وكان يوم من أيام فبراير ضاعفت قوة الريح فيه من البرد، وغشيت العمارات المتلاصقة في الخارج غلالة هابطة من الغيم.
2
دق جرس الباب. فتحت فرأت أمامها أم عنايات. لا يبدو من السواد الذي يكتنفها إلا وجه مدبوغ وعينان ذابلتان. أدخلتها مرحبة، متسائلة في سرها ترى هل فشل مشروع الزواج؟ وهل جاءت تسعى لإرجاع البنت إلى خدمتها؟ - أهلا يا أم عنايات، ما أخبار العروس؟
تربعت المرأة فوق الكليم القديم في المدخل - الأثاث كله قديم - وتمتمت: أخبار لا تسر يا هانم. - لم كفى الله الشر؟
تجهم وجه المرأة وأغمضت جفنيها منذرة بالبكاء فسألتها جمالات: ماذا دهاك؟
قام ابن عمها بالواجب، أصبح الفرح قريبا، لكن حسدونا يا هانم.
تساءلت بقلق: ماذا حصل للبنت؟ - اختفت، هربت، دفنت رأسي في الطين، هذه هي الحكاية ... - هربت؟! - نعم، لا تفسير لذلك في قريتنا، إلا أنها هربت بعارها ...
فقالت جمالات بقلق: عنايات! - ابن عمها زين الرجال، لا تفسير آخر، وأكثر من شخص يطالب بغسل العار!
اضطرب رأس جمالات بالخواطر المتلاطمة السريعة وتمتمت: يا له من خبر!
والمرأة دافنة عينيها طيلة الوقت في الكليم. تمطى قلق جمالات. ماذا جاء بالمرأة؟ قالت: لعلك توهمت أنك ستجدينها هنا؟ - إنها لم تعرف مكانا آخر. - ولكن بيتنا معروف لديك ولا يصلح للهرب. - رأسي حائر، لا أدري كيف أتصرف ... - إني مقدرة لذلك، ومندهشة، فعنايات مستقيمة لا شك في ذلك ... - تربت عندك، عند أحسن الناس.
نامعلوم صفحہ