139

شیطان یعظ

الشيطان يعظ

اصناف

فقال بهدوء: هذه الرغبة تسبق عادة برغبة أخرى. - ما هي؟ - أن تعترف بخبايا حياتك التي تؤرقك.

فهتفت من فوري: هذا ما يلح علي، هذا ما صارعته حتى صرعني.

فقال بارتياح: انتظرت طويلا أن أسمع منك ذلك حتى كدت أيأس منك، أشهر مرت وأنا أنتظر! - لم أتصور أن يكون للاعتراف كل هذه الأهمية. - بل إنه يقطع بأنك دخلت التجربة وأنت لا تدري وأن إرادتك بدأت تعمل ...

فشملني سرور صبياني أما هو فواصل: كنا شابين مجتهدين فقيرين، هدفهما عمل يوفر الرزق. وثقافة تثري الحياة، ماذا حدث بعد ذلك؟

قلت بلا تردد: توظفت، تزوجت، أنجبت، واصلت حياتي الثقافية، حققت الحلم كما ترى ...

لم يعلق بكلمة فقلت: ثم قدمت استقالتي من الوظيفة.

لزم صمته دون دهشة أو تساؤل فأدركت أنه يأبى مساعدتي ليتوكد من صدق رغبتي. قلت: الحقيقة أنني اضطررت إلى الاستقالة.

لم يتأثر حياد وجهه فقلت: كنت مراجعا بحسابات الأشغال، وكان مقاولا ممن يتعاملون مع الوزارة، ندت عنه كلمة فوجدتني أمام إغراء لم يعرض لي من قبل، اقتلعني من مستقر حياتي، اكتشفت أنني أنطوي على رغبات أخرى غير الثقافة والسعادة البريئة، ثمة حياة أفضل، ترددت طويلا ثم مددت يدي، وكان لي منطقي أيضا المستمد من مناخ فاسد، وتوهمت أنني أطبقه بحرية كاملة.

حولت عيني إلى الأمام وقلت: الانحدار لا يعرف التوقف، فاحت الرائحة، لا أطيل عليك، اضطروني إلى تقديم استقالتي على سبيل العطف ...

عطفت إليه عيني فكأنما لا يسمع ما يقال، قلت: وجدتني مهددا بالجوع فكدت أجن لولا أن ألحقني المقاول بمكتبه.

نامعلوم صفحہ