Shaykh al-Islam Ibn Taymiyyah Was Not a Nasibi
شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيا
ناشر
دار الوطن للنشر
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
پبلشر کا مقام
الرياض
اصناف
ابن تيمية لم يكن ناصبيًا
تأليف الشيخ
سليمان بن صالح الخراشي
نامعلوم صفحہ
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم لفضيلة الشيخ صالح الفوزان
الحمد لله وحده - وبعد: فقد قرأت هذا الكتاب: (ابن تيمية لم يكن ناصبيًا) وهو الرد على من احترق غيظًا من كتاب شيخ الإسلام: " منهاج السنة النبوية في الرد على الشيعة والقدرية" فاتهمة بأنه ناصبي يبغض عليًا ﵁ لأن الذي يخالف مذهب الشيعة في الكذب والافتراء في حب علي بزعمه وأن حبه يلزم منه بغض صحابة رسول الله ﷺ وتكفيرهم.
فمن لم يوافقهم على ذلك أو ردَّ عليهم مفترياتهم يعتبر ناصبيًا.
ولذلك لما بين شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ افتراءات الشيعة في هذا الكتاب وفضح كيدهم وذب عن أصحاب رسول الله ﷺ وزيف دعواهم المحبة لعلي ﵁، وأن الذين يحبون عليًا ﵁ هم أهل السنة والجماعة، الذين يعتبرونه رابع الخلفاء الراشدين وأحد السابقين الأولين المهاجرين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، لذلك كله اشتدت عداوة الرافضة لشيخ الإسلام ابن تيمية، واتهموه بأنه ناصبي ومنهم أناس يندسون بيننا ويروجون في المجالس وبين شبابنا هذه الفكرة الخبيثة - فجاء هذا الكتاب: (ابن تيمية لم يكن ناصبيًا) تأليف الشيخ سليمان بن صالح الخراشي، ردًا على هذه الفكرة ومروجها، بذكر مقاطع من كلام شيخ الإسلام تدحض هذه الفرية وتخرس مروجها - ولله الحمد - فجزى الله الشيخ سليمان خير الجزاء على نصرة الحق ودحض الباطل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتبه: صالح بن فوازان بن عبد الله الفوزان
1 / 5
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
أما بعد: فلم يزل شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ منذ أن جهر بدعوة الحق يتلقى التهم والافتراءات التي يلفقها عليه خصومه في حياته وبعد مماته.
وهذه التهم والافتراءات يوصي بها سلف المبتدعة إلي خلفهم، ويرجون بها إلي أوليائهم، لتكون سلاحًا بيدهم أمام دعوة الشيخ التي عشت بنورها أبصارهم الكليلة.
فهم قد اتهموا الشيخ ﵀ بتهم كثيرة تفوق الحصر، منها ما هو مكذوب من أصله، ومنها ما هو مساء فهمه.
فقيل في الشيخ - مثلا - بأنه يقول بعدم العالم، وأنه مجسم، وأنه مشبه، وأنه يبغض الرسول ﷺ ويمنع من زيارته، وأنه يفتي بمسائل شنيعة لم يقل بها أحد قبله، وأنه، وأنه ... في تهم عديدة يحسن بشيخ الإسلام أن يمثل أمامها بقول أبي الطيب:
1 / 7
رماني الدهر بالأزراء حتى ... فؤادي في غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتني سهام ... تكسرت النصال على النصال
وهان فما أبالي بالرزايا ... لأني ما انتفعت بأن أبالي
قلت: ولكن الله القائل (إن الله يدافع عن الذين آمنوا)
لم تزل سنته ماضية في أن يهيئ لأوليائه من يقوم بالذب عنهم، أحياءً وأمواتًا.
فقد قيض لشيخ الإسلام تلاميذ بررة، وأنصارًا متلاحقين يدفعون تهم الأعداء عن عرض الشيخ ﵀
والكتب التي ألفت في رد خصوم الشيخ كثيرة جدًا، ليس هذا موضع استقصائها.
وهذه الرسالة التي قمت بإعدادها - راجيًا أن تسلك مسالكهم - هي في دفع تهمة وفرية على شيخ الإسلام، افتراها خصومه عليه عندما ألف كتابه العظيم (منهاج السنة) .
فهؤلاء الخصوم عندما قرأوا كتابه لم يفهموه حق الفهم - أو فهموه وغاضهم ما فيه، أو لحسدهم وبغيهم - فانقلبت حسنات الشيخ - في تأليفه لهذا الكتاب - عندهم إلي سيئات.
1 / 8
إن يحسدوك فلا تعبأ بقائلهم ... هم الغثاء وأنت السيد البطل
فقالوا قولتهم الآثمة: بأن شيخ الإسلام ابن تيمية يبغض عليًا ﵁ ويتنقصه في كتابه هذا؟؟
وقد اتخذا هؤلاء الجهال من عبارات خاطئه للحافظ ابن حجر أطلقها في هذا المقام سلمًا للولوغ في عقيدة شيخ الإسلام، فأصبحوا يرددون كلمات الحافظ ﵀ في كتبهم ورسائلهم نكاية بأهل السنة، وشيخهم.
وأني شقي باللئام ولا ترى ... شقيًا بهم إلا كريم الشمائل
وهذه الفرية ليست هي الأولى ولا ألاخيرة في سجل التهم الموجهة لشيخ الإسلام، بل قد قيل فيه ما هو أعظم منها وقيل في غيره من الأئمة ما هو مثلها.
فهي تهمة باطلة قد تعودناها من أهل البدع في كل زمان. وأنا لم أكن لأعبأ بها، أو أن أقيم رسالتي هذه عليها، لولا أن
1 / 9
سمعت من تأثر بها ممن يدعي طلب العلم آخذًا في ترديدها في رسائله على استحياء وفي مجالسه بتصريح دون تلميح
وأجرأ من رأيت بظهر غيب ... على عيب الرجال ذوو العيوب
وخشية من أن يقع في نفوس الناشئين من شباب الإسلام أي حسيكة على شيخ الإسلام نظرًا لترديد مثل هذه التهمة في بعض المجالس مقرونة بأقوال الحافظ ابن حجر ﵀ رغبت في دفع هذه التهمة الباطلة في رسالتي هذه بشيء من التفصيل الذي لم أجده في رسائل أخرى.
وكما قال الشيخ الألباني - حفظه الله - (نحن إنما علينا أن ندافع عن الذين آمنوا، ونبرئ ساحتهم مما اتهموا به من الأكاذيب والأباطيل التي يكون الدافع عليها تارة الجهل، وأخرى الظلم، وقد يجتمعان)
والله أسال أن يجعلني من الذابين عن عرض علم الإسلام وشيخه ابن تيمية ﵁ وأن يكتب لي ولقارئها المنتفع بها الأجر والثواب.
وأن يعظم أجر شيخنا: الشيخ صالح الفوزان الذي تفضل بتقديم هذه الرسالة.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم
1 / 10
لمحة عن كتاب (منهاج السنة)
لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله
1 / 11
الذين اتهموا شيخ الإسلام بهذه التهمة كانت عمدتهم في هذا الاتهام عبارات لم يفهموا مغزاها عثروا عليها متفرقة في كتابه " منهاج السنة" وقبل أن أبين مقصود شيخ الإسلام منها أحب أن يعلم القارئ نبذة عن هذا الكتاب وظروفه ليكون على وعي وبصيرة بمنهج الشيخ.
كتاب " منهاج السنة " هو (من أهم وأكبر كتب شيخ الإسلام، وقد ورد ذكره في أكثر الكتب التي تحدثت عن مؤلفات ابن تيمية) وهو قد ألفه (حوالي سنة ٧١٠هـ. وهذا يعني أنه ألف هذا الكتاب أثناء وجوده في مصر)
وهو ﵀ قد ألفه نقضًا لكتاب (منهاج الكرامة) للرافضي ابن المطهر.
يقول شيخ الإسلام في مقدمة كتابه بعد حمد الله والثناء عليه: (أما بعد، فإنه قد أحضر إلي طائفة من أهل السنة والجماعة كتاباُ صنفه بعض شيوخ الرافضة في عصرنا، منفقًا لهذه البضاعة،
1 / 13
يدعو به إلي مذهب الرافضه الإمامية من أمكنه دعوته من ولاة الأمور. .) قال: (وذكر من أحضر هذا الكتاب أنه من أعظم الأسباب في تقرير مذاهبهم عند من مال إليهم من الملوك وغيرهم. وقد صنفه للملك المعروف الذي سماه فيه (خدابنده) وطلبوا مني بيان ما في هذا الكتاب من الضلال وباطل الخطاب، لما في ذلك من نصر عباد الله المؤمنين، وبيان بطلان أقوال المفترين الملحدين)
قلت: أما الرافضي المردود عليه فهو: (أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي ابن المطهر الحلى المشهور عند الشيعة بالعلامة. ولد سنة ٦٤٨ وتوفي سنة ٧٢٦هـ قبل وفاة ابن تيمية بعامين، وهو منسوب إلى الحلة السيفية التي بناها الأمير سيف الدولة صدقة بن منصور المزيدي الأسدي من أمراء دولة الديالمة في محرم سنة ٤٩٥هـ، وهي واقعة بين النجف والخار علي طرفي شط الفرات)
(أما الملك خدابنده الذي ألف ابن المطهر كتابه " منهاج الكرامة من أجله فهو أحد ملوك الدولة الإيلخانية ومن أحفاد جنكيز خان واسمه الجايتو (أو أولجايتو) خدابنده غياث الدين محمد بن أرغون بن أبغا بن هولاكو بن طلو بن جنكيز خان. وقد تولى أخوة الملك غازان (أو قازان) الحكم سنة ٦٩٤ وولاه حكم
1 / 14
خراسان، وكان غازان ميالًا لأهل السنة (ولابن تيمية عدة وقائع معه) واستمر حكمه مدة ثمان سنين وعشرة أشهر إلى أن توفي في شوال سنة ٧٠٣، وتولى بعده أخوه خدابنده في شهر ذي الحجة من نفس العام. وقد استمر خدابنده بعض الوقت مقيمًا على السنة إلى أن كانت سنة ٧٠٩ حينما انتقل إلى مذهب الشيعة) بسبب الرافضي (ابن المطهر) الذي ألف له كتاب: " منهاج الكرامة " ودعاه فيه إلى اعتناق مذهب الرافضة بعد أن حسنه له وقبح صورة مذهب أهل السنة في عينه.
وكتاب " منهاج الكرامة " يتحدث فيه الرافضي عن مسألة ألإمامة التي يقول عنها بأنها (أهم المطالب في أحكام الدين، وأشرف مسائل المسلمين) ويلخص لنا الرافضي كتابه أو رسالته في هذه المسألة بقوله: (وسميتها " منهاج الكرامة في معرفة الإمامة " ورتبتها على فصول:
الفصل الأول: في نقل المذاهب في هذه المسألة.
الفصل الثاني: في أن مذهب الإمامية واجب الاتباع.
الفصل الثالث: في الأدلة على إمامة علي ﵁ بعد رسول الله ﷺ.
الفصل الرابع. في الإثني عشر.
1 / 15
الفصل الخامس. في إبطال خلافة أبي بكر وعمر وعثمان)
قلت هذا بإجمال فصول الكتاب المردود عليه فهو قد حدد هدفه من تأليفه، وهو تقرير إمامة علي ﵁ بعد الرسول ﷺ، والطعن في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان ﵃ وغيرهم من الصحابة.
وفي سبيل هذا الهدف الباطل الذي أقام عليه رسالته غلا غلوًا فاحشًا في علي ﵁ فصوره في صورة غير التي نعرف من سيرته، وعظمه على غيره من الصحابة - بل والرسول ﷺ فجعل الأحداث تدور من حوله، فهو صانعها، وهو بطلها الوحيد.
وأقذع في تصويره ﵁ وأهل البيت في صورة المظلومين، الذين قد هضم الصحابة حقوقهم، وأما الصحابة الآخرين فقد صغر مواقفهم، ونال منهم، وجعلهم في صورة الظالمين الذين انتهكوا حق علي وأهل البيت، وتفنن - في سبيل هذا الهدف - في توزيع التهم عليهم.
فعلي ﵁ عنده هو الإمام المعصوم، وهو أفضل البشر بعد الرسول ﷺ وهو أزهد الناس، وأعبدهم، وأعلمهم في جميع العلوم وأشجعهم، وأنه يعلم الغيب وكان
1 / 16
مستجاب الدعاء، وأن الشمس قد ردت له ونزلت في شأنه آيات كثيرة، وفضله الرسول صلى الله علية وسلم في أحاديث كثيرة، وكانت له كرامات عظيمة ... إلخ.
وأما أبو بكر ﵁ فهو عند الرافضي قد اغتصب الخلافة من علي، وظلم فاطمة حقها، وأنه لا علم عنده، وهو لا يقيم الحدود على رعيته.... إلي آخر تهم الرافضي لأبي بكر ﵁ التي فندها شيخ الإسلام في كتابه.
وهكذا صنع الرافضي مع عمر ومع عثمان ومع معاوية ومع طلحة والزبير ﵃ أجمعين -.
فهو قد أخفى فضائلهم واختلق لكل واحد منهم تهمة باطلة ليشوه صورته أمام الناس.
هذا ملخص ما احتواه هذا الكتاب الآثم الذي حاءته جنود شيخ الإسلام من كل مكان: من فوقه، ومن أسفل منه، حتى جعله حصيدًا خامدًا كأن لم يغن بالأمس فذب بحماس عن أعراض أكرم الخلق بعد الرسل، ونفى غلو الرافضة في علي، وبين المنهج الحق في جميع المسائل التي تعرض لها الرافضي.
ومما يأسف له المسلم أن هذا الكتاب العظيم لشيخ الإسلام ﵀ الذي أصبح مرجعًا لكل طالب علم بعده يريد أن ينقض شبهات الروافض لم يعجب بعض من يدعون العلم، ورأوا أنه كان الأولى أن لا يؤلفه شيخ الإسلام.
1 / 17
ومن هؤلاء: السبكي الذي كان خصمًا من خصوم شيخ الإسلام، حيث يقول في قصيدته حول الروافض وكتاب " منهاج السنة "
إن الروافض قوم لا خلاق لهم ... من أجهل الناس في علم وأكذبه
والناس في غنية عن رد إفكهم ... لهجنة الرفض واستباح مذهبه
فهو يرى أنه لا داعي للرد عليهم لافتضاح مذهبهم، وهذا سوء فهم وجهل من السبكي لأن شبه الروافض وأكاذيبهم إذا كانت مفضوحة عند العلماء الذين يخبرون مذهبهم الباطل، فإنها قد تروج على عامة المسلمين من عليه القوم وأسافلهم ممن لا علم عند برد شبهاتهم، فيتأثر بأقوالهم، وقد ينصر مذهبهم كما فعل الملك (خدابنده) الذي ألف له ابن المطهر كتابه. وتخيل لو كان عند هذا الملك علم بأباطيلهم كما وضحها شيخ الإسلام، هل كان سيترفض؟
قلت: وكأني بالحسد قد ملأ قلب السبكي حتى قال قولته السابقة، لأن الله قد ادخر هذا العمل العظيم لشيخ الإسلام ابن تيمية، ولم يكتبه لغيره.
1 / 18
وقولة السبكي هذه أغضبت أحد علماء السنة (يوسف السرمري) فرد علي قصيدته السابقة بقصيدة أجمل منها جاء فيها:
وقعت في الشيخ إذ رد الروافض في ... قعر الحضيض وكانوا فوق مرقبه
أوهمتنا فيك رفضًا في كلامك والـ ... إنسان قد يبتلى من تحت مذربه
فهو يقول للسبكي بأنك أوهمتنا بأنك رافضي لأنك تدافع عن الروافض وترى عدم الرد على مذهبهم.
والصحيح أن السبكي ليس برافضي، ولكنه العداء والحسد لشيخ الإسلام.
قلت: ومن هؤلاء الذين لم يروا أهمية لرد شيخ الإسلام على الروافض: الصفدي، الذي لقي شيخ الإسلام عدة مرات، وكان شيخ الإسلام يحثه على ملازمة التتلمذ على يديه ليستفيد، ولكن غلبه حب الأدب، فصرفه الله عن العلم.
يقول الصفدي في كتابه: " أعيان العصر " عن شيخ الإسلام: (وضيع الزمان في رده على النصارى والروافضة ومن عاند الدين أو ناقضه، ولو تصدى لشرح البخاري أو لتفسير القرآن العظيم لقلد أعناق أهل العلوم بدر كلامه النظيم)
1 / 19
قلت: لم يضيع شيخ الإسلام زمانه، بل أفاد الأمة بردوده تلك وجعلها مرجعًا لمن بعده ممن أرد نقض شبهات الأعداء، وأما التفسير وشروح البخاري فقد تتابع عليها علماء الإسلام بما يغني الأمة أن تنصرف (جميع) جهود علمائها إليها، ومن تأمل كتب وفتاوى شيخ الإسلام يعلم أن له حظا وافرًا من ذلك - أيضًا -.
وأخيرًا: ما أجمل قول الأستاذ محمد كرد على ﵀ في شيخ الإسلام:
(ولو لم يكن له إلا " منهاج السنة " لكفاه على الأيام فخرًا لا يبلى، ففيه مثال من علمه وقوة حجته، ومعرفته بالملل والنحل، وإذا قلنا: إنه لم يؤلف نظيره في الرد على المخالفين لأهل السنة لصدقنا كل منصف من أهل القبلة) .
1 / 20
المتهمون
لشيخ الإسلام بتنقص علي ﵁ والانحراف عنه
1 / 21
لقد حاولت أن أذكر في هذا المبحث أبرز المتهمين لشيخ الإسلام بتلك الفرية، ممن عثرت على أقوالهم، مع توثيقها من كتبهم أو من كتب الناقلين عنهم، وقد اتضح لي أنهم على نوعين:
الأول: أناس لم يفهموا مقاصد شيخ الإسلام من عباراته التي ذكرها في كتابه " منهاج السنة " والتي ظنوا أن فيها تنقصًا لعلي ﵁، وأداهم لهذا عجلتهم في الحكم دون ترو، ولا مراجعة لأقوال شيخ الإسلام الصريحة في نفي ذلك عن نفسه، إضافة إلى عدم إدراكهم لعمق مذهب الشيخ في رده لأكاذيب الروافض، فلهذ زلوا هذا الزلة العظيمة. وخير مثال لهؤلاء: الحافظ ابن حجر العسقلاني - عفا الله عنه-
الثاني: أناس قد أشربت قلوبهم مختلف أنواع البدع، فطارت قلوبهم فرحًا عندما عثروا على تلك العبارات التي ظنوها تنقصًا لعلي ﵁ فأذاعوا بها شرقًا وغربًا قاصدين بذلك ذم شيخ الإسلام والتنفير منه ومن كتبه وآرائه التي تخالف مشربهم.
وخير مثال لهؤلاء: ابن حجر الهثيمي، والكوثري، والغماري، والسقاف، والحبشي، وغيرهم - كما سيأتي -.
1 / 23
المتهمون وأقوالهم
١- فمنهم العلامة الحافظ ابن حجر العسقلاني ﵀ الذي جرأت كلماته السفهاء على شيخ الإسلام، واتخذوها متكأ للتطاول على مقامه ﵀ وسهولة كيل التهم له بتنقص علي ﵁ ما دام الحافظ ﵀ قد ألمح إلى ذلك ومهد لهم الطريق بكلماته في شيخ الإسلام.
ونحن نعلم أن الحافظ ﵀ هو ممن يقدرون شيخ الإسلام، ويثنون عليه، ويعرفون فضله.
قال العلامة محمود شكري الألوسي: (إن الحافظ ابن حجر العسقلاني موالاته ومحبته للشيخ ابن تيمية مما لا ينكره إلا جاهل، وقد تلقى العلم عن تلامذة الشيخ وأصحابه وانتفع بكتبه، وقرأ كثيرًا منها درسًا، وهذا هو اللائق به وبأمثاله من أهل الفضل والعلم، وقد قيل: إنما يعرف ذا الفضل ذووه)
قلت: ومن ذلك قول الحافظ: ولو لم يكن للشيخ تقي الدين من المناقب إلا تلميذه الشهير الشيخ شمس الدين ابن قيم الجوزية صاحب التصانيف النافعة السارة، التي انتفع بها الموافق والمخالف: لكان غاية في الدلالة على عظيم منزلته، فكيف وقد
1 / 24
شهد له بالتقدم في العلوم والتمييز في المنطوق والمفهوم أئمة عصره من الشافعية وغيرهم فضلًا عن الحنابلة)
أما كلام الحافظ في شيخ الإسلام حول موضوع تنقص على ﵁ فهو اجتهاد خاطئ من الحافظ تعجل في إطلاقه لعدم فهمه مقاصد شيخ الإسلام.
ومن ذلك قوله في لسان الميزان في ترجمة الرافضي الذي رد عليه شيخ الإسلام:
(صنف كتابًا في فضائل علي ﵁ نقصه الشيخ تقي الدين ابن تيمية في كتاب كبير، وقد أشار الشيخ تقي الدين السبكي إلى ذلك في أبياته المشهورة حيث قال: وابن المطهر لم تطهر خلائقه........)
قال ابن حجر: (طالعت الرد المذكور فوجدته كما قال السبكي في الاستيفاء، لكن وجدته كثير التحامل إلى الغاية في الرد الأحاديث التي يوردها ابن المطهر، وان كان معظم ذلك من الموضوعات الواهيات، لكنه رد في رده كثيرًا من الأحاديث الجياد التي لم يستحضر حالة التصنيف مظانها، لأنه كان لاتساعه في الحفظ يتكل على ما في صدره، والإنسان عامد للنسيان، وكم
1 / 25
من مبالغة لتوهين كلام الرافضي أدته أحيانًا إلى تنقيص على ﵁ .
وقال - أيضًا - في ترجمة الرافضي في كتابه: (الدرر الكامنة): (له كتاب في الإمامة رد عليه فيه ابن تيمية بالكتاب المشهور المسمى بالرد على الرافضي، وقد أطنب فيه وأسهب، وأجاد في الرد إلا أنه تحامل في مواضع عديدة، ورد أحاديث موجودة وإن كانت ضعيفة بأنها مختلقة) .
وقال في الدرر الكامنة في ترجمة ابن تيمية: (وكان يتكلم على المنبر على طريقة المفسرين مع الفقه والحديث، فيورد في ساعة من الكتاب والسنة واللغة والنظر ما لا يقدر أحد على أن يورده في عدة مجالس، كأن هذه العلوم بين عينيه فأخذ منها ما يشاء ويذر، ومن ثم نسب أصحابه إلى الغلو فيه واقتضى له ذلك العجب بنفسه حتى زهى على أبناء جنسه، واستشعر أنه مجتهد فصار يرد على صغير العلماء وكبيرهم، قعويهم وحديثهم، حتى انتهى إلى عمر فخطأه في شئ، فبلغ الشيخ إبراهيم الرقي فانكر عليه، فذهب إليه واعتذر واستغفر، وقال في حق علي: أخطأ في سبعة عشر شيئًا ثم خالف فيها نص الكتاب، منها اعتداد المتوفي
1 / 26