139

وآخرون بين الذكر والغفلة، تضلهم أهواؤهم وتزين لهم منكراتهم ثم يذكرون فيندمون وينزعون إلى الخير ويستغفرون. وأولئك أكثر الناس، وكثير من هؤلاء يذكر فيفيق فيندم فما يزال بنفسه حتى يعد في الصالحين.

وجماعة في ذكر دائم، وتقى مستمر، ولكن تدرك أحدهم غفلة فيهفو، وتأخذه سنة فيغفو ثم يعود على نفسه باللوم، وعلى خطيئته بالندم والتوبة، فتكون الزلة وسيلة إلى علاج نفسه، وتقدمها في سبيل الخير. وأولئك هم التوابون، وإنهم لفي الدرجات العالية.

وآخرون مصطفون، هم في ذكر لا يفتر، ويقظة لا تدركها سنة، وهم في رقي دائم، وعروج مستمر، سائرون كل لمحة، عاملون للخير كل ساعة، قد خلصت سرائرهم لله، وفنيت إرادتهم فيه، فهم فيه يفكرون، وبه يريدون، وله يعملون. وهم في هذه الدنيا كالنجوم والشمس والقمر يسيرون بقوانين الله على سنة الله، لا يتخلفون ولا يحيدون. وأولئك هداة الله في خلقه، وأمناؤه في عباده، ورسله إلى الناس.

هؤلاء هم النبيون والصديقون والمقربون، وقليل ما هم.

الأربعاء 29 ذي الحجة/11 أكتوبر

مرتب الموظف ثمنه

هذا فلان في الدرجة الرابعة مرتبه في الشهر كذا، وهذا في الدرجة الثانية مرتبه كذا، وعلاوته كل سنتين كذا.

قد خطب فلان إلى فلان ابنته وهذا الخاطب في الدرجة الخامسة مرتبه كذا، وينتظر أن يرقى إلى الرابعة قريبا.

كيف يتطاول فلان على فلان وهو في الدرجة السادسة، وفلان هذا في الدرجة الرابعة؟ هم درجات عند الناس على قدر درجات الوظائف وعلى قدر مرتب كل درجة.

إن كان قدر الإنسان على قدر درجته، والدرجة مالية لها مبدأ ونهاية، فقد قدر الإنسان بمقدار ما يوظف له من المال، فماذا يفرق بين هذا وبين الثمن في تقويم المتاع والأنعام؟ فلان درجته في المال كذا فهو أكبر من فلان، وهذ الحصان ثمنه كذا فهو أغلى من ذاك الحصان، ولا أود أن أتجاوز الحصان إلى غيره.

نامعلوم صفحہ