النظر فيه؟؛ إذ قد ينتفع به جماعة المسلمين خارج الجنات، أم يسعه السكوت عنه؟.
فأجاب ﵀: الحكم بقطع هذا الضرر واجب، والقضاء به لازم، قام بذلك بعض أهل الجنات، أو من سواهم بالحسبة، وعَلَى الحاكم أن ينظر فِي ذلك إِذَا اتصل به الأمر، وإن لَمْ يقم عنده فيه قائم؛ بأن يبعث إليه العدول فإِذَا شهدوا عنده به قضى بتغييره؛ لما فِي ذلك من الحقّ لجماعة المسلمين خارج الجنات، ولا يسعه السكوت عن ذلك.
وأمّا الموضع الصلب: فإن كان نجسًا اتقاه مطلقًا، وإن كان طاهرًا فلا يبول فيه قائمًا كما قال فِي " المدوّنة ": وأكرهه فِي بموضعٍ يتطاير فيه، وليبلْ جالسًا ومثله فِي " التلقين " وغيره وقد قسّمه الباجي إلي أربعة أقسام فقال:
إن كان طاهرًا رخوًا جاز القيام، والجلوس أولى؛ لأنه أستر، وإن كان نجسًا رخوًا بال قائمًا؛ مخافة أن تتنجس ثيابه، وإن كان صلبًا نجسًا تنحى عنه إِلَى غيره وإن كان صلبًا طاهرًا تعيّن الجلوس. ومثله لابن بشير عن الأشياخ، وقبله ابن عرفة والمؤلف فِي
_________
(١) في (ن ١)، و(ن ٢): (ولا).
(٢) ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل.
1 / 141