أعلنوا ذلك، وأعلن أبو بكر أنه سيقاتلهم، وأزمع في الوقت نفسه أن ينفذ جيش أسامة إلى مشارف الشام كما أمر رسول الله.
وهنا ظهرت أولى المشكلات الكبرى التي عرضت له وللمسلمين، فهو مصمم على أن ينفذ جيش أسامة؛ لأن النبي
صلى الله عليه وسلم
أمر بإنفاذه، وقد كفرت الأرض من حوله وأصبح لا يأمن أن يغير الأعراب عليه وعلى من معه في المدينة، وفي جيش أسامة صفوة من كان عنده من أولي القوة والبأس.
وقد أحس وجوه المسلمين هذا الخطر العظيم، فأشاروا عليه بأن يؤجل إنفاذ جيش أسامة أمام الضرورة الملحة؛ ولهذا الخطر الداهم الذي يوشك أن ينقض على المدينة في أي لحظة، ولكنه أبى وألح في الإباء؛ فلم يكن أبغض إليه من أن يخالف عن أمر النبي
صلى الله عليه وسلم ، مهما تكن الظروف ومهما تكن العواقب.
وقد ألح عليه أصحابه فلم يسمع لإلحاحهم، بل قال: «والله لو خفت أن تتخطفني السباع لما تأخرت عن إنفاذ أسامة وجيشه.»
ثم طلب إليه الأنصار الذين كانوا في الجيش أن يولي عليهم قائدا آخر أسن من أسامة، وأرسلوا عمر ليكلم أبا بكر في ذلك، فلم يكد عمر يفضي إليه بما رغب الأنصار فيه حتى قال له أبو بكر: «ثكلتك أمك يابن الخطاب، يوليه رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وأعزله أنا؟!»
نامعلوم صفحہ