حرف تفصيل نابت عن حرف الشرط وفعله.
وبعد بضم الدال وأجاز الفراء أما بعد بالنصب والتنوين وأجازه هشام بفتح الدال دون تنوين، وأنكره النحاس وفي علة ضم يعد للنحويين بضعة عشر قولا وهي كلمة توضع في صدور الرسائل عند إرادة المقصد قال ثعلب: معناها خروج عما نحن فيه إلى غيره وفيها معنى التنبيه. وقول الشيخ، وإياك: خطاب للمؤدب العابد محرز وإن كان دخل معه في الضمير في أعاننا ولكن أراد أن يفرده بالذكر لأنه الذي سأله تأليف الرسالة وهكذا قال غير واحد من التونسيين وغيرهم كابن سلامة وناصر الدين.
وقال أبو زيد عبدالرحمن بن الدباغ القروي صاحب معالم الإيمان الذي سأله تأليفها هو الشيخ الصالح أبو إسحاق إبراهيم السبائي وهو ضعيف ولا يقال إنهما معا سألاه وأسعهما جميعا لأن إفراد الضمير يأباه، وأيضا فإنه قوله: كما تعلمهم حروف القرآن يدل على أنه المؤدب محرز لأني لا أعلم أحدا ممن تعرض لمناقب أبي إسحاق ذكر أنه كان مؤدبا وقدم الشيخ نفسه في الدعاء تأديبا بآداب الشريعة بالكتاب والسنة، أما بالكتاب فقوله تعالى: (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) [محمد:١٩]
(رب اغفر لي ولوالدي) [نوح:٢٨]
(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) [الحشر:١٠]
، وأما بالسنة فروى أو داود في سننه أنه ﷺ كان إذا دعا بدأ بنفسه وقال ﷺ "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" فإذا طلب تقديم النفس في الدنيا فطلبه في أمور الآخرة أولى وقال الشيخ ناصر الدين خلاف ذلك قال: فإن قلت لم قدم نفسه في الدعاء وكان الأولى تقديم غيره فيقول أعانك الله وإياي، إذ هو أتم في الإيثار.
فالجواب لا نسلم أنه قدم نفسه فقط لجواز أن يكون الضمير في أعاننا أراد به نفسه والسائل، فإن قلت: لا فائدة إذن في قوله وإياك قلت فائدته تحقيق الغير في الدخول. والرعاية والحفظ والكلأ والمراقبة، كلها بمعنى واحد وهو القيام بالشيء والاحتفال به.
والودائع: الأمانات وقيل العبادات كالوضوء والصلاة وقيل الجوارح وقيل لا يمتنع أن تكون الودائع مجموعة ما تقدم لأن الإنسان راع على جوارحه وعبادته وجميع
1 / 11