ومضى هو وإسماعيل الصفوري وعثمان شاكر وبعض الرجال وفجأة التفت إلى عثمان شاكر: ألم تكن وكيل محام، هل العقد صحيح أم غير صحيح؟ - صحيح قطعا. - هل أنت متأكد؟ - طبعا.
وفكر أن يذهب إلى الأستاذ عليوة ولكنه لسبب لا يدريه قال لإسماعيل: أرسل رجلا إلى بيت إنعام يرى إن كان عندها أحد أم لا؟
وفي دهشة سأل إسماعيل: تقصد إنعام زوجة رشدي؟ - لقد طلقا، أليس كذلك؟ - نعم، فقط أردت أن أتأكد أنك تريدها هي. - نعم هي من أريدها.
وحين عاد إليهم الرسول يخبرهم أن إنعام وحدها، قصدوا إلى بيتها، وقال عتريس وهو يدخل: انتظروا هنا.
ودخل وأقفل الباب من خلفه، والتفت عثمان إلى إسماعيل: هذه وظيفة جديدة علينا يا أبو السباع. - مبروكة إن شاء الله. - وقفنا هذه الوقفة، وهو يتزوج وقلنا لا بأس، أما الآن. - الفارق بسيط يا أبو عفان. - بسيط، بسيط؟! - الزواج كان بعقد مشكوك فيه، أما العقد هنا فصحته مؤكدة.
قالت إنعام: أهلا وسهلا، خطوة عزيزة يا أبا الرجال. - أهلا بك. - طالما تمنيت أن تشرفني. - وكيف وأنا مشغول وأنت مشغولة؟ - بأمرك أكون غير مشغولة، أنا تحت أمرك دائما. - حفظت. - كل ما أرجوه أن تكثر من هذه الزيارات، اجعل ساعة لقلبك وساعة لربك. - لربي؟! - أقصد لعملك. - آه! - أنت مع شغلك هذا الدائم محتاج لمن تزيل عنك هم العمل ومسئولياته. - قالت إنها لم تعط الوكالة. - نعم؟ - لا، لا شيء. - أهلا.
واقتربت منه ولف ذراعه حولها فتداعت بين أحضانه فقبلها وقبلته، ثم عاد فقبلها وقبلها وقبلها، ثم ما لبث أن انتفض واقفا. - لا، لا فائدة. - ماذا يا سيد الرجال ... أترانا لم نعجب؟ - أنا مشغول الفكر يا إنعام، لا تؤاخذيني. - أنا تحت أمرك دائما. - كم تريدين؟ - أبدا. - قولي كم ولا تعطليني. - لا آخذ منك شيئا أبدا.
ورمى لها خمسين قرشا، وخرج وتبعه رفاقه صامتين، وراح يسلك بهم دروب القرية وهو لا يبين عن مقصده حتى بلغوا بيت عليوة المحامي. - هل العقد صحيح؟ - لا، غير صحيح. - ماذا؟ ماذا تقول؟ - العقد غير صحيح. - ما لي كأني أواجه مفاجأة، لقد كنت أعرف، كنت أعرف ولكن ... - كيف تجرؤ؟ كيف تجرؤ؟ - علام أجرؤ؟ ليس أنا الذي يقول هذا، إنه الشرع، العقد غير صحيح. - كيف تجرؤ؟ - لقد تزوجت على مذهب أبي حنيفة، أبو حنيفة هو الذي قال هذا، العقد غير صحيح، لا بد من رضائها حتى يصح العقد. - ولكن أنت كيف تجرؤ؟ - ماذا تريدني أن أقول؟ - أين مفتاح هذه الخزانة؟ - ماذا؟ - أقول مفتاح هذه الخزانة. - وما شأن الخزانة بالعقد؟ - هات المفتاح. - يا سي عتريس حرام عليك، إنها شقاء العمر كله، وأمل العمر كله، حياتي الماضية والآتية في هذه الخزانة. - هات المفتاح. - أنا ما ذنبي؟ - هات المفتاح.
الفصل السادس عشر
لم ينتظر عبد المغني حسون حتى يرد الشيخ إبراهيم تحيته، وإنما راح يلقي له الأخبار كأنه سيل منهمر ولم ينتظر الشيخ إبراهيم أن يعلق عبد الغني حسون على ما رواه من أخبار وإنما قام من فوره قاصدا إلى بيت حافظ وبجانبه عبد الغني حسون يفصل من الأخبار ما أجمله، الحقول الغرقى والأخرى المحترقة وأموال عليوة التي انتهبت، والشيخ ماض في طريقه في حزم لا يعلق بشيء ولم ينتظر ترحيب حافظ: أيفعل أحد بابنته ما فعلت؟ - وماذا أفعل يا عم الشيخ إبراهيم، خفت عليها من القتل.
نامعلوم صفحہ