كلمة حق أريد بها باطل. فقال الأستاذ: سبحان من لم يقع في ملكه إلا ما يشاء فالتفت عبد الجبار وعرف وفهم عنه فقال له: أيريد ربنا أن يعصى؟ فقال له الأستاذ: أفيعصى ربنا قهرا؟ فقال له عبد الجبار: أرأيت إن منعني الهدى وقضى علي بالردي أحسن إلي أم أساء؟ فقال له الأستاذ إن كان منعك ما هو لك فقد أساء وإن كان منعك ما هو له فيختص برحمته من يشاء فانصرف الحاضرون وهم يقولون والله ليس عن هذا جواب.
واختلف العلماء هل يجوز إطلاق القول بأن الله سبحانه أراد الكفر والمعصية أم لا فقال عبدالله بن سعيد القلانسي لا يجوز إطلاق ذلك وإن صح في الاعتقاد لأن الإطلاق يلزم فيه الأدب مع الله تعالى ولأن ذلك يوهم أن تكون المعصية حسنة مأمورا بها كما نقول الأفعال كلها الله تعالى ولا نقول الصاحبة لله تعالى.
وقال غيره يجوز ذلك وليس ما مثل به مطابقا لأن الإيهام في هذا المثال قوي والإيهام في الأول ضعيف وهو من باب لزوم الأدب فيمكن أن يمنع. قال ابن العربي قال شيخنا والصحيح جواز ذلك كله حيث لا إيهام ومنعه حيث الإيهام والرب هو المصلح للمربوب القائم بأموره الخالق لمنافعه الرافع عنه مضاره.
والبتاعث اسم من أسمائه ومعناه هنا الباعث الرسل بالأمر والنهي إلى المكلفين من عباده والأمر والنهي يرجعان إلى كلامه ﷿ فيكون الاسم على هذا من أسماء الصفات والرسول هو المبلغ عن الله ﷿ أمره ونهيه بإذن الله تعالى ووحيه.
وأشار بقوله لإقامة الحجة عليهم إلى قوله تعالى: (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) [النساء: ١٦٥]
وإلى قوله (أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير) [المائدة: ١٩]
الآية. وقالت المعتزلة انبعاث الرسل ﵈ حكم واجب بالعقل بناء منهم على التحسين والتقبيح والصلاح والأصلح وهو باطل. وقالت البراهمة انبعاث الرسل محال ولا فائدة في ذلك والمعتزلة أفرطوا وتحكموا على العزيز وهو تعالى حليم لا يعجل والبراهمة فرطوا فجهلوا أمر ربهم.
(ثم ختم الرسالة والنذارة والنبوة بمحمد نبيه ﷺ فجعله آخر المرسلين بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا) الختم لغة الطبع والتغطية على الشيء بحيث لا يدخله شيء الخاتم الطابع وفيه أربع لغات خاتم بفتح التاء وكسرها وخاتام وخيتام واعلم أنه يلزم من ختم النبوة ختم الرسالة ولا ينعكس، ولذلك قال الشيخ ثم ختم الرسالة والنذارة والنبوة فلو قال النبوة في صدر كلامه لم يمكنه أن يقول بعدها والرسالة والنذارة
1 / 35