مدن خرسان، وكاد يستولي على مرو الشاهجان، في ولاية عاصم بن عبد الله الهلالي، أنه كان بمرو الشاهجان بمفردها سبعون ألفا١ ولسنا ندري هل كان هذا العدد يمثل الجنود وحدهم، أو أنه كان يشملهم ويشمل عيالاتهم.
تلك هي أهم البعوث التي أرسلتها الدولة إلى خراسان منذ فاتحة العهد الأموي إلى خاتمته. وهي بعوث لم يحدد القدماء إلا عدد الجنود النظاميين الذين اشتركوا في كل بعث منها، أما المتطوعة فلم يهتموا بهم، ونحن نظن ظنا أنهم كانوا كثيرين، وأنهم كانوا يرتحلون إلى خراسان للمساهمة في الغزو مع الجيش النظامي، طمعا فيما يفوزون به من الغنائم والأسلاب. ومما يرجح هذا الظن أن الناس كانوا يتدافعون تدافعا، ويزحم بعضهم بعضا للانضمام إلى أحد البعوث، بحيث لم يستطع المشرفون على شؤون التعبئة أن يلبوا رغبة كل من تقدم إليهم للانتظام في ذلك البعث، فاختاروا واحدا من كل أربعة أو خمسة بالقرعة٢.
ولا بد أن نضيف إلى تلك البعوث الرسمية موجات أخرى من الهجرات الفردية والجماعية، كانت تحدث من حين إلى حين، إما لزيادة الأهل والأحباب بخراسان، والإقامة عندهم، وإما للاشتغال في المرافق الاقتصادية المتعددة، وإن كان المؤرخون لم يحتفلوا بهذه الموجات من الهجرات إلا نادرا، وآية ذلك أنهم إنما أشاروا إليها مرة واحدة في ولاية الربيع بن زياد الحارثي، إذ نصوا على أن الجنود نقلوا أسرهم إلى خراسان، وسكنوا دون النهر٣.
على أن البعوث الرسمية لم يكن كل جنودها يمكثون في خراسان، فقد كان بعضهم يتركونها ويعودون إلى بلدانهم، وخاصة بعد تقلص أمرائهم، كما كان كثيرون منهم يستشهدون في الحروب، ولذلك يصعب أن يعرف عدد من رجعوا منهم إلى أوطانهم، وعدد من استقروا استقرارا دائما، وعدد من قتلوا في المعارك، ويكون من الخطأ أن نجمع البعوث بعضها إلى بعض، ونستخرج منها عدد المقاتلين الكلي.
_________
١ الطبري ٩: ١٥٧٥.
٢ الطبري ٩: ١٠٢٩.
٣ الطبري ٧: ٨١، ١٥٦، وفتوح البلدان ص: ٤٠٠، وابن الأثير ٣: ٤٥٢، ٤٨٩.
1 / 47