كان حافظ أفندي خالد جالسا في بيته في الموهن الأخير من الليل مع زوجته فاطمة، وابنته فؤادة، وكان حافظ قد فرغ من الصلاة، وكانت فاطمة تصلي ركعات لله لا توجبهن فريضة ولا سنة، وكانت فؤادة تقرأ في كتاب كبير في يدها ويسألها أبوها: ماذا تقرئين يا فؤادة؟ - حكاية عجيبة يا أبي. - عم تروي؟ - عن مقتل الحسن بن علي. - كيف قتل؟ - حكاية لا يصدقها العقل. - احكيها لي. - أنا يا أبي لا أصدقها. - قولي أولا ونبحث عن معقوليتها بعد ذلك. - أرسل معاوية إلى زوجة الحسن واتفق معها على أن يعطيها مبلغا كبيرا من المال ويزوجها ابنه يزيد إذا قتلت الحسن. - أعوذ بالله. - وسقته السم وأحس به يسري في جسده، ثم أحس به يفتك به ثم أحاط به ألم قاتل حتى لقد كان يقول: لفظت بعضا من كبدي، وكنت أقلبه بعود في يدي، وزوجته تشهد، وكأنها لم تفعل شيئا.
ومات الحسن وذهبت الزوجة إلى معاوية لتنال الجائزة التي وعدها بها زواج يزيد والمال الوفير. - وهل نفذ معاوية وعده؟ - بعض وعده. - كيف؟ - قال لها: أما المال فهو لك، وأما يزيد فإنا نخاف أن تفعلي به مثلما فعلت بزوجك. - لقد نالت جزاءها. - إن كانت الحكاية صحيحة، فهي لم تنل جزاءها أبدا؛ كان يجب أن تقتل مئات المرات؛ إنها زوجة قتلت زوجها، لقد أعطته السم بيد لا يشك في ولائها، يد زوجته، إنها روحه الثانية، حياته، أتعرف يا أبي لماذا حدثت هذه الجريمة؟ - لأن الزوجة كانت امرأة مجرمة. - هناك سبب أهم من ذلك، لم يكن زواجها بالحسن عن حب، كان أغلب الزواج في ذلك الحين يتم عن غير حب. - ومع ذلك لم تقتل كثير من النساء أزواجهن. - لأنهن لم يتعرضن لمثل إغراء معاوية، من يدري ماذا كن يفعلن إذا تعرضن لهذا الإغراء. - أكن يقتلن أزواجهن؟ - ما دام الزواج بلا حب فلا أحد يدري ماذا يحدث.
قالت فاطمة بعد أن سلمت تسليمتين: فيم تتحدثان؟ - ألم تسمعي؟ - كنت أصلي. - وأذناك، أين كانتا؟ - أنت تعرف أنني حين أصلي لا أسمع شيئا. - احكي لها الحكاية يا فؤادة. - ثانية. - كانت تصلي.
وقبل أن تبدأ فؤادة قصتها سمع ثلاثتهم ضجيجا متخافتا خارج الباب أعقبه طرق، وقال حافظ: من؟
وجاء صوت قوي ليس مرتفعا: افتح.
وقال حافظ خائفا: من؟
وجاء الصوت: عتريس.
وأعاد حافظ الاسم ذاهلا: عتريس؟!
وجاء الصوت مرة أخرى يحمل نفس النبرة: افتح.
وقال حافظ لزوجته وابنته: ادخلا أنتما.
نامعلوم صفحہ