الخوارج في مجتمع أعدائهم. وكان مما أثار عمران إلى نقد هذه الناحية أنه سمع بعض الجند يقولون: وما لنا لا نقاتل الخوارج؟ أليست أعطياتنا دارة؟ فقال عمران يتهكم بهذه الحال:
فلو بعثت بعض اليهود عليهم ... يؤمهم أو بعض من قد تنصرا
لقالوا رضينا أن أقمت عطاءنا ... وأجريت ذاك الفرض من بر كسكرا وعند عمران أيضًا ثورة على التملق الذي تفشى في طبقات الشعراء ودفع بهم إلى الكذب من أجل المال، إذ يقول في من يمدح لينال العطاء:
أيها المادح العباد ليعطى ... إن لله ما بأيدي العباد
فاسأل الله ما طلبت إليهم ... وارج فضل المقسم العواد
لا تقل في الجواد ما ليس فيه ... وتسمي البخيل باسم الجواد أما في نقد السياسة عامة فنسمع مثل قول عمران:
حتى متى لا نرى عدلًا نعيش به ... ولا نرى لدعاة الحق أعوانا ومقل قول أبي بلال مرداس بن أدية:
وقد أظهر الجور الولاة وأجمعوا ... على ظلم أهل الحق بالغدر والكفر ولا بد لنا من أن نفترض أن شعر الخوارج أثار نقدًا اجتماعيًا عند غيرهم من الفئات لأنه زاد من حدة الشعور بالنقائض الاجتماعية، وهذه ظاهرة متكاملة تحتاج دراسة مستقلة. وعلى الجملة يتبين لنا من مراجعة شعر الخوارج أن الموضوعات الشعرية التقليدية فيه قد أصيبت بالاستحالة، فاستحل المدح في سبيل الرزق ثناء على الشراة أنفسهم، واقتصر الرثاء على الأخوان والأصدقاء الذين ضحوا بأنفسهم
1 / 26