وأبغض شخصية في القرية هي شخصية البخيل الشحيح، وفيها يضربون الأمثال: «البخل كشاف العيوب وقاطع المحبة من القلوب»، و«البخيل بيموت عليل»، «البخيل بياكل من كيسه، والكريم بياكل من كيس غيره.» كما يقولون في الكريم: «الكرم مغطي كل عيب»، و«هين مالك ولا تهين حالك.»
وأحب الناس إليهم من كان جوادا، فالكريم المضياف: «كرم على درب، وبيته مفتوح»؛ وذلك لأن من عاداتهم أن المار يأكل عنبا وتينا من كل كرم يمر عليه، بشرط أن لا يأخذ معه شيئا، وإن أخذ أهين، وإن كبر رأسه ضرب.
إن الضيافة هي شعار القروي، ومن العار عليه ألا يقوم بواجب الضيف. قد تستخف بالقروي حين تراه وعليه ثوب العمل المهلهل، فيكاد يكون: «ما عليه من الخام ريحه.» ولكنه إذا لبس ثوب الاستقبال وأدخلك بيته البسيط النظيف، وقدم لك طعامه المعد أحسن إعداد ظننت أنك عند رجل لا صلة بينه وبين الحقول والمواشي. وإذا كان الضيف كبيرا ذبحوا له خروفا أو جديا، وإلا فدجاجة. وإن كان ممن لا يؤبه له قروه من حواضر البيت: الجبن واللبن والبيض، وكانت حلاوته التين. أما الذي يهرب من وجه الضيف فمثلهم يقول فيه: «الكلب لا يعرف بابه»، وإذا كان غنيا بخيلا قالوا فيه: «كلب محمل قروش.»
ومن أمثالهم: «الضيف له الكرامة»، و«ضيف المسا ما له عشا»؛ أي يقدم له من حيث كان، ويقام بواجبه على حقه في الغد؛ لأن الضيف: «أسير المحل»، فلا يبارح المضافة إلا مأذونا:
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا
نحن الضيوف وأنت رب المنزل
كما قالوا: «الضيف المتعشي ثقلته على الأرض.» وإذا كان الضيف ثقيل الدم أو وقحا قالوا فيه: «ضيف وحامل سيف.»
أما الرجل الذي لا يرجى خيره ولا يتقى شره، فهذا عندهم لا منزلة له وفيه يقول مثلهم: «فلان لا يهش ولا ينش، وفشكة كر، لا بينفع ولا بيضر.» ولما كانوا - في ذلك الزمان - لا يعرفون صبغة اليود وغيرها من المضمدات قالوا في البخيل أيضا: «فلان لا يبول على أصبع مجروح.»
ومن قيمهم الأخلاقية المثلى عرفان الجميل؛ ولذلك قالوا في الذي يسيء إلى من أحسن إليه: «كل شيء تزرعه وتقلعه إلا ابن آدم، تزرعه فيقلعك.»
أما المحافظة على العرض فرأس مكارم الأخلاق عندهم، قد يقتل الرجل أمه أو أخته. وقد يتحمس شباب القرية فيقتلون واحدة أساءت السلوك؛ حفظا لكرامة الضيعة، لئلا يقال: في القرية الفلانية بنت أو امرأة عينها شاردة؛ ولهذا لا يسمحون للبنت بالاختلاء بمن يميل إلى تزوجها. وفي ذلك قال مثلهم: «اربط إيدك مليح تستريح.» والبنت ينصحها مثلهم بقوله: «عشيقك لا تأخذيه ومطلقك لا ترديه.» وإذا ماتت لهم بنت قالوا: «ماتت حرة ووفرت صرة.»
نامعلوم صفحہ