محاضرات عن الشيخ عبد القادر المغربي
محاضرات عن الشيخ عبد القادر المغربي
اصناف
هذه معلومات عن أسرة «دارغوث» «المغربي». حدثني ببعضها الشيخ عبد القادر، ونقلت بعضها من أوراق وجدتها بخطه في خزانة كتبه، وإنما ألممت بها لأبين لكم طرفا من أخبار الأسرة التي نبغ فيها شيخنا، والصلات القوية بين أجزاء العالم العربي مشرقه ومغربه، والحركات العلمية والاجتماعية التي كانت عليها بلادنا في القرنين الأخيرين.
هوامش
أوليته
ولد عبد القادر المغربي في اللاذقية، حيث كان أبوه قاضيا، ثم انتقل إلى طرابلس الشام حينما انتقل أبوه إليها، وتلقى العلم فيها على أبيه وأفاضل رجالات أسرته، وكبار علماء بلدته، فكان أبوه يجمع له ضوابط منظومة من قواعد العلوم المختلفة ويحمله على حفظها، ثم ختم القرآن الكريم وهو ابن عشر سنوات، وحفظ المتون العلمية المشهورة كالألفية والأجرومية والسنوسية وجوهرة التوحيد، ثم لزم الشيخ حسين الجسر علامة طرابلس ومؤسس المدرسة الوطنية فيها، وكانت هذه المدرسة أول معهد علمي محدث، وقد وصف زميله في الدراسة الشيخ محمد رشيد رضا هذه المرحلة من عمرهما فقال في مقدمة كتاب البينات:
سبقني المغربي إلى طلب العلم وسبقته إلى مطالعة بعض كتب الأدب والتصوف والتاريخ قبل طلب العلم ...
ولما دخلت المدرسة الوطنية في طرابلس الشام كان هو في الصف الأول من تلاميذها، وكان الشعر والأدب أول أسباب التعارف والتآلف بيننا، وكان موضع عجب مني في اجتهاده؛ إذا شرع في حفظ درس يضع رءوس إبهاميه في أذنيه وبقية أصابعه فوق عينيه، حتى لا يسمع صوتا ولا يرى شيئا، ثم يقرأ ما يريد حفظه قراءة بصوت بين الجهر والمخافتة، ولا وسيلة لجمع الفكر وتوجيه قوة النفس أمثل من هذه الوسيلة، ثم عطلت المدرسة الوطنية وانتقل ناظرها أستاذنا الشيخ حسين الجسر الشهير إلى المدرسة السلطانية
1
في بيروت، وتبعه بعض تلاميذها، فدخلوها ومنهم صديقي صاحب «البينات» ولما تركها الأستاذ، وعاد إلى طرابلس عادوا معه؛ لثقتهم بتعليمه وتربيته، وانقطع إلى تعليم فنون اللغة وعلوم الشرع، والتقينا ثانية عنده في المدرسة الرجبية، فكان لكل منا وجهة هو موليها في العلوم الشرعية، وإنما كنا مشتركين في طلب آداب اللغة والعلوم المصرية ومطالعة المجلات والجرائد حتى المصرية الممنوعة من البلاد العثمانية التي كانت تأتي في البرد الأجنبية لقناصل الدول، فيطلعني عليها بعض أصحابي من أدباء النصارى، فنطالعها مجتمعين تارة أو منفردين أخرى.
2
والحق أن المغربي وصديقه رشيد رضا قد أفادا من شيخهما العلامة الجسر فوائد قومت تفكيرهما ووجهتهما الوجهة الصالحة حتى قال المغربي عنه: «وقد كان شيخي الجسر مصلحا دينيا دقيق النظر، ولكنه مع هذا بقي طول حياته محافظا متحفظا شديد الحذر، وأهم ما استفدناه من طريقه في الإصلاح يمكن تلخيصه مما وقع لي في زمن الحداثة وطلب العلم.
نامعلوم صفحہ