دار الحديث في مجلس حول الأفلام المصرية، تفاهة أكثرها وبذاءتها وسماجتها وخلوها من فائدة للعقل أو الخلق. وقيل: إن أصحاب الملاهي نقلوا الرقص والغناء الغث من الأمكنة الضيقة التي يشهدها قليل من الناس، إلى أفلام تعرض في كل مكان وتكرر كل حين. وتمادى المتحدثون حتى قال أحدهم: إن الأفلام التي تعرض مناظر طبيعية أو تصور حياة الحيوان في الغابات، أو جانبا من معيشة الجد والكد، أو تبين التاريخ الصحيح لا ترضي الجمهور، وأصحاب الملاهي ومصورو الأفلام همهم الأول جذب الناس وتملق الجماهير وتحصيل المال والصيت.
قلت: هذا أصل الداء الساري في أدبنا وصحفنا وأفلامنا ومسارحنا؛ الأديب والصحفي وصاحب السينما يبغي الجاه والمال، ووسيلتهما كثرة المتمتعين بما يحدثون. والدهماء في كل أمة أغلب، والسواد أكثر، والعامة أملك. فليكتب الكتاب ما يرضي الجمهور، ولينزلوا إليه، وليتملق الصحفيون العامة ويستكثروا منهم، وليعرض أصحاب الأفلام ما يدر المال بازدحام النظارة. وإنما أعني العامة أخلاقا وعقولا وإن كانوا من الأغنياء أو تسموا بالعلماء، فالجمهور أو الدهماء أو السواد أو العامة أو ما شئت من هذه الأسماء، قائدة لا مقودة، وسائدة لا مسودة. وحسب الأمة فسادا أن يؤمها عامتها وأن تقاد بأذنابها!
إن الخطة المثلى أن ينزل الكتاب ومن إليهم إلى الجمهور قليلا ليرفعوه إليهم كثيرا، ويقاربوه ليقودوه.
ولعن الله المال والجاه إن جعل الأفلام في خدمة العوام، وصير الرعاة أتباع السوام.
الأربعاء 23 رجب/10 مايو
ذلك هدى الله
ما عن المنزل عندي خبر
غير أن أسمع صوت الجرس
الغيب لله والمستقبل عنده، وكثيرا ما تلتمس الأعلام، وتشتبه السبل، ويحار العقل ويضل البصر. وكثيرا ما تحيط بنا الشبه ويثور فينا الشك. وكثيرا ما تعترض العقبة، وتبعد الشقة، ويساورنا اليأس ويكاد يغلبنا الضجر.
ولكنا على العلات في سبيلنا ماضون، وعلى كثرة المضلات على الطريقة مستقيمون، وللعقبات مقتحمون. ينير على البعد بصيص، ويهب من قبل المنزل نسيم فتتوجه إلى الغاية القلوب، ويتحرك شطر القطب الوجدان.
نامعلوم صفحہ