وقال السيد علي بن أبي طالب ﵁ بمحضر الجمهور من الصحابة ﵃ أني ما حكمت مخلوقا إنما حكمت القرآن وسمع ابن عباس ﵄ رجلا وهو يقول يا رب القرآن فنهاه عن ذلك وقال القرآن غير مربوب وإنما المربوب المخلوق فمن قال القرآن مخلوق يؤدب أشد الأدب.
وروي عن مالك أن رجلا سأله عمن يقول القرآن مخلوق فأمر بقتله وقال هو كافر بالله وقال لسائل وإنما حكيته عن غيري فقال له مالك إنما سمعناه منك قيل وهذا من مالك ﵀ إنما هو على وجه الزجر والتغليظ بدليل أنه لم ينفذ قتله.
(والإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره):
وكل ذلك قد قدره الله ربنا ومقادير الأمور بيده ومصدرها عن قضائه قال بعض الأئمة أجمعوا على أن قدر الله هو عين إرادته لقول العرب قدر الله كذا أي أراده، وما ذكرناه عن بعض الأئمة نقله ابن سلامة، ونقل التادلي عن ناصر الدين عن بعضهم أن القدر غير الإرادة واختلفوا في قضائه فمنهم من رده إلى الإرادة ومنهم من رده إلى الفعل والخير المراد به الطاعة والشر المراد به المعصية والحلو لذة الطاعة والمر مشقة المعصية. وقيل الحلو والخير لفظان مترادفان وكذلك الشر مع المر والإيمان بالقدر واجب لا يصح الإيمان بدونه وقد تبرأ عبدالله بن عمر ﵄ ممن أنكر القدر وقال لا يتقبل الله منهم وعنه ﷺ أنه قال: "لعنت القدرية على لسان سبعين نبيا آخرهم أنا".
وقال: "القدرية مجوس هذه الأمة" والقدري هو مدعي القدر لنفسه وقد روي عن علي بن أبي طالب ﵁ أنه قال لقدري: أتقدر بالله أم دون الله فإن قلت بالله فأنت مؤمن وإلا ضربت عنقك.
(علم كل شيء قبل كونه فجرى على قدره لا يكون من عباده قول ولا عمل إلا وقد قضاه وسبق علمه به):
هذا راجع إلى ما تقدم وأن الأفعال مخلوقة لله ﷿ خلافا للقدرية المثبتين مع الله خالقين كثيرين تعالى الله عن قولهم وتقدس مع أنا لا نقول بالجبر المحض بل نثبت للإنسان الكسب التهيؤ الذي أثبته له الشرع وقد نطق به القرآن العزيز في آي كثير كقوله تعالى: (إن كنتم لا تعلمون) [النحل: ٤٣]
(بما كنتم تكسبون) [يونس: ٥٢]
ونحو ذلك ولأن كل واحد يفرق بين حركة المرتعش وغير المرتعش فإن
1 / 33